طمأن وزير الموارد المائية أرزقي براقي، الجزائريين بضمان تزويدهم بالماء الصالح للشرب ودون زيادة في تسعيرته، رغم شح الأمطار، غير أن الوضعية التي تعرفها الجزائر منذ سنوات بسبب التغيرات المناخية، دفعت ذات المسؤول لمطالبة الخبراء والمختصين بوضع نظرة استشرافية لتحسين استغلال هذا المورد الهام وضمان ديمومته في ظل استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري، والعمل على رفع درجة التحسيس بأهمية الحفاظ عليه وترشيد استهلاكه وسط العائلات والمسؤولين، لتفادي تكرار أزمة مياه سنة 2001.
تعهد براقي في يوم دراسي حول «الماء في المدينة» نظم بالمركز الدولي للمؤتمرات، أمس الأول، بضمان الخدمة العمومية للمياه وإيصالها لكل مواطن تجسيدا للالتزام رقم 30 لبرنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقال إن مصالحه تعكف من خلال برنامج مسطر على تحسين مستوى تزويد المواطنين بالمياه الشروب يوميا، والقضاء على الفوارق المسجلة بين منطقة وأخرى حيث توجد 563 بلدية على مستوى 27 ولاية مصنفة في الخانة الحمراء، تتزود بالماء بنظام واحد كل يومين أوثلاثة أيام، تعمل مصالحه على تقليصها إلى 167 بلدية، سيتم التكفل بها من خلال برنامج تكميلي بالتنسيق مع وزارة الداخلية والولاة للقضاء على هذا المشكل.
وبدّد براقي، المخاوف من نقص المياه الصالحة للشرب بسبب استمرار شح السماء، فحسبه الحديث عن موسم جفاف سابق لأوانه، لأن سقوط الأمطار أصبح في السنوات العشر الأخيرة يسجل شهري مارس وأفريل وعليه لا يمكن الحكم على الوضعية ما دام أن فصل الشتاء لم ينقض، مشيرا إلى أن نسبة امتلاء السدود بلغت 63 بالمائة، وهي كافية لضمان تموين السكان بالمياه الشروب، نافيا إدراج أي زيادات في تسعيرة المياه المدعمة من طرف الدولة، لأن الأولوية حسبه هي تحسين الخدمة وإيصال الماء للمواطن يوميا ودون انقطاع قبل التفكير في إدراج أي زيادات.
أما عن تلبية حاجيات الفلاحين، فأبرز ذات المسؤول أن هذه الفئة تعتمد على المياه الجوفية لسقي الأراضي الفلاحية وليس على مياه السدود، وفي ظل توفر المخزون الكافي هم في أريحية، غير أن الضرورة تفرض تشجيع الفلاحين على توسيع استخدام وسائل الري المقتصدة للمياه التي تستعمل بنسبة 50 بالمائة فقط، وهو برنامج قطاعي مشترك بين وزارات الفلاحة والصناعة والموارد المائية نعمل على تجسيده للحفاظ على هذا المورد.
ولم يغفل وزير الموارد المائية، التحديات الجديدة للجزائر في مجال توفير الماء والحفاظ عليه، أمام تمدد ظاهرة التغيرات المناخية التي باتت تفرض تكييف آليات التسيير والبرامج القطاعية لمجابهتها وتقليل أثارها على الفرد والمجتمع، حيث أكد أن العمل يجب أن ينصب على محاربة تبذير المياه، والتسربات، بالاعتماد على الابتكارات والأنظمة التكنولوجية الحديثة خاصة الرقمية وتعميمها في إدارة المورد، وتكريس ثقافة الحفاظ على الماء وسط المسؤولين بجميع القطاعات والمواطنين على حد سواء.
وتشير وثيقة قدمتها الوزارة إلى أن كميات المياه الضائعة نتيجة التسربات فاقت 50 بالمائة بالعاصمة فقط، مقابل 15 بالمائة في دول أوروبا، في حين لا يزال 25 بالمائة من السكان يموّنون بنظام واحد في 3 أيام، رغم المبالغ المالية الضخمة التي تم رصدها للاستثمار في القطاع في السنوات الماضية.
وقد تم الاستعانة بخبراء من دول حوض الأبيض المتوسط كإسبانيا والبرتغال وفرنسا، للاستفادة من تجربتهم في مجال الخدمة العمومية للمياه لأننا نشترك معهم في المناخ والنسيج العمراني للمدن.
وقد أبرز هؤلاء في أشغال اليوم الدراسي، أهمية وضع آليات جديدة ضمن مخططات التنمية الوطنية والمحلية لمواجهة آثار التغيرات المناخية، وما يترتب عنها من ندرة المياه، مقابل ارتفاع الطلب عليها بسبب تزايد الكثافة السكانية.