حسمت فرنسا أمرها وستُجري الانتخابات البلدية في موعدها، بدءاً من بعد غد الأحد، الذي سيشهد الجولة الأولى منها، لتستمر، في جولتها الثانية والأخيرة، يوم الأحد 22 مارس.
كان على الفرنسيين أن ينتظروا حتى مساء الخميس، موعد إلقاء الرئيس إيمانويل ماكرون كلمته المتلفزة حول تطورات تفشي فيروس كورونا، ليتأكدوا من ذلك، إذ رغم تأكيدات الحكومة أكثر من مرة ظلت الشكوك قائمة حتى اللحظة الأخيرة، وظلّ قائماً معها احتمال تأجيل الانتخابات إلى حين خروج البلد من الوباء الذي يقطّع أوصاله. لكنّ الكلمة الأخيرة قيلت: «ليس هنالك ما يمنع الفرنسيين، حتى الأكثر ضعفاً منهم، من التوجه إلى صناديق الاقتراع»، ولا حتّى فيروس كورونا.
حاول ماكرون أن يكون مطمئناً، لكنّه يبدو، في كلمته، كمن يقول الشيء ونقيضه. فهو يغلق المدارس والجامعات، ويطلب من الفرنسيين التزام منازلهم وعدم التنقل إلا للحاجة القصوى، من ناحية، ويدعوهم، من ناحية أخرى، إلى التوجه لصناديق الاقتراع، رغم ما في ذلك من مخاطر عدوى محتملة. هل الانتخاب «حاجة قصوى»؟ يبدو ذلك، بالنسبة إليه على الأقل، إذ «من المهمّ في هذه اللحظة ضمان استمرارية حياتنا الديمقراطية وحياة مؤسساتنا»، وفق ما قاله.
باستثناء بعض رؤساء البلديات والمسؤولين في الأماكن الأكثر تضرراً، والذين يشكون من صعوبة إجراء الاقتراع في هذه الظروف ويطالبون بتأجيله، لا يبدو أن الأطراف السياسية في البلد معترضة على قرار ماكرون.
وليس مفاجئاً سعي اليمين إلى الذهاب بأسرع وقت إلى هذه الانتخابات، فهم يملكون حصة الأسد من البلديات الفرنسية منذ الانتخابات الماضية، ويمنّون النفس توسيع قاعدتهم أكثر هذه السنة.
وفي ما يخص تأثير أزمة فيروس كورونا على هذه الانتخابات، يُظهر استطلاع، نشره معهد «إيفوب»، أمس الجمعة، 6 مارس، أن ما نسبته 28% من الناخبين قد يمتنعون عن التصويت خشية العدوى بالفيروس.
وقال 16% من هؤلاء إن مخاطر العدوى ستمنعهم «بالتأكيد» من الذهاب للاقتراع، بينما قال 12% منهم إنهم «غالباً» لن يشاركوا. وتمثل نسبة 16% نحو 7 ملايين ناخب، من أصل 47.7 مليون ناخب.
ومن الملاحظ أن الأشخاص المستطلعين الأكثر خشية من العدوى ليسوا من شريحة المسنين الذين يهدد الفيروس حياتهم أكثر من غيرهم، بل من الشباب، إذ تصل نسبة الذين قد يمتنعون عن التصويت إلى 19% لدى الشريحة البالغة ما بين 18 و24 عاماً، في حين ترتفع إلى 25% لدى الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً.