بعد أن دخل إلى المقهى، كانت الرياح قد غطت كل شيء في المدينة، بعد أن تقلب الجو فجأة، وتطايرت الأوراق وبعض الألواح والصفائح في السماء.
جلس الدرويش وكعادته على كرسي المقهى وهو ينظر إلى القطعة النقدية التي أخرجها من جيبه ولا يملك غيرها. نظر لها جيدا وقد أمعن النظر إليها لمدة من الزمن.
وهو يسأل نفسه: _هل أشتري بها....؟
_أم أعيدها مرة أخرى إلى جيبي....؟
رفع علبة السجائر من فوق الطاولة بعد أن بقت فيها
سيجارة واحدة، ثم مزق العلبة ووضعها فوق الطاولة وتوجه مباشرة نحو النادل كي يطلب فنجان القهوة .
ولكن النادل وبخه بوابل من الشتائم وهو يصرخ في وجهه بكلام قاسي.
_ ألم أقل لك أن لا تأتي إلى هنا؟
_ هيا انصرف من هنا.
_ أنظر ماذا فعلت .......؟!
تمزق علبة السجائر وتقطعها هكذا فوق الطاولة.
فرد عليه الدرويش: وهو مرتبك وخائف
_ لن أعيدها مرة أخرى....
_والله لن أعيدها..
وطلب فنجان القهوة كي يكمل سيجارته الأخيرة، وقد ذهبت القطعة من غير رجعة وهو متحسر عليها كان يحملها في جيبه منذ أيام، والآن لم يعد يملك شيء . أصبح فارغ الجيب.
عاد مرة أخرى إلى مكانه وهو ينظر الجو الذي تغير بسبب الرياح لعله يهدأ مرة ثانية.
يتأمل في نفسه وهو لا يستطيع العيش هكذا بدون نقود. كان ينتظر عند باب المقهى أي شخص لعله يعطيه قطعة نقدية، وكم يسعد كثيرا بوجودها وهي داخل جيبه يلمسها.
وقف عند مدخل المقهى، كان يريد الإنصاف ثم ذهب
فجأة وبعد عدة دقائق رجع وهكذا يدخل ويخرج من المقهى عدة مرات وفي المرة الأخيرة يغادر المقهى مباشرة، كان يحمل كوب القهوة يفكر في الطريق ويطرح على نفسه عدة أسئلة ..
_ لما لا أستطيع العمل... ؟