أعطى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في مجلس الوزراء المنعقد أول أمس، أولوية قصوى للتكفل بالمرضى في الاستعجالات الطبية والنساء الحوامل على مستوى مصالح التوليد عبر القطر الوطني، معتبرا أنهما نقطتا الضعف في المنظومة الصحية، والأمر يستدعي إعادة تنظيم القطاع ووضع إجراءات عملية خاصة بتكوين أطباء متخصصين وشبه طبيين في الاستعجالات.
تأتي هذه التعليمات التي تصب في مجملها حول مصالح الاستعجالات وأقسام التوليد بعد تسجيل العديد من الشكاوى،آخرها الصور المأساوية المنتشرة حول أحد المستشفيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي أظهرت افتراش عدد من الحوامل الأرض بدل الأَسِرة، وهو الوضع الذي صدم الجميع و«وصفه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالمشهد المأساوي»، حيث عمت حالة من السخط والغضب وسط المواطنين الذين اختلفت آراؤهم حول هذا الوضع، فمنهم من اعتبره إهمالا من قبل المسيرين وآخرون أرجعوه إلى نقص عدد الأسرة التي لا تكفي لاستقبال جميع الحوامل.
وأبدى رئيس الجمهورية إرادة لتحسين الوضع الصحي القائم من خلال الحرص على ضرورة التكفل بجميع المرضى على مستوى الاستعجالات والنساء الحوامل بأقسام التوليد، مشددا على عدم رفض استقبال أي امرأة حامل وهي في اللحظات الأخيرة قبل الوضع من قبل أي مصلحة طبية كانت، ويندرج هذا في إطار المخطط الاستعجالي لوضع حد للمشاكل المتكررة على مستوى هذه المصالح التي اعتبرها رئيس الجمهورية نقطة الضعف الرئيسية في قطاع الصحة.ولم يتوقف إهتمام رئيس الجمهورية عند إيفاد فرق تفتيش إلى كافة المستشفيات بل يشمل إعطاء تعليمات لإحداث القطيعة مع الممارسات السابقة في قطاع الصحة من خلال تحسين استقبال المرضى والتكفل بهم وإعادة تنظيم القطاع ككل من خلال وضع إجراءات عملية خاصة بتكوين أطباء متخصصين في الاستعجالات وشبه الطبي وتشجيع المنافسة بين أطباء الاستعجالات بمنح التحفيزات المناسبة، بالإضافة إلى التعجيل في إنجاز مستشفى بالعاصمة يتسع لـ 700 سرير والذي من شأنه أن تخفيف الضغط عن المنشآت الصحية القائمة قبل أن يلح على ضرورة الإسراع في رقمنة القطاع بهدف تحسين الخدمات.
كما تناول الرئيس تبون ملف الخدمة المدنية الذي أثير حوله جدل كبيرا دام سنوات، وهو المطلب الذي يعتبر حجر الأساس في الصراع بين وزارة الصحة والأطباء المقيمين الذين لطالما اشتكوا من ظروف العمل في الجنوب وعدم توفر الإمكانات اللازمة في ظل رفض مراجعة قانون الخدمة المدنية، وفي هذا السياق شدد على ضرورة التفكير الجدي لحل مشكلة الخدمة المدنية ومنح التحفيزات اللازمة مع التفكير في إعطاء الأولوية لتكوين أطباء من الجنوب بهدف إيجاد حل نهائي لمشكلة نقص الأطباء المختصين في الجنوب.
كما حث تبون على تشجيع الوقاية بالتشاور مع المجتمع المدني الذي يمكن لبعض جمعياته أن تكون ذات منفعة عامة للاستفادة من مساعدات الدولة بهدف تخفيف الضغط على مصالح الاستعجالات واللجوء إلى العيادات متعددة الخدمات وكذا وضع آليات لمعاينة المرضى لتفادي تنقلهم لمصالح الاستعجالات بدون ضرورة، ملحا على ضرورة التشخيص المبكر المجاني لبعض الأمراض المزمنة والمرتبطة بالسن والسرطان.
وجاء هذا خلال استماع مجلس الوزراء إلى عرض قدمه وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات حول آفاق إعادة بعث القطاع وتطويره، والاطلاع على الأهداف المرجوة من برنامج العمل القطاعي والمتمثلة في إعداد خارطة صحية ومخطط تنظيمي، إضافة إلى جملة من الأعمال موجهة للتكفل بدعم قدرات الهياكل الصحية الجوارية والمؤسسات الاستشفائية وكذا تعزيز التموين بالأدوية وتحسين التغطية الصحية وتكوين مستخدمي القطاع.