"ألزم بيتك، تحفظ نفسك والآخرين"، عبارة رددها أكثر من فنان وفنانة وجددت التأكيد عليها في ومضات إشهارية شخصيات ثقافية لها وزنها وشهرتها، مع ذلك لازالت الرسالة لم تصل كما ينبغي إلى كافة شرائح المجتمع، حيث فضل مواطنون، بعنادٍ، السير عكس الاتجاه، غير مدركين بأخطار الفيروس التاجي الذي يتكاثر أكثر وينتشر أسرع أثناء التجمعات والتجمهر، جاعلا من عدم التباعد بين الناس بؤرا وبائية بامتياز.
لهذا كان ولازال التأكيد في حملات التحسيس والتعبئة على جدوى الإلتزام بالتدابير الاحترازية، لاسيما ما تعلق منها بالعزل المنزلي والحجر الصحي، باعتباره أقوى الخيارات أمناً وآماناً لتفشي الفيروس المتمادي في زرع رعب وهستيري، فارضا أقصى استنفار بحثا عن علاج يؤمِّن البشرية من وباء العصر ويبعد عنها الكابوس المفزع.
بالأمس فقط، رددها وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد، قائلا بأعلى الصوت: «إن قهر فيروس كورونا يتوقف على المواطن وحتمية التزامه بتدابير الوقاية، بدءا بالمكوث في المنزل بعيدا عن أية مغامرة مكلفة». ودعم هذا الطرح، أطباء ومختصون يقاومون الداء في الجبهات الأولى، مناشدين المواطن المتردد، التجاوب بتلقائية ولطافة لإجراءات الوقاية باعتبارها الممر الحتمي للسلامة الصحية.
ولم يبتعد آخرون عن هذا المسار، حيث انخرطوا بتلقائية في حملات التحسيس، مرافقين الجهد الوطني في التصدي لفيروس سريع الانتشار، لا يفرق بين أحد في تفشي عدواه، لكن الرسالة لم تصل إلى قلوب عامة المواطنين الذين أغمض بعضهم الأعين وصمّوا الأذان، متمادين في سلوكات معزولة تحمل كل المخاطر على الذات والآخرين.
هم يقومون عمدا بهذا التصرف، متجاهلين الصور المروعة عن آلاف الضحايا الذين يسقطون يوميا عبر المعمورة والتحذيرات المقدمة من صنّاع السياسة والصحة بشأن التقيد الصارم بالحجر والعزل ولو باستعمال القوة العمومية متى اقتضت الضرورة الصحية ذلك.
إنه إجراء ردعي يفرض بالجزائر التي تعرف تزايدا مخيفا في عدد الإصابات والوفيات جراء انتشار الفيروس التاجي، الذي بلغ درجة خطرة تضرب عمق الأمن الوطني وتهدد أسس المنظومة الصحية، مما يستدعي مقاربة وطنية جادة يتجاوب معها الجميع؛ مواطنون ومؤسسات «اليد في اليد» من أجل تطبيق التدابير الاحترازية، بلا تحفظ، باعتبارها منطلقَ حل لكبح جماح فيروس»كوفيد-19»، أثبتت التجربة أن الوقاية منه الخيار الآمن، في انتظار الدواء السحري العجيب.