كانت تحلم بأن تكون طبيبة لكن شاءت الأقدار أن تسلك مسارا دراسيا مغايرا تماما، خيبة الأمل في عدم تجسيد الحلم الذي راودها منذ الصغر لم يزدها إلا عزما وإصرارا على تحقيق شيء ما، لم تكن تدري ما هو بالضبط لكن الصدفة والتخصص الدراسي في مجال الهندسة والميكانيك دفعا بالباحثة الجامعية السيدة لويزة بن عزوق حرم الباحث الفيزيائي أمين إلمان نجل الخبير المالي المتميز البروفيسور إلمان محمد الشريف إلى إنجاز بحث في صناعة الملاحة الجوية في فرنسا أبهر لجنة التحكيم الأجنبية وشرفت الباحثين عموما والمرأة الجزائرية على وجه الخصوص لا لشيء سوى لأن الباحثة الشابة ذات الـ 27 ربيعا ابتكرت وأي ابتكار مادة تسمح بالتآم الشروخ المعدنية حتى لو كانت الطائرة في السماء.
والواقع أن إنجاز المبدعة لويزة المشرف والفريد من نوعه ليس الأول الذي توقعه أنامل إحدى الباحثات الجزائريات فقد سبق وأن تطرقت صفحة القوة الناعمة إلى البعض من ابتكارات النساء المتألقات اللائي حظين باعتراف وتكريم من أعلى الهيئات العالمية ولم يلتفت إليهن في بلدهن .
^القوة الناعمة: من هي الباحثة بن عزوق لويزة ؟
^^ السيدة بن عزوق: أنا باحثة في معهد الهندسة والميكانيك بجامعة بوردو 1، وفيه تحصلت مؤخرا على دكتوراه في الميكانيك بدرجة مشرف جدا وبتهنئة من لجنة التحكيم الفرنسية التي انبهرت كثيرا بالبحث التي أنجزته وخاصة اختياري للموضوع الذي لم يكن هينا.
^ هل لنا أن نعرف بعض التفاصيل حول موضوع البحث ؟
^^ عنوان البحث كان يدور حول دراسة سلوك أوكسيد سائل في معدن مركب يسمح بالالتآم الذاتي للتشققات «ماك». هذا البحث الذي أسند لي يندرج في إطار مشروع تعاون بين المعهد المتعدد التقنيات لبوردو ومجمع الطيران الفرنسي «سفران»، لأن الأمر يتعلق ببحث تطبيقي لفائدة صناعة الملاحة الجوية ويخص ثلاثة مجالات وهي علم المعادن وميكانيك السوائل والمحاكاة العددية.
فيما يتعلق بالجانب المعدني والميكانيكي لم أتلق في الواقع أية صعوبات تذكر بالنظر إلى أن تكويني الأصلي كان في هذا المجال، ولكن وفي مقابل ذلك فقد كانت المحاكاة العددية مجالا جديدا بالنسبة لي الأمر الذي تطلب مني بذل الكثير من الجهود للتحكم فيه ومن ثم استعمال برنامج للحساب العلمي لتطوير وظائف جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل انشغالاتي ولا يمكن إضافة المزيد لأن نتائج البحث الذي أنجزته هي في الواقع ملك لشركة «سافران».
^ أنت خريجة المدرسة الجزائرية ومن ثم فرضت نفسك في إحدى الجامعات الأوربية، حديثنا عن هذه التجربة التي لا شك أنها أثرت مسارك العلمي؟
^^ مساري الدراسي انطلق هنا في الجزائر وبعد نيلي شهادة الباكالوريا في علوم الحياة في سنة 2003، واصلت دراستي في جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين للحصول على شهادة مهندس دولة. والواقع لم تكن المهنة التي أرغب فيها كنت أحلم أن أكون طبيبة لما لها من أبعاد إنسانية ولهذ أخذت قرار إعادة اجتياز امتحان الباكالوريا للحصول على المعدل الذي يسمح لي بدراسة الطب غير أن الأقدار شاءت أن أواصل في نفس التخصص الأول ولكن هذه المرة بعزيمة قوية للذهاب بعيدا، بدءا بإنهاء الدراسة الجامعية بالتفوق وحصولي على الشهادة بدرجة جيد جدا في سنة 2009 ومن ثم مواصلة ما بعد التدرج في الخارج. وفي نفس السنة تمت خطبتي على طالب في الفيزياء وهو إلمان أمين، سبقني في مواصلة دراسته في فرنسا بسنة فقط والتحقت به في سبتمبر 2009 للحصول على الماستير 2 بحث في مجال الهندسة العملية والفيزياء الكيميائية.
^ كيف بدأت مسارك في مجال البحث العلمي ؟
^^ اختياري لماستير بحث، كمرحلة أولى في مساري في مجال البحث العلمي لم يكن وليد الصدفة حيث وبعد التربص الهام الذي قمت به على مستوى مركز البحث النووي في الجزائر حول المشاكل البيئية ملكتني رغبة كبيرة في المضي في هذا النهج. وكان أول الطريق في تطور مساري كباحثة التربص الذي أجريته في إطار الماستير 2 في مخبر الميكانيك والتصميم والطرق النظيفة وكان ذلك في مدينة «إكس أون بروفونس» بفرنسا، ثم تعمقت رغبتي في مواصلة البحث العلمي من خلال الدكتوراه ولم يكن الأمر سهلا إذ كان علي أنا وزوجي إيجاد الجهة الممولة للبحث الذي سينجزه كل واحد منا وتحقق ذلك ولكن في مدينتين مختلفتين حيث اضطررنا إلى الابتعاد عن بعضنا لمدة ثلاث سنوات ولم يكن الأمر هينا لكلينا.
^ حدثينا عن الظروف العامة التي أنجزت فيها بحثك العلمي؟
^^ الواقع أنني وجدت نفسي في بادئ الأمر مضطرة للتكيف مع الوضع الجديد في مجال البحث لنيل الدكتوراه خاصة أنني كنت بمفردي وبالفعل استطعت تجاوز العديد من العقبات، ولم يكن يشغل بالي سوى التقدم في أبحاثي في الاتجاه الصحيح بوتيرة عمل سريعة وطويلة تعدت في كثير من الأحيان 14 ساعة عمل في اليوم واتصالات عديدة مع باحثين غربيين خاصة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
^ بعد أن حققت رغبتك في الحصول على هذه الشهادات العلمية ما هي مشاريعك المستقبلية؟
^^ بودي أن أقول أن أي بحث ينجز هو أولا وقبل كل شيء إثراء للباحث واستثمار مهني لمستقبله، أما ما تعلق بمستقبلي فإنني في الوقت الراهن بحاجة إلى أن أتنفس قليلا وآخذ قسطا من الراحة بعد عناء طويل وضغط كبير خلال الدراسة في فرنسا ومن ثم فإنني أنوي التوجه نحو المؤسسة ذات البعد الإنساني أكثر من تلك المتعددة الجنسيات.