اتفق المشاركون في اليوم الدراسي حول «أثار الأزمة الليبية على الوضع الإنساني في المنطقة»، المنظم بالجزائر العاصمة، على التكتل في ناد لدول الجوار الليبي للعمل الإنساني، يكون مقره في الجزائر، ليصبح قوة ضغط في الأمم المتحدة، تعمل على دفع أطراف النزاع للجنوح للسلم لتجنيب ليبيا والبلدان المجاورة لها مزيدا من الضحايا والدمار والمعاناة، نتيجة قراراتهم السياسية.
تشير الأرقام إلى تدهور كبير للوضع الإنساني بالمنطقة منذ بداية الأزمة الليبية في 2011، حيث يوجد 1،3 مليون ليبي بحاجة إلى رعاية، أغلبهم من المهجرين والنازحين، ناهيك عن ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين الذين اتخذوا من ليبيا منطقة عبور نحو الضفة الجنوبية للمتوسط، مع تنامي ظاهرة الاتجار في البشر، والمخدرات، وتجارة الأسلحة، وهو واقع مرير يفرض تنسيق الجهود الدولية لمحاربة مختلف الظواهر الخطيرة، للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وضمان استقرار المنطقة.
زغماتي: عدم احترام قواعد السلم والحرب وراء الإنفلات الأمني
أرجع وزير العدل حافظ الاختام ورئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بلقاسم زغماتي، سبب تفشي التوترات وحالات الانفلات الأمني التي تشهدها المنطقة العربية، إلى عدم احترام المبادئ والقواعد الأساسية المكرسة في زمني السلم والحرب، فهو «يعد السبب الأقوى الذي أدى إلى المآسي التي نشهدها اليوم من ظاهرة الهجرة وانتشار الأسلحة بمختلف أنواعها وتفشي ظاهرة الاتجار بالبشر والمخدرات وتنامي ظاهرتي العنف والإرهاب واستفحال ظاهرة المرتزقة، وكل ما بات يهدد السكان أيضا من مختلف أنواع الإجرام العابر للحدود الذي يعد أكثر فتكا بالإنسان وخطرا عليه».
وأمام تفاقم هذه الأوضاع الإنسانية وازدياد معاناة الأشخاص وانتقال اللا أمن إلى دول مجاورة لبؤر التوتر، دعا زغماتي كل العاملين في المجال الإنساني من جمعيات والهلال والصليب الأحمر واللجان الوطنية للقانون الدولي الإنساني ورجال حقوق الإنسان إلى القيام بدورهم المنوط بهم من خلال تحريك الضمائر الإنسانية في المنطقة من أجل وضع حد لهذه المأساة والتخفيف من معاناة الأشخاص المتضررين، موضحا أن العاملين في المجال الإنساني وما يتمتعون به من مصداقية تؤهلهم لتشكيل قوة ضغط على أطراف النزاع من أجل الجنوح للسلم قصد تجنب المزيد من الضحايا والدمار والمعاناة.
وبخصوص موقف الجزائر، جدد تأكيد نضالها من أجل احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحل النزاعات المسلحة بطرق سلمية والودية والتعامل مع الدول على أساس المساواة، وذلك إعمالا لأحكام المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، كما تطالب دائما بترك للدول حق الدفاع عن أمنها وسلامة ترابها الوطني حفاظا على حقوق مواطنيها واستتباب أمنها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السلم والأمن الدوليين المنصوص عليه في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو الموقف الذي ما فتئ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يذكر به وينادي به في كل المناسبات.
بن حبيلس: آن الأوان للسياسيين للتفكير في تداعيات قراراتهم
من جهتها، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، أكدت أنه آن الأوان للسياسيين أصحاب القرار في الأمم المتحدة أن يفكروا في تداعيات قراراتهم على الأوضاع الإنسانية، مبرزة أهمية تكتل المنظمات الدولية الإنسانية في نادٍ، حتى يكون قوة ضغط في الأمم المتحدة، لتحريك الضمائر الحية لوقف النزاعات المسلحة، وحماية الإنسان.
وشددت بن حبيلس على ضرورة ألا يكون التنسيق بين جمعيات ومنظمات الهلال والصليب الأحمر لدول الجوار الليبي مناسباتيا، لأن تداعيات القرارات السياسية على الأوضاع الإنسانية بالمنطقة لا تحتمل التأجيل، وعلى الضمائر الحية التحرك مهما كانت المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لدولها، لأن مصلحة الإنسانية فوق كل اعتبار.
وأشارت بن حبيلس إلى موقف رئيس الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر روكا فرونشيسكو، المساند لموقف حل النزاعات المسلحة بطرق سلمية حفاظا على الإنسانية، وقد قال في كلمته الموجهة للمشاركين في اليوم الدراسي إنه «علينا أن نبني الجسور لا الجدران»، موضحا أن إنقاذ حياة الإنسان ليس عملا إجراميا»، ما يستدعي تطوير الدبلوماسية الإنسانية من أجل حماية كرامة الإنسان ونشر التضامن والتآخي والتعاون والاستقرار والأمن.
عمر فراج عمر علي: توحيد العمل الإنساني لتلبية حاجيات المستضعفين
نائب الأمين العام للهلال الأحمر الليبي عمر فراج عمر علي، بعد أن أشاد بموقف الجزائر الإنساني، دعا إلى تجسيد التعاون المشترك بين الجمعيات الوطنية لدول الجوار والعمل على توحيد المواقف والتنسيق في المجالات الإنسانية من خلال تأسيس نادي دول الجوار الليبي للعمل الإنساني تكون الجزائر العاصمة الإنسانية مقرا له.
وأوضح أن تجربة عقود الشراكة المباشرة بين الجمعيات الوطنية لها دور كبير في التعاون والاستجابة السريعة بما يكفل حاجيات الفئات المستضعفة، مبرزا أن الوضعية الإنسانية بليبيا تفاقمت منذ 2011، بسبب استمرار النزاع المسلح وما ترتب عنه من فوضى، وظروف عيش غير آمن وبيئة عالية المخاطر، وهي الأزمة التي امتدت أثارها إلى دول الجوار ولعل أبرزها هجرة مليون شخص إلى تونس، و6 آلاف عائلة إلى مصر، إضافة إلى أعداد أخرى بنسب متفاوتة لكل من الجزائر ودول الجوار الأخرى مما سبب أعباء للدول المستقبلة لهم وأثرت على وضعها الاقتصادي، كما تنامت الهجرة غير النظامية من رعايا دول الجوار ترتب عنها عدة مخاطر.
وأمام هذا الوضع، دعا دول الجوار إلى تحليل الأزمة الليبية جيدا لإدارة أزمات محتملة لأجل تفادي تأثيرها السلبي على الجميع، كما ضم صوته إلى المنظمات الدولية المختصة لوجوب التعاون الفعال بين كافة الدول المعنية لتلبية احتياجات المهاجرين من أجل مساعدتهم ومجتمعاتهم ليصبحوا قادرين على الصمود وإنعاش التنمية في بلدانهم.
ونتيجة لتردي الخدمات الصحية وظهور الإصابة بفيروس كورونا ونظرا لسرعة انتقاله في العالم، أكد أن الأمر يستدعي التعاون لمنع انتشاره عن طريق رفع التأهب وتبادل المعلومات بين دول الجوار خاصة في المناطق الحدودية.