طباعة هذه الصفحة

المرأة في البرامج الانتخابية للمترشحين الستة لرئاسيات 17 أفريل القادم

اختلاف في الطروحات والهدف واحد ترقية النساء اقتصاديا واجتماعيا

سلوى روابحية

إجماع علـى سـن المزيد مـن التشريع لحماية الأسرة ومكافحـة التمييــز
تباينت طريقة معالجة ملف المرأة في البرامج الانتخابية للمترشحين الستة للانتخابات الرئاسية التي صيغت من أجل الترويج للأطروحات المقترحة واستمالة أكبر عدد ممكن من الهيئة الناخبة، ولاسيما شريحة النساء على اعتبار أنها تمثل أكثر من نصف المجتمع والأكثر من هذا فإنها كانت دائما السباقة نحو مراكز الاقتراع  لأداء واجب الانتخاب في جميع الاستحقاقات السياسية السابقة. وإذا كان هذا التباين واضحا في البرامج الستة المقترحة على الشعب لاختيار الأفضل منها إلا أن البعض من هذه البرامج يكاد يضع في المقام الأخير التطرق إلى انشغالات المرأة وما تحمله من هموم على جميع الأصعدة.
إن قراءة متأنية لمختلف البرامج الانتخابية في شقها المتعلق بالمرأة تبين أن مترشحين فقط من بين الستة تطرقا بكثير من الدقة إلى أبرز انشغالات المرأة ويتعلق الأمر بكل من السيدين علي بن فليس وعبد العزيز بوتفليقة،
وبدرجة أقل المترشح الأصغر سنا أي عبد العزيز بلعيد بينما لم يكلف كل من موسى تواتي وفوزي رباعين نفسيهما عناء إبراز وجهتي نظرهما فيما يخص التكفل بالمشاكل التي لا تزال تواجهها المرأة والدور الذي ينبغي أن تضطلع به في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
 أما المرأة الوحيدة التي نالت شرف الترشح لمنصب الرئاسة للمرة الثالثة على التوالي وهي السيدة لويزة حنون وعلى الرغم من دفاعها المستميت عن المرأة وحقوقها ومطالبتها باستمرار إلغاء قانون الأسرة إلا أن برنامجها الانتحابي الذي دخلت به معترك الاستحقاق الرئاسي يكاد يخلو على العموم من اقتراحات عملية تصب في اتجاه التكفل بكل الانشغالات التي تخص النساء الجزائريات.

بوتفليقة:
استراتيجية جديدة لترقية حواء واندماجها
يعترف المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة في البرنامج الانتخابي بالدور المحوري للمرأة وفعالية مساهمتها في مجهود التنمية مثلها مثل الرجل وبضرورة توثيق كل المكاسب التي تحصلت عليها في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية ومع هذا فإنه يقترح رسم الاستراتيجية جديدة لترقية المرأة واندماجها.
 خلافا للأغلبية الساحقة من المترشحين فإن الرئيس بوتفليقة المنتهية عهدته الثالثة الذي كان وراء توسيع المشاركة السياسية للمرأة ودخولها المجالس المنتجة يعتمد في برنامجه الانتخابي على الاستمرار في النهج المسطر في إطار الاستراتيجية الوطنية لترقية وإدماج المرأة الممتدة على ست سنوات (2008 - 2014) .
 ولأنها دخلت هذه السنة عامها الأخير فإن استراتيجية جديدة تفرض نفسها وسيتم إعدادها بالتشاور مع المنظمات النسائية انطلاقا من الدروس المستخلصة من التجربة الأولى آخذة بعين الاعتبار ما هو موجود من الكفاءات من أجل تسطير خطة عمل تمس هذه المرة كل الشرائح النسائية في إطار المبادئ العامة والعناصر الأساسية لهوية المجتمع من دين إسلامي وإنصافه بين الرجل والمرأة ودستور ينص صراحة على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات وحماية المرأة من كل أشكال التمييز فضلا على ترقية الحقوق السياسية لها من خلال توسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة وهو ما تحقق قبل عامين إذ سمحت التعديلات الأخيرة برفع تواجد المرأة في البرلمان بنسبة تعدت 31 ٪.
مكسب قيل عنه الكثير لكنه بحاجة إلى دعم وتصحيح في بعض الأحيان من أجل بلوغ النوعية في التمثيل بما يكفل تواجد الكفاءات الحقيقية من النساء المؤهلات لتقديم الإضافة في الحقوق العامة للمرأة وليس اعتبارها ديكورا مكملا ليس إلا، خاصة وأن العديد من النساء لا يزلن يجهلن حقوقهن بسبب ضعف الثقافة القانونية فضلا على تلك العراقيل التي توضع أمامهن للتبليغ في حالة تعرضهن لمختلف أشكال العنف، وفي هذا الصدد أشارت الوثيقة الخاصة بالبرنامج الانتخابي لبوتفليقة إلى ضرورة محاربة ظاهرة العنف ضد المرأة من خلال تعزيز التشريع المتعلق بذلك بعد أن تبين حسب الأرقام الرسمية أن التعنيف قد يؤدي إلى الوفاة، حيث تم تسجيل وفاة أكثر من 250 امرأة أغلبها في إطار العنف المنزلي وخاصة الزوجي.
أما في مجال المشاركة النسائية في مجهود التنمية وعلى الرغم من النقلة الهامة المسجلة في السنوات الماضية إلا أن عملا كبيرا ينتظر المرشح بوتفليقة في دعم مساهمة النساء في برامج التنمية ولهذا فقد أشار في ذات البرنامج إلى تعزيز إدماجهن في الدوائر الاقتصادية من خلال تشجيعهن على المزيد من الانخراط في مختلف الآليات الموجودة والمخصصة لدعم التشغيل والمقاولاتية والأهم في كل هذا عدم التمييز في منح القروض ضمن هذه الآليات التي لا تزال تنظر إلى المقاولة النسائية ببعض الريبة.
ومن أجل التخفيف من المعاناة اليومية للمرأة العاملة فقد اقترح المرشح بوتفليقة اتخاذ سلسلة من التدابير العملية لرفع البعض من هذه المعاناة وتمكينها من التوفيق بين عملها خارج المنزل والتزاماتها العائلية عبر توفير المزيد من دور الحضانة وتعميم التعليم ما قبل التمدرس إلى جانب تشجيع الرياضة النسائية كأحد عناصر ترقية المرأة اجتماعيا واقتصاديا.

بــــــن فليــــــس:
سياسة وطنية لتثمين دور المرأة في التنمية قبل نهاية 2014
التزم المترشح الحر السيد علي بن فليس في حالة انتخابه رئيسا للجمهورية في استحقاق 17 أفريل القادم بوضع استراتيجية وطنية لترقية دور المرأة في التنمية بأبعادها الشاملة وذلك قبل نهاية 2014، كما التزم بوضع ترتيب قانوني لحماية المرأة من كل أشكال العنف.
 لكن لا يمكن الشروع في ترقية المرأة ضمن الاستراتيجية الوطنية التي يقترحها بن فليس دون العمل في اتجاه التطوير التدريجي للذهنيات التي يقول عنها أنها لا تزال معادية للمرأة، هذا العمل ينبغي أن يندرج في إطار البرامج التعليمية والتواصل الاجتماعي في مختلف الوسائل كالإعلام والمدرسة والمسجد والإنتاج الثقافي والأدبي والسمعي البصري والسينمائي.
 من ضمن النقاط التي يركز عليها المترشح بن فليس من أجل مزيد من الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمرأة ليس فحسب ترقية حقوق النساء وإنما الطفلة والمراهقة من خلال حملات التحسيس والتوعية لتهيئة وتحضير نصف المجتمع منذ الصغر والتعريف بالحقوق الأساسية لهذه الفئة.
وإذا كان علي بن فليس قد أشار في برنامجه الانتخابي وبإقتضاب عن ما اعتبره الشروع في التفكير في قانون الأسرة دون تقديم أي توضيح حول هذا الملف الذي أثار ولا يزال يثير الكثير من الجدل حوله فإنه وفي مقابل ذلك يبدي اهتماما بالغا بكل ما يتعلق بالعنف الممارس ضد المرأة في ظل تنامي هذه الظاهرة مقترحا أولا وقبل كل شيء تحديد أشكال العنف ضد المرأة وما هي أسبابه ودوافعه ومصدره ومن ثم اتخاذ الإجراءات العملية للتصدي لهذه الآفة الاجتماعية من خلال سن قانون لوقف انتشارها السريع يتضمن عقوبات ردعية على مرتكبيها مهما كان المتسبب في الأشكال المتعددة للتحرش والعنف الزوجي والمنزلي فضلا على ضمان المرافقة اللازمة للنساء المعنفات.
التقليص من التمييز اتجاه المرأة لن يتم دون تكريس مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين في المجالس المنتخبة والمناصب العليا ولكن انطلاقا من الترقية المرتكزة على الجدارة والأحقية ولكن أيضا الكفاءة. أما عن تشجيع المرأة المقاولة فالمترشح الحر يتعهد بضمان اندماج اجتماعي و اقتصادي أفضل للمرأة عبر تسهيل حصولها على القروض الخاصة بتمويل مشاريعها الاستثمارية وتوفير المناخ الخاص والظروف المواتية لترقية نشاطات المرأة اقتصاديا ومساعدتها لإنجاح مشاريعها في إطار حماية اجتماعية لكل الشرائح وخاصة الريفيات وكل النساء اللائي يتعرضن للمخاطر فضلا على دمج جمعيات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا المرأة، في الجهود المبذولة على مستوى العمل العمومي.

حنــــون:
 الإصرار على إلغاء قانون الأسرة والاهتمام بالأمومة

لا تزال زعيمة حزب العمال السيدة لويزة حنون تتربع على عرش الإنفراد بالترشح للرئاسيات ليس فقط في الجزائر وإنما في الوطن العربي ككل وكانت أول تجربة لها في سنة 2004 ومنذ ذلك التاريخ لم تتخلف عن تسجيل الحضور في الترشح لمنصب القاضي الأول في البلاد وتخوض حاليا حملتها الانتخابية لرئاسيات 2014 دون ملل أو كلل وفي رصيدها مجموعة من المبادئ والقناعات دافعت عنها ولا تزال ومن بينها إلغاء قانون الأسرة وتعويضه بقانون عضوي مدني يساهم في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات والانطلاقة برأيها تكون من تغيير الذهنيات وتفعيل المجتمع المدني من أجل مساهمة المرأة وبجدية في التنمية.
وعلى الرغم من كون برنامجها الانتخابي لم يتطرق إلى مجمل القضايا التي لا تزال تشغل المرأة اليوم إلا أن لويزة حنون أدرجت المرأة في سياق التزامها بصياغة سياسة اجتماعية جديدة تهتم ضمن ما تهتم به خاصة بحماية المرأة العاملة والطفولة عبر المصادقة على اتفاقية المنظمة الدولية للشغل التي تحمي الأمومة في الشغل .
الحزب السياسي الأول الذي ترأسه امرأة في الجزائر لم يقتصر نضاله على قضايا النساء رغم أن زعيمته عرفت منذ بداية نضالها السياسي كمدافعة شرسة على حقوق المرأة وضد قانون الأسرة بل شمل كل القضايا الحساسة الأخرى ومن ضمنها وجوب تحقيق المساواة بين الجنسين رغم وجود العديد من المكاسب قد تحققت لفائدة المرأة في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والشغل وفي المجال السياسي أيضا شريطة الأخذ بعين الاعتبار لمعيار الكفاءة .

رباعين :
ما قل ودل عن المرأة
أوضح المرشح فوزي رباعين رئيس حزب عهد 54 قد تطرق في برنامجه الانتخابي بكثير من الاقتضاب إلى المرأة وانشغالاتها ولخصها في ضرورة مراجعة قانون الأسرة وفق الإجراءات الدستورية المكرسة للمساواة بين الرجل والمرأة دون الخوض في التفاصيل

تواتي:
الترقية الإجماعية للماكثات في البيت

قدم المرشح موسى تواتي عن الجبهة الوطنية الجزائرية قدم من جهته بعض الخطوط العريضة التي يمكن النظر إليها على أنها مشروع استراتيجية لترقية المرأة ومحيطها المباشر عندما يشير إليها في سياق العناية بالأسرة والعائلة والترقية الاجتماعية للماكثات في البيت وتشجيع المرأة العاملة وتعميم المدارس القرآنية وكذا تعميم دور الحضانة والتعليم التحضيري وتشجيع النشاط الاقتصادي العائلي الذي عادة ما تكون فيه المرأة المحرك الأساسي له من خلال اهتمامها بكل الحرف التي تنجز في إطار الأسرة .

بلعيد:
 تكييف وتطوير القانون

يعتبر المترشح عن حزب جيل المستقبل السيد عبد العزيز بلعيد أنه لا مفاضلة بين المرأة والرجل وأن النساء في الجزائر يحظين بنفس المكانة والاهتمام دون أي تمييز بين الجنسين ويظل موقعهن في المجتمع ينمو ويتطور بنفس الوتيرة التي ينمو بها المجتمع ولكن ضمن ذلك الشعور والاحساس بأن الأسرة والعائلة عموما ينبغي أن ينظر إليها على أنها شراكة اجتماعية لا يمكن أن تبنى إلا بتضافر جهود المرأة والرجل معا في إطار تكاملي وكل حسب الدور الموكل إليه.
وحتى تؤدي المرأة دورها في المجتمع على أحسن وجه ومن أجل التكفل بكل المشاكل والعراقيل التي لا تزال تعيق تطورها في الإطار التكاملي يقترح المرشح الأصغر سنا ضرورة تكييف وتطوير التشريع كلما دعت الضرورة إلى ذلك وفسح المجال أمامها لتبوء المكانة التي تليق بها في مؤسسات الجمهورية وخاصة على مستوى مراكز القرار أين يسجل غيابها فيها مما أدى بالعديد من الجمعيات النسائية إلى انتقاد ما وصف بالإقصاء العمدي لها.
لكن تمكين المرأة من التواجد في مراكز القرار أو غيرها من المناصب الحساسة لا يعني من وجهة نظر المرشح بلعيد عدم الأخذ بعين الاعتبار لعاملي الكفاءة والتأهيل وإنما التركيز عليهما بالأساس مثلما يتطلبهما المنصب والوظيفة بعيدا عن اعتبارات أخرى كالجنس على سبيل المثال .
وبالنظر إلى انتشار ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة سواء في محيطها العائلي أو في المجتمع ككل مثلما تشير إليه آخر الإحصائيات فإن المترشح لسباق الرئاسيات يتعهد في برنامجه الانتخابي بضمان حماية المرأة من كل أنماط وأساليب العنف والظلم والتعسف الذي تواجهه فئة ليست بالهينة من المجتمع الجزائري داخل الأسرة وخارجها بكل انعكاساته السلبية على توازن المجتمع.