خرجت مجموعات من المواطنين بالجزائر العاصمة وعدد من ولايات الوطن, للجمعة الـ 56 على التوالي, في مسيرات سلمية مجددين مطالبهم بتكريس الإرادة الشعبية و إرساء دولة القانون مع مواصلة محاسبة الضالعين في قضايا الفساد وناهبي المال العام.
فبعاصمة البلاد, و كالعادة, التحق المتظاهرون عقب الانتهاء من صلاة الجمعة, بأهم الشوارع والساحات, حيث لوحظ تراجع عددهم بشكل كبير, مقارنة بالجمعات السابقة, خاصة على مستوى ساحة أول ماي و شارع حسيبة بن بوعلي اللذين كانا شبه خاليين, فيما تمركز أكبر عدد من المحتجين بمحاذاة البريد المركزي و ساحة موريس أودان وكذا شارع زيغوت يوسف, و بدرجة أقل بساحة موريتانيا.
وكالمعتاد, رفع المحتجون لافتات تطالب بمحاربة الفساد و المتورطين في نهب ثروات الشعب أثناء توليهم لمناصب المسؤولية و أخرى تعكس مواقفهم من المستجدات التي شهدتها الساحة الوطنية بحر الأسبوع.
وعلى غرار الجمعات السابقة, كانت الراية الوطنية حاضرة بقوة في صفوف المتظاهرين و بكل الأحجام, مرفقة بصور ضخمة لشهداء الثورة التحريرية المجيدة.
كما حافظوا على مطلبهم القاضي بإطلاق سراح الموقوفين خلال مسيرات سابقة.
وكانت الأجواء نفسها بعدد من ولايات الوطن. فبالجهة الشرقية جاب المتظاهرون -الذين تدنت أعدادهم بشكل ملفت مقارنة بالجمعات السابقة- الشوارع الرئيسية لكبرى المدن, منادين بـ"تكريس دولة القانون" و "مواصلة مكافحة الفساد" و "استقلالية العدالة" و "احترام إرادة الشعب" , كما جددوا عزمهم على الحفاظ على الطابع السلمي للحراك الشعبي.
وبالوسط, عبر المشاركون في المسيرات السلمية عن تمسكهم بـ"ضرورة إقرار إصلاحات سياسية عميقة تمهيدا لبناء جزائر جديدة".
وفي الوقت الذي عرف فيه عدد المتظاهرين تراجعا بكل من ولايتي البليدة والشلف, شهدت المسيرات التي جابت شوارع ولاية المدية تزايدا في تعداد المشاركين فيها والذين دعوا إلى "مباشرة حوار جاد مع الممثلين الحقيقيين للحراك الشعبي".
وبولايات تيزي وزو والبويرة وبجاية وبومرداس, طالب متظاهرون بـ"تهيئة المناخ اللازم لقيام دولة جديدة أساسها مكافحة الفساد واحترام الحقوق واستقلالية القضاء".
أما بغرب البلاد, فقد رفع مواطنون شعارات تشدد على ضرورة تعميق الإصلاحات السياسية والاقتصادية, كما رددوا عدة شعارات, من بين ما تدعوا إليه, إحداث التغيير والاحتكام إلى الإرادة الشعبية ونبذ الكراهية والجهوية, علما أنه لم تسجل أي مسيرات بتيسمسيلت والنعامة وغليزان.
وبجنوب الوطن, كان مطلب إحداث التغيير في صلب الشعارات التي رفعها المتظاهرون بولايتي الأغواط و غرداية, بوجه أخص.
للتذكير, شهد هذا الأسبوع مواصلة محاكمة المتهمين في قضيتي تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية لرئاسيات أبريل 2019 و المتورط فيهما الوزيرين الأسبقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال, و العديد من الوزراء والمسؤولين السابقين, على غرار يوسف يوسفي ومحجوب بدة وعبد الغني زعلان ونورية يمينة زرهوني, بالإضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال كمحمد بايري وأحمد معزوز وعلي حداد وغيرهم.
كما كانت انطلقت جلسة محاكمة المدير العام الأسبق للأمن الوطني عبد الغني هامل وأبنائه, حيث يتابع المعني في عدة تهم ذات صلة بملفات فساد, أبرزها "تبييض الأموال" و"الثراء غير المشروع" و"استغلال النفوذ" وكذا "الحصول على أوعية عقارية بطرق غير مشروعة".
وعلى صعيد آخر, تميز هذا الأسبوع أيضا بالإعلان عن الكشف الوشيك عن المسودة الأولى لتعديل الدستور (الأحد المقبل كأقصى تقدير), لتكون بذلك لجنة الخبراء المكلفة بصياغة المقترحات حول مراجعة الدستور قد أنهت مهمتها وفقا للرزنامة المحددة لها, ليتم بعدها الشروع في توزيع الوثيقة على كافة الأطراف المعنية.