طباعة هذه الصفحة

أشـاد بمجهـودات المجلـس الدستـوري، رئيـس الجمهوريـة:

تعديـل الدستـــور يحمل مشـروع مجتمـع عصــري متحـرّر

مقر المجلس الدستوري: حمزة محصول

 تكــريس دولــة القانــون بمرتكـزات التوافــق الوطنــي

أكد، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، أن تعديل الدستور «خطوة أساسية لبناء الجمهورية الجديدة». وذكر بأن إرساء التوافق الوطني وتحقيق مطالب «الحراك المبارك»، التزامات أساسية يعكف على انجازها بمنهجية مدروسة. وجدد حرص الجزائر على إحلال السلم والاستقرار في جوارها الإقليمي.
أبرز رئيس الجمهورية، في كلمته بمناسبة الذكرى 30 لتأسيس المجلس الدستوري، التي قرأها المستشار بالرئاسة بوعلام بوعلام، الخلفية والمبتغى من التعديل الدستوري المقبل.
قال تبون: «إن فكرة تعديل الدستور عبّرنا عنها قبل انتخابات 12 ديسمبر الماضي، باعتبارها خطوة أساسية في اتجاه الجمهورية الجديدة، التي نؤمن ببنائها والتي يحتل فيها الدستور أولوية الأوليات».
يتعدى مسعى المراجعة الدستورية العميقة المنتظرة، خلال الأسابيع المقبلة، المسألة القانونية البحتة المتعلقة بنمط الحكم، إذ يهدف إلى «بناء مجتمع جزائري عصري متفتح، ومتمسك بقيمه الوطنية»، يؤكد الرئيس في كلمته.
تحقيق مطالب الحراك
وأفاد بأن التعديل الدستوري، أملته حتمية مواكبة التحولات التي عرفها الشعب الجزائري، وتطلعاته «المعبر عنها في الحراك المبارك»، وذكّر بسعيه إلى الاستجابة لكل المطالب والانشغالات المعبّر عنها.
قال: «أكدت في كل مرة على التزامي باستكمال مطالب الحراك المبارك وكل المستجدات التي تترتب عن الوضع الجديد في بلادنا على المستوى السياسي، الاجتماعي والاقتصادي وحتى الدولي».
تابع: «إن اختيار تعديل الدستور، محطة أولى ضمن رؤية شاملة لتعزيز الصرح المؤسساتي للدولة، ما يسمح للمجتمع بالتحرر تدريجيا والانفتاح على العصرنة».
أوضح بأن مشروع المجتمع المتوّخى من خلال التأسيس الدستوري المقبل يقوم على « تعزيز استقرار البلاد وتدعيم الانسجام والوفاق الوطنيين»، مشددا على أهمية تجنيب البلاد الاضطرابات التي تعرفها دول شقيقة وصديقة محيطة.
أكد في السياق أن «الجزائر لن تدخر أي جهد لإحلال السلم والاستقرار في دول الجوار كمالي وليبيا، وأي مكان في إفريقيا والأماكن البعيدة من العالم».
إلى جانب البعد الوطني والاجتماعي، فإن «حماية حقوق المواطن وأخلقة الحياة السياسية والعامة»، وكذا «تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وترقية دور البرلمان في مراقبة عمل الحكومة»، تشكل مرتكزات توافقية للدستور القادم، يؤكد رئيس الجمهورية.
ولا تتوقف التعديلات التقنية على الوثيقة الدستورية عند هذا الحد، إذ ستعمل على تعزيز مساواته المواطنين أمام القانون والتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات وتقنين المجال الإعلامي وترقية الديمقراطية التشاركية.
منهجية مدروسة
الرئيس، أزال كل شوائب الاعتباطية والديماغوجية، عن مسار التعديل الدستوري، بالتأكيد أنه يتم وفق «منهجية مدروسة ومتينة وثابتة، بعيدة عن التسرّع والتقليد والارتجال»، مفيدا بأنها ستسمح في النهاية «بتجنيب البلاد ويلات اللااستقرار».
ودائما ما كانت الصلاحيات الدستورية الكبيرة للرؤساء، واختلال التوازن بين السلطات، بواعث للاحتقان والصدام بين الشعوب والحكام، مهما طالت مدة الحكم، ويمكن تجاوز هذه المعضلات المرتبطة أساسا بنمط الحكم، بوضع دستور توافقي متوازن يؤسس للاستقرار المؤسساتي المستدام.
ذكر رئيس الجمهورية بأن فتح ورشة التعديل الدستوري، تمت بالتوازي مع مشاورات سياسية مع شخصيات وطنية وسياسية، مع تكليف لجنة خبراء ذوي مستوى علمي «رفيع».
أفاد بأن الكشف عن المسودة الأولى، سيعقبه نقاش مفتوح وشامل على «جميع الأصعدة»، وستثبت جلسات مناقشتها على مستوى البرلمان على المباشر عبر وسائل الإعلام الوطنية، «على أن تشمل المناقشة الطبقة السياسية والمجتمع المدني»، قبل عرض الوثيقة النهائية للاستفتاء الشعبي.
رسالة للمجلس
بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس المجلس الدستوري، عبر رئيس الجمهورية عن تقديره للمجهودات التي بذلها المجلس، في سبيل تكريس مبادئ دولة الحق والقانون، مؤكدا دعمه الكامل لكل مسعى يهدف لإرساء قيم العدل والاستقرار.
أكد أن «دولة القانون، تحدّ أصبح يستقطب كل اهتماماتنا، وسندخر له كل الإمكانيات لتحقيقه»، وشدد على أن الجزائر تولي أهمية قصوى للاحترام الصارم للدستور، وتحرص على امتثال الجميع له، سواء كانوا مواطنين أو مؤسسات.
ولفت إلى أن المجلس الدستوري، مؤسسة سيادية تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية، تلزم باقي المؤسسات على التطبيق الصارم لقراراتها وتسهر على مطابقة القوانين مع مواد القانون الأسمى للبلاد (الدستور) ومراقبة صحة العملية الانتخابية.
في كلمته للندوة الدولية حول القضاء الدستوري وحماية الحقوق والحريات، أشاد رئيس الجمهورية بالأشواط التي قطعتها إفريقيا وآسيا، في التمكين للقضاء الدستوري ومواكبة التحولات العالمية في المجال، رغم الاضطرابات التي يعرفها العالم.