طباعة هذه الصفحة

محاولة لتقديم مسرح راقٍ للناشئة

«الكوكب العمـلاق»..البيئـة في حمايـة الأطفـال

أسامة إفراح

بعد عرضها الشرفي أول أمس الثلاثاء بالمسرح الوطني الجزائري، ستنطلق مسرحية «الكوكب العملاق» في جولة فنية تبدأ من 19 مارس إلى نهاية العطلة، لتجوب ولايات الجنوب الشرقي. «الكوكب العملاق»، التي أخرجها محمد إسلام عباس، أحدث إنتاجات مسرح بسكرة الجهوي، ولبنة في خطة هذا الأخير للتركيز على مسرح الطفل بمختلف أطواره.

ستنطلق مسرحية «الكوكب العملاق» في جولة فنية تبدأ من 19 مارس إلى نهاية العطلة، مع إعطاء الأولوية لمدن الجنوب الجزائري، بتقديم عروض في غرداية، الأغواط، الوادي، ورقلة، وبسكرة، حسبما أكّده لـ «الشعب» أحمد خوصة مدير مسرح بسكرة الجهوي، مضيفا بأن هدف هذا الأخير هو «بناء مسرح احترافي في الجنوب الجزائري».
«الكوكب العملاق» مسرحية جديدة لمسرح بسكرة الجهوي، وهي محاولة للخروج عن السائد والمألوف ولتقديم خطاب جديد، ومحاولة للخوض في مسرح الخيال العلمي، وثيمة التلوث الذي يطال الكوكب. أخرج المسرحية محمد إسلام عباس، عن نص لرشيد شبلي، عالجه رابح هوادف، وسينوغرافيا سليمان بدري وموسيقى وتلحين الأغاني لفؤاد ومان، أما الكوريغرافيا فهي لرياض بروال. وقد سمحت هذه المسرحية باكتشاف ممثلين صاعدين، نذكر منهم سارة عبد الحفيظ، محمد قطاف، محمد خرشوش، لزهر رحماني، إلهام رحماني، سفيان سرسوب، إيمان حفيان وعماد الدين مقداد.
قبل ذلك، كان فريق المسرحية قد نشط ندوة صحافية بمبنى محيي الدين باشتارزي، افتتحها مدير مسرح بسكرة الجهوي أحمد خوصة بإعطاء لمحة عن عن إنتاجات المؤسسة التي يشرف عليها، وأعرب عن أمنياته بأن يكون «الكوكب العملاق» تجربة ناجحة، لأن الكوكبة التي عملت في هذه المسرحية مزجت بين مهنية ذوي الخبرة، وعنفوان الممثلين الشباب من بنات وأبناء بسكرة.
من جهته، ذكّر الفنان فؤاد ومان بتجربته في تأليف الموسيقى للمسرح، وقال: «تجربتي في العمل المسرحي للأطفال قديمة نوعا ما، حيث سبق وأن اشتغلت مع خوصة لما كان مخرجا، كما كانت لي تجارب أخرى مع المسرح الوطني الجزائري، على غرار «فرطوط والعسل» قبل سنوات، و»صديق البيئة» العام الماضي..هذا العمل هو أول تعاون لي مع مسرح بسكرة»، يقول ومان، مضيفا بأن فريق العمل حاول تقديم عمل متجانس من جميع النواحي، عمل يترجم فكرة صاحب النص بكل تفاصيلها، وقد قدم المخرج ما عليه في التدريبات منذ أكثر من شهر، وأضاف: «أتمنى أن ينال إعجابكم وتكون فيه فكرة مختلفة عن الأعمال السابقة المقدمة للطفل».

عباس: جمهور الأطفال لا ينافق

أما المخرج محمد إسلام عباس، فأكّد أن مدير مسرح بسكرة، منتج المسرحية، أعطاه البطاقة البيضاء لاختيار طاقم العمل الذي بدأ في مرحلة المدير السابق (المدير الحالي لأم البواقي) مراد بن شيخ، وتواصل بدون أي إشكال مع مدير مسرح بسكرة أحمد خوصة.
وعرّج عباس على تجربته في مجال المسرح كممثل ومساعد مخرج ومخرج، تجربة بلغت 23 سنة، مكّنته من أن يجمع في رصيده 55 عملا 14 منها للأطفال و4 منها مذكرات تخرج دكتوراه وماستر، كان أحدها «الفصول الأربعة» الذي اختير كنموذج للمسرح المدرسي بالشارقة، و»جيل أنترنت» الذي أجريت عليه دراسة في الكويت، وذلك بفضلة الأكاديمية جميلة مصطفى الزقاي.
«هذه الخبرة المتواضعة جعلتني أسجل نقاطا ينبغي توفرها في مسرح الطفل، الذي يمتاز بأنه عمل صعب وشاق ولكن في النهاية ممتع». ويقول عباس إن قناعة راسخة قد تشكلت عنده: «لا وجود لمسرح الطفل دون كثير من الصدق وقليل من الإيهام»، فالمسرح هو ذلك الفضاء الذي يبهج ويغني معارف الطفل، يضيف عباس، وهذا غائب في معظم العروض.
وشدّد عباس على كون حب التعامل مع الأطفال لا يكفي، وأن التهريج والثرثرة لا يكفيان: «نحن في حاجة ماسة إلى عصرنة خطاب مسرح الطفل والارتقاء به كنموذج..لدينا مسرحيات في المسرح الجزائري أصبحت مع الوقت معالم في الريبيرتوار، بينما في مسرح الأطفال ما زلنا لا نملك مسرحيات نموذجية..من المعيب رؤية مسرح الطفل لم يدرج في المنظومة التربوية، ولا توجد في الوزارة قسم خاص للأطفال..صحيح أن الجمهور مضمون ولكن حاليا يجب الاهتمام بأدق تفاصيل اللعبة المسرحية».
أما الملاحظة الثانية التي خلص إليها عباس فتتعلق بتقديم مسرح الطفل بالأطفال للأطفال. من جانب آخر، اقترح عباس أن يستدعي المخرجون أفواجا من المدارس لمشاهدة بعض المشاهد أثناء التدريبات ويدخلوا معهم في نقاش، «لأن جمهور الأطفال لا يعرف كبح المشاعر، إذا أعجبه العرض صار جزءً منه، وإلا فهو يدير ظهره له..جمهور الأطفال لا يعرف النفاق».
أما عن «الكوكب العملاق»، قال عباس إن معظم فريقه شباب من بسكرة، وأول مرة يصعد على الركح، وهو فخور بهم على نقائصهم، لأنّهم يعشقون ما يفعلون، ويشتغلون 12 إلى 14 ساعة دون ملل. وأكّد عباس أن الكاستينغ كان صارما، ومن بين 37 متقدما للكاستينغ، تم اختيار 16 مترشحا اختير منهم ثمانية ممثلين.
وفي هذا الصدد، قال ومان إن البحث لم يكن عن أصوات مطربين وإنما ما يهم هة الصوت العادي السليم والتعبير الصوتي الصحيح، «فألحاني ليست معقدة والطفل الذي يشاهد العرض يمكن له أن يحفظها بكل بساطة، وحتى التسجيل لم يأخذ وقتا طويلا».
وعن استفسارنا عمّا إذا كانت المسرحية موجهة للأطفال أو للفتيان، قال عباس إن هذا العرض ليس للطور الأول بل للفتيان، واغتنم الفرصة ليؤكد أن هناك مراحل عمرية يُوجه إليها العمل المسرحي، «وما زلنا نخلط بينها».
وقد اختير المسرح الوطني ليحتضن العرض الشرفي للمسرحية، كون مسرح بسكرة ما يزال في الأشغال التي بلغت 90 بالمائة، حسب أحمد خوصة، الذي أكد أن «مسرح الطفل أولى بالاهتمام من مسرح الكبار وهي مقاربة مسرح بسكرة، وسيعطي ثماره الفعلية في السنوات القادمة». واعتبر مدير مسرح بسكرة أن ما يتم تقديمه في بعض المراكز الثقافية جريمة في حق الطفل، «نحن مقبلون على العطلة الربيعية وسنرى عروضا لا ترقى للمستوى».