نساء عديدات على أرض هذا الوطن، ناضلن وتحدين لأجل تحقيق طموحاتهن وأحلامهن، وصنعن مجد الفن والثقافة في الجزائر، ومنهن نساء «بونة» اللّواتي برزن هن أيضا في مختلف المجالات، لا سيما منها عالم الأدب، الذي يكشف عن أسماء نسوية بارزة تثري اليوم الساحة الثقافية الجزائرية بأعمالها الخالدة..عشقهن للحرف جعلهن يتحدين التهميش.
يقال عنها المرأة الحديدية، غيّبت عن الساحة الثقافية لأكثر من 10 سنوات، إلاّ أنّ عشقها للحرف، جعلها تعود من الباب الواسع لتتربّع على عرش أدباء بونة. هي الشاعرة نادية نواصر، التي برزت في أواخر السبعينيات، لتطبع ديوانها الأول بعنوان «راهبة في ديرها الحزين» على حسابها الخاص وعمرها 20 سنة، وتصدر بعده العديد من الدواوين على غرار «أوجاع»، «أماكن للعشق»، «فضاءات للبوح»، «زمن بلا ذاكرة»، «حديث زوليحة»، «المشي في محرابك»، «صهوات الرّيح»، «أشياء الأنثى الأخرى»، «عندما أصبح طفلة»، «لهالة يغني الصباح» ودواوين أخرى عديدة، ممثلة بذلك مدينتها أحسن تمثيل، ووطنها في المحافل الدولية.
طموحات هذه المرأة لم تتوقّف عند الكتابة، وإنما أرادت إحياء المشهد الثقافي بمدينتها لتعلن منذ أشهر عن ميلاد «صالون نادية الأدبي»، هو اليوم ملتقى الكتاب والأدباء من مختلف جهات الوطن، لتكون بذلك مثال للمرأة الجزائرية المتحدية، التي تسعى لفرض وجودها وتحقيق ذاتها على الساحة الأدبية مواجهة الصعاب.
مثيلات نادية نواصر كثيرات بعنابة، على غرار القاصة المتألقة صليحة كرناني، فهي أيضا من بين الكاتبات اللواتي غيبن عن الساحة الثقافية دون أي مبرر، إلا أنها بقيت تكتب وتصدر أعمالا أدبية قيمة أثرت بها المكتبة الجزائرية.
بداياتها كانت مجرد خربشات على الكراريس، لتتحول فيما بعد إلى كتابات أدبية رائعة، وتصبح كرناني واحدة من كبار أديبات بونة، وقعت قصتها الأولى تحت عنوان «الحبق والصبار»، لتصدر بعدها مجموعتها القصصية الثانية المشتركة بينها وبين الروائي والقاص «حسن الشيخ» والموسومة بـ «السقوط المشروع». وتطمح صليحة كرناني لدخول عالم الرواية بقوة، حيث تعمل على كتابة روايتها الأولى، وإلى جانب ذلك تشرف على ورشة نادي الإبداع الأدبي التابعة لدار الثقافة بعنابة منذ 2015.
طموح يتعدّى الكتابة
أديبات بونة كان لهن طموح أكبر من الكتابة، كن يطمحن لإيصال صوتهن إلى ما وراء الحدود، ومنهن الشاعرة «صبيرة قسامة» خريجة كلية الحقوق جامعة باجي مختار عنابة، وصاحبة تجربة أمير الشعراء، لها العديد من المخطوطات الشعرية في مجال الشعر الحر والعمودي.. ورواية بعنوان «محاكمة المرأة»، فضلا عن كتابات في المسرحية النثرية والشعرية، كما أن لها إصدار بعنوان «يشكلني كما يهوى»، تحصّلت في مسابقة «مجلة همسة العربية»، والتي مقرها بمصر على المرتبة الأولى في شعر التفعيلة.
وقد اعتبرت الشاعرة صبيرة قسامة، مشاركتها في مسابقة أمير الشعراء بأبوظبي حلم كل شاعر، كما أنّها إضافة للمسيرة الأدبية للشعراء، حيث يحظى فيها الشعر بتميزه على المستوى العربي.
أما القاصّة «أم سارة» صديقة الأطفال، فقد اختار قلمها لأن يكتب لهذه الفئة، فبالرغم من صعوبة مهمتها إلى أنّها تمكّنت من صنع اسم لها وسط هذا العالم الصغير، لتهديه العديد من الإصدارات القيمة والهادفة، على غرار «الخريف الذي كسّر أجنحة العصافير»، إلى جانب «الكناري والزهار»، «الطاووس المغرور»، «حلم زهار» والتي صدرت في «سلسلة الحيوانات المغامرة»..
أسماء نسوية كثيرة أنجبتها بونة، اختارت أيضا ولوج عالم الأدب، ومنهن الشاعرة سميرة بوركبة، وحيدة رجيمي، سامية بوطبة، نزيهة السعودي، الكاتبة والقاصة أم البنين، نوال خماسي، كنزة مباركي..وغيرهن كثيرات صنعوا مجد بونة الأدبي، وجعلوا منها إشعاعا ثقافيا.