طباعة هذه الصفحة

أمام الملتقى الدولي حول حماية الاستثمار

الرئيس تبون يؤكد ضرورة سن قوانين لضمان مناخ ملائم

 تكييف المنظومة القانونية مع تطور الاقتصاد الوطني

 نحو تعديل القانون التجاري لتبسيط إنشاء المؤسسات وتعزيز وقايتها

أكد، أمس، مختصون في القانون، خلال الملتقى الدولي للمحامين حول موضوع الحماية القانونية والقضائية للاستثمار على ضرورة سن قوانين شفافة وجذابة لتحسين مناخ الاستثمار في الجزائر.
وتميّز الملتقى بإلقاء كلمة للرئيس تبون، قرأها الوزير المستشار للاتصال، الناطق لرئاسة الجمهورية بلعيد محند أوسعيد، أكد فيها أن الهدف المنشود من تعديل الدستور حماية البلاد من الفساد والانحراف وإصلاح شامل للعدالة تصحبها إجراءات لتعزيز المهن ذات الصلة، كما أشار إلى أن القانون المدني وقانون الإجراءات المدينة الرادارية ستعرف مراجعة حتى تتكيف أحكامها مع تطور الاقتصاد الوطني.
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أنه سيترتّب عن مشروع تعديل الدستور تكييف القوانين مع متطلبات المرحلة الجديدة، بدءا بمراجعة القانون التجاري لتبسيط شروط إنشاء المؤسسات، وإدخال نظام وقائي لإنقاذ المؤسسات التي تعرف صعوبات.
وأبرز تبون في كلمته أنه «يترتّب عن هذا المشروع الطموح (تعديل الدستور)، فيما يتعلق بالعدالة، تكييف القوانين مع متطلبات المرحلة الجديدة، بدءا بمراجعة القانون التجاري لتبسيط شروط إنشاء المؤسسات، وإدخال نظام وقائي لإنقاذ المؤسسات التي تعرف صعوبات، وتدعيم الجهات القضائية الفاصلة في المادّة التجارية، عن طريق تخصّص العنصر البشري».

حماية الاستثمار أولوية

وأضاف رئيس الجمهورية، في كلمته خلال هذا الملتقى الذي حضره أعضاء من الحكومة والسلطات القضائية والاتحاد الوطني والدولي والعربي للمحامين، أنّ «القانون المدني وقانون الإجراءات المدنية والإدارية سيعرفان كذلك مراجعة لتكييفهما، تماشيا مع تطوّر الاقتصاد الوطني». وسيساهم هذا، يضيف رئيس الجمهورية في «خلق مناخ ملائم للأعمال، ويعزّز العدالة بصلاحيات أوسع في المجال الاقتصادي وعلى رأسها القضية التي يتطرق إليها ملتقاكم هذا في حماية الاستثمار».
وقال مخاطبا المشاركين في الملتقى، أن الهدف المنشود من تعديل الدستور هو»إرساء أسس الجمهورية الجديدة على قواعد دائمة لا تتأثرّ بزوال الرجال، لأنها ستحمي البلاد نهائيا من الفساد والانحراف الاستبدادي، وتكرّس الديمقراطية الحقّة، القائمة على الفصل الفعلي بين السلطات، وحماية حقوق وحريات المواطن، مما يجعل من التداول السلمي على السلطة حقيقة ملموسة تعزّز الثقة بين الحاكم والمحكوم».
ومن المحاور التي سوف يتطرق إليها مشروع التعديل الدستوري -يضيف الرئيس- «مسألة الفصل بين السلطات وتوازنها، وإدخال إصلاح شامل على قطاع العدالة، بهدف تعزيز استقلالية السلطة القضائية، باعتبارها أهم ركيزة من ركائز دولة الحق والعدل والقانون، في ظلّ ممارسة ديمقراطية، يشعر فيها المواطن فعلا بأنّ له رأيا يُؤخذ به، وأنه شريك في صنع القرار السياسي، ومعنيّ بمصير بلاده، مقيم للتوازن بين الحقوق والواجبات».

تعزيز آليات الوقاية من الفساد ومكافحته


وأضاف أنه «هذه المراجعة العميقة (للدستور) ستظل ناقصة، ما لم تصحبها إجراءات لتعزيز مهنة الموثّق، ووظيفة المحضر القضائي، ومحافظ البيع بالمزايدة، والخبير القانوني». وتابع بأن « التعديل الدستوري سيسعى أيضا إلى تعزيز آليات الوقاية من الفساد ومكافحته، بصفة دائمة ومستمرة، حتّى نُؤسّس لبيئة سليمة من آفة الفساد، حاضنة لمنافسة شريفة مدفوعة بروح المسؤولية وبحبّ الوطن، ومحصّنة بالأخلاق والقيم الفاضلة».
وبهذا فإنّ جهاز العدالة - يشير السيد تبون «تناط به في هذا السياق، الحماية القانونية والقضائية للإستثمار، حتّى يكون فعالا في حماية حقوق الأفراد والمؤسسات، وتسوية النزاعات بالسرعة المطلوبة، في إطار القانون السيّد دون سواه، وبذلكم، تتوفر البيئة الملائمة لتشجيع رجال الأعمال على الإستثمار في كل القطاعات وفي كل جهات الوطن». ومن شأن الحماية القانونية والقضائية للإستثمار الأجنبي أيضا أن تعزز جلب واستقطاب المستثمرين الأجانب، بما يساعد على نقل التكنولوجيا والمعرفة كمرحلة أولى وتوطينهما كمرحلة ثانية، خاصة وأن بلادنا قد وقعت عشرات الإتفاقيات سواء تلك المتعلقة بمنع الإزدواج الضريبي أو بالحماية المتبادلة للإستثمارات.
وهنا أكد رئيس الجمهورية على أن حماية الاستثمار الأجنبي مضمونة، من خلال انضمام الجزائر إلى العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإلى الإتفاقيات الثنائية الموقّعة مع أكثر من خمسين دولة، مضيفا بأنّ حرية الاستثمار والتجارة المكرّسة دستوريا، تستدعي مزيدا من الحماية والترقية في صالح الاقتصاد الوطني، وهو ما «سيؤخذ بعين الاعتبار في التعديل الدستوري القادم». ومهما كانت التشجيعات التي تقدمها الدولة في شكل نصوص قانونية أو دعم مادي وتحفيزات ضريبية أوإعفاءات جبائية، فإن المستثمر من الصعب أن يغامر بمشروعه إلا إذا توفر له قضاء مستقل وفعال، وسريع الاستجابة، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام، يشير الرئيس.

استقرار المنظومة القانونية عشر سنوات على الأقل


وبناء عليه، فإن استقلالية القضاء «الفعلية لا الشكلية» التي تسعى الجزائر إلى تجسيدها، بموجب التعديلات الدستورية المرتقبة، ستكون من هذا المنطلق، بما يوفره الدستور من حماية لاستقلالية القضاة ونزاهتهم، ركيزة أساسية لحماية الإستثمار التي ستتعزز باستقرار المنظومة القانونية على الأقل لمدّة عشر سنوات، حتّى تكون للمستثمر الوطني أو الأجنبي رؤية واضحة للإستثمار على المدى الطويل.
بهذه المناسبة، دعا الرئيس المشاركين في هذا الملتقى، الذي يدوم يومين إلى المساهمة في إثراء التعديلات الدستورية المرتقبة. وقال بخصوص الملتقى « إنه لمن دواعي السرور أن تحتضن الجزائر هذا الملتقى الدولي رفيع المستوى للمحامين» معتبرا إياه «لقاء اقتراحات لوضع الآليات الكفيلة بمرافقة الاستثمار وحمايته تدعيما للاقتصاد الوطني» مجددا عزمه على «تحريك العجلة الاقتصادية على أسس سليمة، قائمة على المنافسة الشريفة بين المتعاملين الإقتصاديين، بدون تمييز بين المستثمرين، في إطار سياسة تشجيع المبادرات، والتعامل الإيجابي مع تطلعات المتعاملين الاقتصاديين الذين يحترمون قوانين الجمهورية، ويسعون وراء الربح الذي لا يضرّ بالمصلحة الوطنية».

المشاركون: ثقة المستثمر في القضاء ضمانة للتنمية المستدامة واقتصاد قوي


وأجمع المشاركون في الملتقى على أن تحقيق التنمية المستدامة واقتصاد قوي لا يتسنى إلا بفتح المجال للاستثمارات المختلفة، عن طريق سن قوانين «قارة» و»شفافة» و»جذابة» تعمل على تحسين مناخ العمل وتجعل المستثمر يثق بالجهاز القضائي الذي سيوفر له الحماية (من خلال القوانين) في حالة نشوب النزاعات المختلفة.
وقال رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، أحمد ساعي في هذا الصدد أن الاستثمار سواء كان وطنيا أو أجنبيا يحتاج إلى مناخ يسوده الاستقرار، مضيفا أن الحماية القانونية والقضائية للاستثمار تأتي من خلال «سن قوانين تحمي المستثمرين وتضمن السرعة في الفصل في النزاعات حتى يشعر المستثمر أنه محمي قضائيا».
كما نوّه بالدور الكبير الذي يلعبه المحامي في هذا المجال، وذلك من خلال «مرافقة المستثمر وتقديم الاستشارات القانونية اللازمة له» إضافة إلى اللجوء لحل النزاعات ب»الطرق البديلة» على غرار الوساطة القضائية والتحكيم. داعيا إلى ضرورة تكوين وتحضير المحامين والقضاة للفصل في مثل هذه النزاعات.
من جهته، أشار نقيب منظمة محامي الجزائر، عبد المجيد سليني، إلى أن انعقاد هذا الملتقى يتزامن والتحضيرات الجارية لتزويد البلاد بترسانة قانونية متكاملة، تتضمن علاوة على القوانين المتصلة بحقوق وحريات المواطن تلك الخاصة بإنعاش الاقتصاد والتنمية المستدامة.
وركز على الدور البارز، الذي سيلعبه المحامي في هذا المجال باعتباره شريكا للعدالة لتوفير الحماية القانونية والقضائية للمستثمرين من خلال مساهمته في حل النزاعات القضائية.
أما رئيس الاتحاد الدولي للمحامين، جيري روث، وهو عضو بنقابة المحامين بكاليفورنا (الولايات المتحدة الأمريكية)، فذكر أن موضوع الحماية القانونية والقضائية للاستثمار يكتسي أهمية بالغة منوها ب»الدور الكبير الذي لعبته الجزائر وسط الاتحاد الدولي للمحامين، والمتمثل في تبادل الخبرات والمعلومات مع محامي العالم».
وانطلق الملتقى الذي يختتم، اليوم، بحضور أعضاء من الحكومة وعدد كبير من المحامين من مختلف أنحاء العالم، ممثلين في الاتحاد الدولي للمحامين واتحاد المحامين العرب والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين ومنظمة محامي الجزائر إلى جانب قضاة وموثقين وخبراء ومتعاملين اقتصاديين من دول مختلفة.
وتطرق الملتقى المنظم من قبل منظمة محامي الجزائر بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحامين إلى عدة مواضيع متعلقة بالاستثمار وعلى رأسها مواضيع ضمانات الاستثمار الأجنبي بالجزائر وحماية الاستثمارات في الجزائر على المستويين القانوني والتعاقدي والوسائل البديلة لحل النزاعات ودورها في تطوير الاستثمار» وكذا دور القاضي الإداري في المنازعات المتعلقة بالاستثمار.

 نحواستثمارات كبيرة في الطاقة

في تصريح للصحافة على هامش هذا الملتقى، أكد وزير الطاقة، محمد عرقاب، أن الجزائر على أبواب استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، مما يستوجب تحسين دفتر الشروط لخلق مناخ ملائم للأعمال وتشجيع الاستثمارات، مضيفا أنه سيتم السعي كذلك «للرفع من مستوى العقود التي تبرمها الجزائر حتى تكون عقود دولية في المستوى».
ونوّه في سياق متصل، بالأهمية البالغة الذي يكتسيها هذا الملتقى المنصب على موضوع الحماية القانونية والقضائية للاستثمار، والذي من شأنه الخروج ببنود هامة لحماية الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار الأجنبي، عن طريق إفادته بالحماية القانونية والقضائية وذلك بهدف النهوض بالاقتصاد الوطني.