المراكب الرسمية ترافقهم من السجن إلى المحكمة مثل الأمس
26 شقة، 7 فيلات، 25 عقارا، 18 قطعة أرضية و3 مزارع في عدة ولايات؟
تواصلت بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة، جلسات محاكمة المدير العام الأسبق للأمن الوطني عبد الغني هامل، رفقة خمسة من أفراد عائلته، ثلاثة أبناء، رهن الحبس الاحتياطي وهم ، «أميار، مراد، شفيق»، فيما توجد كل من زوجته لعناني سليمة وابنته شهيناز تحت الرقابة القضائية، وذلك منذ شهرجويلية الماضي، حسب قرار الايداع الصادرفي حقهم من طرف قاضي التحقيق لذات المحكمة، بتهم ذات صلة بقضايا فساد من بينها «تبييض الأموال، الثراء غير المشروع، استغلال النفوذ، الحصول على أوعية عقارية بطرق غير مشروعة»، يتابع معه وزراء سابقون كانوا ولاة الجمهورية لكل من وهران وهما زعلان عبد الغني «موقوف»، عبد المالك بوضياف غير موقوف وموسى غلاي والي تيبازة «موقوف» بالإضافة إلى متهمين آخرين من بينهم مدير ديوان التسيير العقاري رحايمية.
في حوالي الساعة العاشرة ونصف يدخل المتهمون، يتقدمهم، زعلان عبد الغاني والي وهران الأسبق، ويداه تسبقان خطواته إلى الأمام مكبلتين، يتبعه هامل عبد الغني، ثم موسى غلاي والي تيبازة الأسبق، ورحايمية مدير الاوبيجي بحسين داي، ثم يلتحق بقفص المتهمين أبناء المتهم الرئيسي «أميار، شفيق، مراد»، فبعد جلسة الاستماع الى المتهم الرئيسي عبد الغاني هامل الأربعاء المنصرم، تبدأ الرئيسة في المناداة على المتهمين ثم الشهود فالأطراف المدنية، كما نادت على الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال بصفته شاهدا رفقة مجموعة أخرى من الوزراء، لم يكونوا حاضرين بقاعة الجلسات.
لعناني سليمة من ماكثة بالبيت إلى صاحبة مشروع روضة الأطفال
في جلسة اليوم الثاني من المحاكمة، واجهت قاضية الجلسة، زوجة ھامل، سلیمة لعناني بعدة تهم، من بينها، جنحة الحصول على وثائق دون حق تصدرھا الدولة، تبییض أموال ناتجة عن مصادر عمومية في إطار جماعة إجرامية، التستر على مصادر غیر مشروعة وعقارات باسمها، الثراء الفاحش.
وهي تجيب على أسئلة القاضية، نفت زوجة «الجنرال هامل» ، كل التهم المنسوبة إليها، وقالت بأنها تحمل شهادة أستاذة في اللغة الفرنسية، لكنها منذ مدة طويلة، ماكثة بالبيت لرعاية شؤون الأسرة، حيث صرحت بأنه ليس لديها دخل، ففكرت في إنجاز مشروع يتعلق بروضة للأطفال، بعد أن تقدمت بطلب إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري بحسين داي سنة 2015، باسمها الشخصي، وليس كزوجة للمدير العام للأمن الوطني، حيث منحها الديوان تسعة 9 محلات تجارية مفتوحة على بعضها في عمارتين، تبلغ مساحتها 780 متر مربع، وقامت بإشهارها في الدفتر العقاري، بعد إمضاء العقد بالتراضي، على أن تسدد قيمته المقدرة بـ 22 ألف دج للمتربع المربع الواحد، ولكنها بعد أن زارت الموقع لم يعجبها، لأنه كان عبارة عن مكان غير آهل بالسكان.
وهو نفس التصريح الذي أدلى به المتهم الرئيسي عبد الغاني هامل، بعد زيارته للمكان رفقة ابنه مراد، الذي تكفل بكل شيء يخص هذه المحلات.
وفي ردها على سؤال آخر يتعلق بامتلاكها لشقة بسطيف، ردت لعناني سليمة، بأن الشقة هدية من والدتها إليها، اشترتها سنة 2009، من عند مرقي عقاري، تبلغ مساحتها 120 متر مربع، فيما تكفلت أختها القاطنة بنفس الولاية، بمصاريف إعادة ترميمها كما نفت شراكتها، في شركة «حلب سارل» للنشر وتوزيع النشريات المكتوبة.
آميار، من الفلاحة إلى مؤسس امبراطورية العقار
كان أول أبناء اللواء الأسبق المتهم عبد الغاني هامل، المتواجد رهن الحبس المؤقت، وهو الابن البكر، وكثيرا ما يلقبونه «بالهامل بيس»، نظرا لبنيته المورفولوجية، التي تشبه والده إلى حد كبير، لذلك منح لنفسه البطاقة البيضاء، للولوج إلى كل ولاة الجمهورية، وحيثما وقعت عيناه على عقار، أرض فلاحية أو مسكن، فلا يلبث طويلا، حتى ينقض عليه، بطرق ملتوية، واضعا صورة ومكانة والده في المحك.
صاحب 35 سنة من العمر، رغم امتلاكه لشهادة مهندس دولة في التجارة الدولية، إلا أنه اختار الزراعة، وهو ثاني متهم تسأله القاضية، موجهة له، تهما، تتعلق بجنح حصول على وثائق بغیر حق وتقديم شهادات غیر صحیحة وتبییض أموال، تحريض أعوان الدولة، حيث اعترف بالأملاك التي يمتلكها في عدة ولايات، والتي من بينها
في وهران: يحوز على قطعة أرضية فلاحية بحاسي بونیف، مسكن فردي، قطعة أخرى ذات امتیاز ببلدية الكرمة، مساحتها 5920 متر مربع، قطعة أرضية في السانیة، مسكن في عین ترك تبلغ مساحته 285 متر مربع، قطعة أخرى فلاحیة بوھران أكثر من 17 ھكتار، محل في إطار إيجاري مساحته 116 متر مربع.
❊ تلمسان : يحوز على قطعتين أرضيتين صالحتين للبناء بالمنصورة، قطعة بالرمشي بمنطقة النشاطات بتلمسان،
❊ العاصمة : يحوز على فیلا من ثلاث طوابق في بلدية بوشاوي
❊ تيبازة : يحوز على مسكن مع مرآب خاص بعین تقورايت
وفي عين تموشنت: يحوز على قطعة أرض زراعية وأخرى للبناء، بالإضافة إلى هذه العقارات والممتلكات فإنه صاحب استثمارات في شركة «حلب سارل».
وفي رده عن مصادر الأموال التي سمحت له بشراء وامتلاك كل هذه العقارات، وإن كانت لها علاقة بوظيفة والده، نفى أميار ذلك، مؤكدا أنه كان يشتغل في الأرض الفلاحية وتربية الحيوانات التي كان مردودها المالي جيدا ومعتبرا، وهو ما سمح له بشراء ذلك، رغم أن عمره في تلك السنوات لا يتجاوز 22 سنة، ونشاط الفلاحة مارسه سنة 2002 فقط، مثلما هي القطعة الأرضية التي يشترك فيها مع الشاهد «عيهار» والتي دفع ثمنها 400 مليون سنتيم كما صرح.
كما قام بشراء مسكن آخر، بوسط مدينة وهران مساحته 44 مترا مربعا، بمبلغ مليار وستة مائة ألف، فيما يقدر سعر قطعة الأرض ببلدية السانية بوهران بـ 3 مليون دج؛ أما سكن عين الترك تقدر مساحته بـ 285 متر مربع، سدد ما قيمته مليار و8 مائة ألف وعمره لا يتجاوز 20 سنة.
وحين واجهته القاضية بأسماء ولاة ولاية وهران الذين تعاقبوا على تسييرها، إن كان في تواصل معهم، نفى ذلك مدعيا أنه يعرفهم عن طريق وسائل الإعلام أو الإدارات المختلفة، كما يمتلك آميار، محطة للخدمات، باسم شركة «صام» التي تم شطبها، ولديه استثمار آخر مع شركة، يتقاضى فيها أجرة 70 مليون شهريا، نافيا أن تكون له استثمارات أو أملاك يحوز عليها في الخارج.
مراد: من مهندس بطال إلى مالك عقارات ومزارع وشقق بعدة ولايات
لا يقل هو الآخر عن إخوته، من حيث امتلاكه العقارات والسكنات، لذلك فهو متابع بنفس التهم، تبيض الأموال، الإخفاء والتستر على أموال غير مشروعة من قانون الفساد، حيث أنه بدأ التجارة في سن 21 سنة، سنة 2017، بعد أن ولج عالم العقار، معترفا أنه يمتلك شقة سكنية في قاريدي اشتراها من شركة «البوشي» العقارية وهي مشهرة في سنة 2012 ، ثمنها 700 مليون دج وعمره لا يتجاوز 27 سنة.
وقام أيضا بشراء فيلا في سطاوالي بمبلغ 31680 مليون دج، سنة 2012 ، من عند أخيه وتم تخصيص الفيلا في سنة 2015 عن طريق أرباح الشركات، ثم اشترى مسكنا في المنصورة بولاية تلمسان تبلغ مساحته 151 متر مربع، وعمره لايتجاوز 17 سنة، ولديه مسكن آخر بعيون الترك بمبلغ 1500 ألف دج، بالإضافة إلى قطعة أرضية تقدر بـ 18 ألف متر مربع اشتراها سنة 2011، كما يمتلك شركة تيرام للنقل، بالإضافة إلى شركة مصحات استشفائية.
شاهيناز: من طالبة إلى مستثمرة في العقار السكني
أثناء مثول شهيناز، أمام القاضية، ظهرت في قمة الثبات وهي تجلس وسط أخيها الأصغر ووالدتها في مقدمة الصفوف، قريبة من تواجد والدها وإخوتها داخل القفص، لم تستطع البقاء على وقارها وثباتها في بداية إجاباتها على الوقائع والأملاك المنسوبة إليها، خارت قواها بالدموع، فأبكت والدها وتأثر الإخوة داخل القفص.
ومن بين الأسئلة التي طرحتها القاضية ووجهتها إليها، التزوير في وثائق رسمية، تبييض الأموال، تحريض موظفين عموميين على الفساد، الحصول على امتيازات بغير وجه حق، اعترفت شهيناز هامل، البالغة من العمر 30 سنة، وهي طالبة في الهندسة المعمارية بقسم الدكتوراه، بملكيتها لشقة سكنية ذات 5 غرف، متواجدة بحي الإخوة مالكي ببن عكنون، يقدر ثمنها بـ 12 مليون دج ، وذلك سنة 2012، حيث كان عمرها لا يتجاوز 22 سنة، وقد دفعت ثمنها على قسطين، وبلغت الدفعة الأولى 5 ملايين دج، وبقي الشطر الثاني لم تسدده حسب اعترافها أمام القاضية.
وحسب شهيناز، فإن الأموال كانت تدفعها من هبات جدتها لوالدتها، وليس من منحتها الجامعية، مبررة ذلك بقولها «جدتي كانت تعاوني من أجل مستقبلي».
كما اعترفت شهيناز بامتلاكها لمسكن آخر، عبارة عن شقتين بثلاث غرف مساحته 93 متر مربع، وهو في الأصل مسكنين تم توسعتهما على بعض ليصيرا شقة واحدة، دفعت ثمنها بـ 5 ملايين دج، ويبلغ مجموع المسكنين 10 ملايين دج.
بالإضافة إلى السكنيين السابقين، فإن المتهمة اعترفت أيضا بامتلاكها لشقة سكنية من أربع غرف، بالطابق السادس بجنان عشابو، ببلدية الشراقة، تبلغ مساحتها، 109 متر مربع، ويقدر ثمنها بـ17 مليون و 700 ألف دج، بالإضافة إلى موقف سيارات بقيمة 100 ألف دينار بمساحة 15 مترا وحسب اعترافاتها، فإن هذه الأخيرة، مسجلة بالمحافظة العقارية لذات البلدية (الشراقة) سنة 2015، وهي مستغلة من طرفها، حيث تقيم فيها الآن.
وعن سؤال طرحته القاضية، « بأن عمرها لا يتجاوز 25 سنة، وتمتلك ثمن هذه السكنات وهي دون عمل؟ «، أجابت شهيناز بأنها كانت تعمل مستشارة عند صاحب المجمع السكني المدعو «بالي»، وهو من طلب منها، اقتناء الشقة، على أن تدفع له ثمنها بالتقسيط، بالإضافة إلى أن إخوتها ساعدوها في ذلك.
لم تكتف شهيناز بما تمتلكه من سكنات، بل تحصلت على مسكن آخر، يقع بمحيط بلدية أولاد فايت مكون من أربع غرف، تحصلت عليه في إطار السكنات الاجتماعية التساهمية سنة 2014، دون وجه حق، حيث لم تقدم ملفا يتعلق بالاستفادة، بالرغم من أنها ذكرت بأن إخوتها هم من ساعدوها على دفع ذلك، وقدر سعر الشقة بـ 10 ملايين دج، معترفة أنها لم تستفد من إعانات الصندوق الوطني للسكن، ولم تجد من تبرير غير قولها «كنت عايشة تحت أجنحة إخوتي».
من حسابات بنكية محتشمة إلى «برج الأحلام»
قالت شهيناز بأن لديها ثلاثة حسابات بنكية في القرض الشعبي الجزائري بوكالة حيدرة، حيث يوجد في الحساب الأول أكثر من ثلاثة ملايين دينار دج، أما الحساب الثاني، فهو خاص بالعملة الصعبة وبه مبلغ 160 أورو، نافية استعمالها لتلك الحسابات في شراء العقارات، وأوضحت أن الأموال الموجودة، هي هدايا من أهلها عندما حازت على شهادة البكالوريا، أما الباقي ما يتفضل به عليه إخوتها من إكراميات مالية.
وعند مواجهتها مع القاضية، حول أحلامها قصد الاستثمار في إنشاء «برج الأحلام» بباب الزوار، قالت شهيناز بأنها ولجت عالم الاستثمار من أجل تجسيد هذا المشروع في بلدها الجزائر، بعد استفادتها من قطعة أرضية سنة 2014 بباب الزوار، مساحتها 7000 سبعة آلاف متر مربع، حيث قامت بتسييجها وتعيينها بمبلغ مالي قدره 3 ملايين دج، بدعم من أخويها أميار ومراد.
أما فيما يخص الايتاوات، فقد تم التعامل في هذا الشأن حسبها عن طريق اتفاقية، بين الشركة المؤسسة للمشروع وشركة أخيها مراد التي قامت بعملية التحويلات، إلا أن هذا المشروع، كان حلما من خيال فهوى، بسبب الوعكة الصحية التي تعرضت لها مباشرة بعد زواجها، مما أدى بالمشروع إلى حالة فسخ، حسبما تنص عليه الاتفاقية، وسحب منها حق الامتياز سنة 2017 وصدر الحكم في 27 جانفي 2020، وهي الفترة التي لم يكن فيها والدها يشتغل في منصبه بصفته المدير العام للأمن الوطني، وسبب ذلك الإعذارات التي كانت تصلها.
شفيق: على طريق إخوته
لم يكن الابن الآخر للهامل، من بين المتهمين الثلاثة، والمدعو شفيق، ببعيد عن امبراطورية إخوته، فهو أيضا يمتلك القدر الكافي من الإدانة في امتلاكه العقارات في كل مكان حسب الإحالة، ولو لا اسم والدهم، ما كان لهم الحصول على مثل هذه الممتلكات من سكنات وقطع أرضية، وهو يرد على أسئلة القاضية فيما يخص العقارات التي يحوزها.
أكد شفيق امتلاكه، لمسكنين في كل من بن عكنون وزرالدة قيمتهما معا 4.7 ملايير سنتيم، ويحوز على فيلا بوسط اسطاوالي، بالإضافة إلى شقة بقاريدي القبة، وسكن ترقوي بسطاوالي قيمته 2 مليار سنتيم، كما يمتلك مسكنا بحي الموز ببلدية المحمدية قيمته 2.2 مليار سنتيم، وشقة أخرى بوهران بمجمع حسناوي قيمتها 4 ملايير سنتيم.
هذه فصول من محاكمة المتهم الرئيسي، ويستمر الاستماع إلى الشهود في قضية هامل ومن معه غدا الأحد، وربما تتواصل أطوار المحاكمة إلى بقية أيام الأسبوع المقبل