أكد رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، أمس، أن المجلس أدى مهامه «بجرأة» و«مسؤولية»، منذ تأسيسه سنة 1989، نافيا بشدة وقوع البلاد السنة الماضية في فراغ دستوري، وشدد في المقابل، على أن التمسك بالمخارج الدستورية للأزمة أنقذ مؤسسات الدولة من الانهيار وحمى حقوق وممتلكات المواطنين.
اعتبر فنيش، أن المجلس الدستوري، اكتسب رصيدا «يعتد به»، منذ نشأته بموجب دستور ١٩٨٩، في الانتصار للحريات والحقوق وإرساء دعائم دولة الحق والقانون.
خلال احتفالية الذكرى الثلاثين لتأسيس المجلس، التي نظمت بمقر هذه الهيئة السيادية بالعاصمة، قال فنيش إن المناسبة «وقفة تأمل وتقييم لما بذله المجلس الدستوري من مجهودات»، مضيفا: «رغم قصر التجربة، إلا أننا نفتخر بها».
أمام، ممثل رئيس الجمهورية، ورئيسي السلطة التشريعية (رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين)، ووسيط الجمهورية كريم يونس، وممثلين للجهاز التنفيذي، قال فنيش إن تجربة المجلس الدستوري في الجزائر اتسمت بكثير من «الجرأة»، خاصة ما تعلق في اختبار الفصل بين السلطات.
على الرغم من أن «الفصل بين السلطات»، لم يكن موجودا في النص الدستوري، إلى أن أدرج في دستور 2016، بحسب المتحدث.
أكد أن جرأة المجلس الدستوري، «محمودة»، وهي «انتصار للحريات والحقوق»، ومن صميم مهامه باعتباره «حارسا للحريات ويمارس صلاحياته في الرقابة وتنقية المنظومة التشريعية من كل ما يتعارض مع القانون الأسمى للبلاد».
آلية الدفع بعدم الدستورية
أشار فنيش، الذي تولى رئاسة الهيئة السامية، في أفريل 2019، أي في فترة شكلت اختبارا حقيقيا وحاسما لسمو الدستور، إلى أن «المجلس الدستوري قام بمجهودات جبارة لحماية حقوق الإنسان وحقوق المواطن، ومراقبة صحة العملية الانتخابية والرقابة على أداء السلطة التشريعية ومطابقة القوانين العضوية».
أوضح أن المجلس ومنذ توقيع شهادة ميلاده بموجب دستور 1989، اتخذ «عديد القرارات التي تخص الفصل فيها بعدم الدستورية».
بشأن هذه الآلية (الدفع بعدم الدستورية) المنصوص عليها في المادة 188 من دستور 2016، ذكر بتلقي المجلس لإخطارين السنة المنقضية وتم معالجتهما، معلنا أن عراقيل قانونية لازالت تعيق إجراءات الإخطار بهذه الآلية.
قال فنيش: «انتظرنا صدور القانون العضوي، المحدد لإجراءات إثارة الدفع بعدم الدستورية، لكننا نتمنى أن يستوفي التعديل الدستوري المقبل تدابير هامة في هذا الإطار». أشار إلى أن الدفع بعدم الدستورية، يفترض أن يتيح للمتقاضي، إخطار المجلس الدستوري مباشرة دون الدخول في إجراءات معقدة قبل بلوغ الهيئة الدستورية.
الجزائر الجديدة
في السياق، ثمّن كمال فنيش، عزم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على إجراء مراجعة عميقة للدستور «تؤسس للجمهورية الجديدة». أشار إلى المحاور السبعة التي رسمها الرئيس غداة تكليفه لجنة خبراء تعديل الدستور برئاسة أحمد لعرابة، «تهدف لفصل متوازن بين السلطات وتكرس محاربة الفساد واستقلالية القضاء».
لفت فنيش إلى أن هذا الأخير (القضاء)، «لا بد أن يكون مستقلا»، ودعم مقترح إسناد مهمة رئاسة المجلس الأعلى للقضاء للقاضي، بدل الوزير التابع للسلطة التنفيذية، لافتا في السياق إلى أن دستور 2016، تتخلله عدة نقائص من حيث الشكل والمضمون، خاصة بالذكر «الصياغة النصية لبعض المواد»، والاختلاف في ضبط المصطلحات والمفاهيم بين النسختين العربية والفرنسية.
في شريط وثائقي عرض خلال الاحتفالية، وسرد تاريخ المجلس الدستوري، أكد كمال فنيش «أن الجزائر لم تعرف أبدا فراغا دستوريا، خلال الفترة الممتدة بين 02 أفريل و12 ديسمبر 2019»، مثلما زعم البعض.