وجدت المؤسسات الصحية نفسها في طوارئ لمواجهة وضع آخر لا يقل خطورة عن انتشار فيروس كورونا المستجد، المتمادي في حصد الأرواح البريئة بلا تمييز، مخترقا الأوطان والحدود.
وضع أحدثته المعلومة المغلوطة «فايك نيوز» التي تغذي الإشاعة وتكرّس حالة من التهويل تحمل المخاطر الأكيدة على النسيج الاجتماعي والتكاتف الوطني والجهد التضامني الذي تصنعه الجزائر في ظرف عالمي مضطرب.
لا تمر لحظة، إلا ونطالع أخبارا تكذّب ما يتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي من أناس تحولوا في ظل الرقمنة الكاسحة إلى «إعلاميين»، معطين لأنفسهم «حقوقا فوق العادة»، ضاربين عرض الحائط أخلاقيات المهنة ومصداقية الوظيفة، همّهم التأثير على الرأي العام وتوجيهه حسب نواياهم وأغراضهم، لا وفق ما تفرضه المصداقية والشفافية، تطبيقا للقاعدة المعروفة «الخبر مقدس».
تتضح الصورة أكبر لكل متتبع للشأن الوطني في هذا الظرف الحساس الذي تخوض فيه البلاد معركة مصيرية لمواجهة أخطر وباء لم تألفه البشرية من قبل، حيث يسجل تمادي بعض من ينتسب إلى ما يسمى بـ «إعلام المواطنة» و»السماء المفتوحة» في اتخاذ الفضاء الأزرق منبرا للإشاعة والمضاربة، محاولا الإضرار بالجهد الوطني في التكفل بالمصابين بفيروس كورونا، من خلال التدابير الصحية المجنّدة والإجراءات الاحترازية التي اعتمدت مبكرا غداة الإعلان عن الوباء التاجي بمنطقة ووهان الصينية، وهي إجراءات عرفت وتيرة متصاعدة حسب الظرف والطارئ.
رغم التقارير الطبية التي تعطي أدق التفاصيل عن الحالات المسجلة والوفيات، مذكّرة بجدوى التدابير الاحترازية التي يراهن فيها على التزام المواطن بها بصفته الشريك الأساسي في إنجاح العملية، يستمر «الإعلام الموازي» في التحرك عكس الاتجاه، مضخّما الأرقام عبر تصريحات يتم الإدلاء عبر مواقع افتراضية، كل يدّعي امتلاكه الحقيقة.
لم تكلف هذه المنصات المغرضة نفسها عناء التحري عند الحديث عن صعوبات في الميدان، لكنها تسعى عن قصد للتأثير دون جدوى على الجهد الوطني، مفبركة معلومات مدسوسة بغرض بث الشكوك والمغالطة.
إنه واقع يواجهه الإعلام الوطني، الذي وجد نفسه أمام مسؤولية رفع درجة اليقظة والتأهب في سبيل مرافقة العمل الصحي ونشر معلومات دقيقة عن الوضع الوبائي بالجزائر، استنادا الى مصدرها، ورصد عمليات التضامن التي يصنعها مواطنون ومؤسسات في الميدان بتقديم يد المساعدة إلى سكان ولايات تحت الحجر الصحي وآخرين في مناطق الظل البعيدة والقريبة، مثلما توضحها القوافل الإنسانية مقدمة أروع صور التآخي، معيدة للأذهان قيمة التكافل الوطني وما يحمله من روح المواطنة وقيم الوطنية التي تعلو ولا يعلى عليها.