طباعة هذه الصفحة

مناقشة مخطط عمل الحكومة

غياب الأرقام ومصادر التموين يثير تساؤلات النواب

زهراء.ب

تقاطع نواب المجلس الشعبي الوطني، في اليوم الثاني من مناقشة مخطط عمل الحكومة، في رؤية واحدة، ثمنت ما جاء في نص المخطط نظرا لما تضمنه من تدابير وإجراءات للتخلص من الممارسات السابقة التي أضرت بالبلاد، غير أنهم انتقدوا خلوه من الأرقام ومصادر تمويله وآجال تنفيذه، في حين طالبوا برفع التجميد عن المشاريع التنموية بولايات الجنوب والهضاب العليا لضمان التوزيع العادل للثروة.
في قاعة شبه خالية، بسبب غياب لافت لممثلي الشعب بقبة البرلمان، حيث اقتصر الحضور على النواب المعنيين بالتدخل لمناقشة مخطط عمل الحكومة، في سلوك ليس بجديد على الهيئة التشريعية، إذ تكرست هذه الممارسات منذ سنوات في انتظار تعديل القوانين المنظمة لعمل البرلمان و النظام الداخلي للمجلس، تواصلت جلسة مناقشة مخطط عمل الحكومة، في أجواء هادئة ومستوى عال من النقاش، نوه بها البرلمانيون حيث دافع البعض منهم عن أنفسهم، بعدما ألصق بهم البعض صفة «الحفافات»، وهو ما أثار حفيظتهم.
استغلال ثروات الجنوب وتنمية المناطق الحدودية.. مطلب ملح
رغم الظرف الاقتصادي الصعب، الذي تمر به البلاد، بسبب مخلفات التسيير الكارثي للمسؤولين السابقين والقرارات الارتجالية، التي أهدرت الكثير من الأموال العمومية، وعطلت العديد من المشاريع، وإقرار النواب بصعوبة الظرف، إلا أن ذلك لم يمنعهم من المطالبة برفع التجميد عن المشاريع التنموية خاصة في المناطق الحدودية، وولايات الجنوب والهضاب العليا، من باب التوزيع العادل للثروات بين مختلف مناطق الوطن، وتحسين مستوى معيشة المواطن في المناطق المعزولة، أو ما أسموها بـ»مناطق الظل».
في هذا السياق، طالب النائب الحسين دلالي عن تجمع أمل الجزائر، من الحكومة الالتفات إلى الولايات الحدودية، فجانت، عين قزام، برج باجي مختار، تعاني من انعدام الهياكل القاعدية، والمقرات الإدارية، ناهيك عن تعطل المشاريع المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن، على غرار الصحة، التعليم، النقل، ما يستدعي حسبه التحرك العاجل لرفع الحظر عن المشاريع التنموية بها.
وذهب دلالي إلى أبعد من ذلك حينما ربط أمن البلاد، باستكمال المشاريع بهذه المناطق سيما الطريق الوطني رقم 6 الذي تحول إلى بؤرة تحصد الأرواح، كما طالب بإيجاد مناصب لشباب المنطقة لأن الشركات البترولية بعد التقسيم الإداري الجديد أصبحت تابعة لأدرار، وتيميمون، وهو ما سيفوت على الكثيرين فرصة الالتحاق بها، مقترحا فتح المجال أمام الاستثمار في الثروات المعدنية التي تزخر بها المنطقة على غرار الذهب، ومنح التراخيص للشباب للتنقيب عنه.
نفس الطرح ذهب إليه النائب محمد أبي اسماعيل عن الأحرار، حينما طالب بتفعيل التقسيم الإداري الجديد، والإنشاء الفعلي للولايات المستحدثة في الجنوب للاستجابة لتطلعات أبناء المنطقة، وضمان التوزيع العادل للثروة، مقترحا تأجيل استغلال الغاز الصخري وتركه للأجيال القادمة.
وسجل النائب البكاي الهمال نائب عن الحركة الشعبية الجزائرية، غياب المصانع والمؤسسات الاقتصادية بولايات الجنوب، مما حال دون امتصاص البطالة خاصة وسط الشباب، وهو المشكل الذي تضاعف مثلما قال بعد غلق المناطق السياحية حيث تعطلت المناصب في هذا القطاع بنسبة 50 بالمائة، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في القرارات المتخذة لتفعيل الاستثمارات بالمنطقة.
وتعاني ولايات الجنوب كذلك حسب النائب حسين بن كلالة عن الجبهة الوطنية للحريات، من انعدام وسائل الإنجاز، وهو ما تسبب حسبه في تعطيل الكثير من المشاريع، سيما الطرقات والسكنات، داعيا الحكومة إلى محاربة سرطان المرض والفقر، ورفع الحظر عن المشاريع التنموية لفك العزلة عن سكان المناطق الحدودية.
تحسين مناخ الاستثمار وتوجيه الدعم للقطاعات المنتجة
وإذا كان بعض النواب قد ركزوا في مداخلاتهم على إيصال الانشغالات المحلية لسكان الولايات القادمين منها، فإن البعض الآخر حرص على تقديم مقترحات لإثراء الإجراءات والآليات التي تضمنها مخطط عمل الحكومة، وحتى تصحح الإختلالات القانونية والممارسات السياسية السابقة، اقترح النائب يوسف زواني عن حزب تجمع أمل الجزائر، عدم الاستعجال في حل المجالس المنتخبة وتقديم النصوص الأساسية من تعديل الدستور، قانون الانتخابات، والشروع في تحضير القوائم التي تعبر حقيقة عن طموحات وآمال الشعب.
وبهدف تسريع تحسين مناخ الاستثمار، دعا زواني إلى تبسيط إجراءات الاستثمار وعدم إرهاق المستثمر بأوراق ومعاملات لا جدوى منها، إذ يضطر إلى المرور بـ 12 إجراء مقابل 6.5 إجراء في الشرق الأوسط، وإفريقيا، مقترحا الخروج من نظام الدعم الذي يستهلك 17 مليار دولار في التحويلات الاجتماعية، يمكن استثمار مليار دولار منها في الرقمنة، لمضاعفة الجدوى الاقتصادية للقطاعات المنتجة.
وسجل الكثير من النواب، غياب الأرقام، ومصادر تموين المشاريع المدرجة في مخطط عمل الحكومة، في ظل حديث الوزير الأول عن ظرف اقتصادي صعب، ووصفت النائب وافية بورغدة عن تجمع أمل الجزائر، مخطط عمل الحكومة بـ«الغامض» لأنه لم يحمل أرقاما ولا آجالا لتنفيذه، وهو ما ذهب إليه النائب  محمد عبد الهادي من الأحرار، حيث قال إنه كان يجدر تحديد الآليات والمصادر المالية لتمويل المخطط، إذا كان عن طريق الاستدانة مثلما ذكر في قانون المالية لسنة 2020، أو عن طريق الدين الداخلي، ناهيك عن غياب الظرف الزمني لتنفيذ المخطط.
وشاطر النائب هواري تيغرسي دون انتماء، هذا الرأي، حيث قال إن المخطط مهم جدا، غير أنه يفتقد إلى التنسيق الكلي بين المجموعات وعدم ترابط المشاريع، كما يحتاج إلى تحديد مصادر التموين لتحديد الأولويات.
أما النائب حبيب قدوري عن حزب جبهة التحرير الوطني، فاعتبر أن مخطط عمل الحكومة يجابه التحديات الاجتماعية والاقتصادية خاصة بعدما أقر بالصعوبات التي تمر بها البلاد.