طباعة هذه الصفحة

كورونا يهدد الحياة... وليس الجوع

فربال بوشوية

تلقى الجزائريون الذين لهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الثلاثاء رسالة نصية، مفادها توقف محطات البنزين عن الخدمة، بعد إعلان حجر شامل على العاصمة، في إطار مواجهة كورونا، والنتيجة كانت طوابير لا تنتهي منذ الساعات الأولى من صباح أمس، راسمة صورة لا تختلف كثيرا عن مشاهد تزاحم خلالها المواطنون منذ أيام من أجل شراء مادة السميد، لنقع بذلك في فخ الفيروس، بكسر أهم قاعدة وقائية والمتمثلة في التباعد الاجتماعي والبقاء في البيوت.
رسالة أدخلت الذعر في نفوس المواطنين الذين سارعوا إلى اقتناء البنزين والسميد والمواد الضرورية، مع الإغفال التام لسبب الذعر المتمثل في «كوفيد-19»، وهو في أوج الانتشار ما يؤدي بالضرورة إلى عواقب وخيمة، وتكرار سيناريوهات وقعت على الضفة الأخرى من المتوسط.
الرسالة أكيد ان محتواها وإن أريد به تنبيه المواطنين، إلا أنها كارثة، لأن الجزائري الان ليس بحاجة الى بنزين ومخزون من الغذاء لشهر من الزمن، بقدر ما هو بحاجة الى البقاء في بيته، لأن المرض دخل المرحلة الاولى من الذروة للانتقال بالجزائر في أيام معدودات.
الكل يعلم ان الايام الأولى من الشهر الجاري، وتحديدا الاسبوعان الاوليان سيكونان حاسمين، فبعد انقضاء فترة الحضانة ينتشر الفيروس مثل الهشيم في النار، ولا سبيل الى إيقافه الا من خلال الاختبارات المكثفة للأشخاص، وهو ما أثبتته تجارب دول نجحت في احتوائه، على غرار كوريا وألمانيا، وعوض التركيز على هذا الجانب يتم إرسال رسائل تخويف المواطن، تفيد بنقص فادح في المواد الغذائية والبنزين، الذي يجد نفسه في فخ طوابير، تبدأ ولا تنتهي مشكلة بذلك أكبر فضاء لنشر الموت المحقق.
ورغم التطمينات بتوفر كل المواد الضرورية، التي تغطي احتياجات أشهر حتى وان تم إقرار الحجر، الا ان المواطن بات هاجسه الوحيد كيس السميد والحجر الوشيك على العاصمة، التي تخضع حاليا لحظر التجوال، يبدو أنه غير كاف، بحسب الاطباء والمختصين، الذين يتابعون تفشي الفيروس الفتاك، الذي يغادر كل يوم بيته في رحلة البحث عنها والأمر لا يقتصر على العاصمة بطبيعة الحال.
المواطن ينبغي أن يعي بأن الخروج من البيت في غصون الأسبوعين المقبلين يشكل خطرا فعليا على نفسه وعائلته وجيرانه، لابد أن يدرك أن من يقتل في هذه الأثناء «كوفيد-19»، وليس الجوع أو سيارة دون وقود.