إليك أبي..لقلبك الذي ينزف بياضا وطيبة وبرد العمر معك دفئا لقلبي ساعة الذهاب والإياب..لضحكة كصور الدمى، كسحر الأغاني كروعة المساء..كشكل الفرح الممتد في ثقوب القلب. الساكن في قمة الذات المحطمة...لغياب آسر وفراق سرمدي.
أراجع الذكرى، أحدّد المدى، أسابق المساء وأعلن توقفي كساعة مهترئة على ضفة الزمن...تهشمت وتضاءلت دقاتها وانحرف عقربها عن المسار ساعة رحيلك..بدا العمر لناظري فراغ...قباب الثلج ذابت..وصورة الصباح الهادئ الجميل غابت...تبعثرت التفاصيل الصغيرة المرتبة بداخلي تدحرج هرم الطفولة حجر بعد آخر، وذبل زهر الأقحوان في كأسي...من زمن حقيبتي حوت سذاجتي عن الحب وحكايا العاشقين..وانزوت وحيدة في دفء الغرفة وزوايا المكان....كانت تحكي تفاصيل الوجع، وكنتٓ معها تسرد لي تعب العمر المليء بشغف الحنين لأمّ فارقتنا عن غير موعد. عيناك رافقتا بشغف خطواتي الجريئة، بكتا طويلا زمن القهر والشقاء تأملتا فرحي المقتول على رصيف العمر...يداك امتدتا بتواضع وحب لتمسحا أحذيتي الجلدية من الوحل أيام الشتاء، من تجاعيد محياك الجميل صنعت فرحا وانطلاقا لعبثي. فرحٌ تجاوز أخطائي وطالما غفر حماقاتي..وأوقف خلايا النمو بداخلي وحنّطني طفلة لا تعبأ كثيرا لأوهام الكبار..هل كنت تدرك يا أبتي..حين الأيام تصفعني وبرد العمر يقهرني..إنك كنت الوالدين معا..تشاركني مرارة اليوم وتقاسمني رغيف التعب..تحدد شكل فرحي وطعم يومي وغدي..؟؟ هل ستراني اليوم يا أبي كما دوما أعانق دفاتري الحبلى بوجع الحروف وأبجدية الذكرى؟ هل ستراني غارقة في عفويتي..ملأى بالضجيج..يقتلني الحنين إليك..إلى نوافذك المشرعة استجدي فرحا لا يجيء...وغائبا لا يعود؟