المواطن حجر الزاوية في السياسة الوقائية
ثمّن الباحث في علم الفيروسات محمد ملهاق، أمس، قرار وضع ولاية البليدة تحت الحجر الصحي الكامل لمدة 10 أيام وتمديد الحجر الصحي إلى إقليم العاصمة والولايات التي شهدت حالات، مؤكدا أن القرار جاء بناءً على معطيات الوضع الراهن وما تقتضيه المرحلة الوبائية واقتداء بالتجربة الصينية التي سيطرت على الفيروس بعد فرضها حصارا عاما على مقاطعة ووهان، مشيرا أنها الإجراءات التي تدخل في إطار السياسة الوقائية ضد «كوفيد-19» يلعب فيها المواطن دورا إيجابيا في وقف زحف الوباء.
أوضح البيولوجي السابق بمخابر التحاليل الطبية محمد ملهاق، في اتصال بـ»الشعب»، أن علم الوبائيات يقتضي أخذ القرارات حسب مراحل انتشار الفيروسات، خاصة وأن الجزائر مرت بمرحلة صفر والمرحلة الثانية والثالثة وستدخل المرحلة الرابعة وهي الأخطر في حال لم تتخذ الإجراءات الوقاية التي جاءت في وقتها لمنع انتشار الفيروس إلى كل ولايات الوطن، مشيرا أن متطلبات المرحلة الثالثة تقتضي الذهاب إلى هذه القرارات، مستندا في ذلك بتجارب الدول الأخرى، على غرار الصين، في التغلب على هذا الفيروس من خلال الحجر الكلي لمقاطعة ووهان التي تضم 56 مليون نسمة.
وأضاف، بشأن إجراءات الحجر لمنطقة البليدة، أن الدراسة التحليلية للمختصين في الأوبئة وعلم الفيروسات تقول، إن نصف الإصابات موجودة في البليدة ونصف الوفيات من تلك المنطقة والإصابات الأخرى في الولايات 16 المتبقية، ما يؤكد أن قرار الحجر الكامل جاء بناءً على معطيات علمية حول البؤرة الوبائية وهو إجراء احترازي تحفظي معمول به في كل الوبائيات، من أجل محاصرة المصدر، خاصة وأن معادلة الأوبئة تفرض في هذا الوضع الحصر وعزل الفيروس من أجل القضاء عليه نهائيا، إلى جانب الدواء الذي أعلن عنه سيتمكن من معالجة المصابين، بمعنى الحصر، زائد العزل، زائد الدواء للقضاء على الوباء.
وفي توضيح له حول الحجر الجزئي على العاصمة من الساعة السابعة مساء إلى السابعة صباحا، جاء من منطلق عدد الحالات المسجلة في العاصمة والتي تقتضي محاصرة الفيروس لمنع تحولها إلى بؤرة وبائية، مؤكدا أنها قرارات جاءت لتعزيز آلية وقف انتشار الوباء الذي يستوجب درجة عالية من الوعي وروح المسؤولية، وهذا بالرغم من ارتفاع نسبة الوعي التي بلغت 80٪ في الأيام الأخيرة، لكن تبقى بعض التصرفات والسلوكيات تفرض تطبيق هذه القرارات لعدم الوصول إلى الردع ومنع الخروج من المنازل في حال الذهاب للمرحلة الرابعة، لا قدر الله.
واستند ملهاق في تحليله إلى النظرية الوبائيات التي تعتمد سلسلة إجراءات: المحاصرة، العزل والدواء للتغلب على هذا الفيروس سريع الانتشار. والجزائر اليوم أمامها تجارب ناجحة دوليا، يجب الاستعانة بها والعمل عليها للخروج من الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد وأن تتعظ من تجربة إيطاليا المريرة التي استسلمت للوباء من أجل أن لا نصل إلى ما هي عليه، رغم أنها بلد متقدم علميا غير أنها فشلت في مكافحة الوباء بعد خروجه عن السيطرة وعدم العمل بالإجراءات الوقائية.
وقال الباحث في علم الفيروسات، إن تقيد المواطن بالإجراءات الوقاية واحترام قرارات الرئيس بعدم الخروج من المنازل والتجمع ليلا وعدم فتح المقاهي والمحلات وقاعات الحفلات، سيساعد في التغلب على الفيروس الذي يمكن التحكم فيه في المرحلة الثالثة قبل خروجه عن السيطرة، مستحسنا في ذات السياق استجابة بعض المواطنين مع الإجراءات الوقائية بإيجابية وجدية للتغلب على الفيروس وهذا ما أثبت علميا في الوبائيات، خاصة عندما يكون العدو مجهريا وينتقل بسرعة.
الدواء عامل إيجابي في تطبيق النظرية الوبائية
إلى جانب حصر وعزل الفيروس وإعلان وجود الأدوية للعلاج، ستتمكن الجزائر من التغلب على الوباء العالمي. غير أن وعي وإشراك المواطن في السياسة الوقائية، يبقى العامل الأساسي للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.
بالمقابل، أوضح الباحث في علم الفيروسات، بالنسبة للبروتوكول العلاجي لمزج دواء كلوروكلين مع الأزيطوا، أن هذه الأدوية كانت موجودة من قبل وتستخدم في علاج الملاريا، حيث كان يحقن الجزائريون الذين يذهبون لإفريقيا وأوروبا كدواء وقائي، الأول مضاد للملاريا والثاني مضاد حيوي، مشيرا إلى أن هذا الدواء تم تجريبه في الصين وفي أكبر مخابر علم الفيروسات بمرسيليا، حيث أعطى نتائج إيجابية ومدة العلاج تكون من 5 إلى 6 أيام.
وأضاف ملهاق، أن هذا الدواء يعتبر الأنجع في الوقت الحالي لإنقاذ المرضى من الموت، مبرزا أن الطبيب المعالج هو الوحيد المؤهل لاستخدام هذا الدواء على الحالات التي يراها متضررة، منتقدا تصرفات بعض المواطنين الذين يهرعون للصيدليات لاقتناء دواء كلوروكلين، علما أن هذا الأخير يعطى بوصفة طبية.
في هذا السياق، أشار الباحث في علم الفيروسات، أنه في الوقت الراهن لا يوجد علاج فعال وموجه لفيروس كورونا، كلها تجارب أدوية سابقة وتزاوج الدواءين أعطى نتيجة لإنقاذ الحياة البشرية، قائلا: «ما يهمنا هو توقيف الوباء وحماية المرضى، فالبروتوكول الدوائي لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الوفيات».