مع تنامي مظاهر العنصرية والجهوية وانتشار خطابات الكراهية خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية، أصدر رئيس الجمهورية تعليمة لإعداد قانون يجرم هذه التصرفات الصادرة عن بعض الأطراف التي ستنسحب بعد القانون من هذه الفضاءات وتنحصر في أفكارها ومرجعيتها الهادفة إلى زعزعة الوحدة الوطنية، وبالتالي القضاء نهائيا على كل أشكال التمييز بين أبناء الوطن الواحد.
وصف الأستاذ في علم الاجتماع السياسي محمد طايبي في تصريح خص به «الشعب» قرار إعداد مشروع قانون تجريم العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية بالصائب،لوضع حد للسلوكيات ذات مرجعة عنصرية بين مقومات النسيج الاجتماعي الجزائري، والتي تعود إلى الثقافة الفايسبوكية المرتبطة بمقاصد صناعة الفوضى وزراعة البذور الانعزالية والشقاق بين الجزائريين.
وقال الأستاذ أن القانون ذوبعدين يتعلق بسد الباب في وجه الذين استغلوا سلمية الحراك برفع شعارات تهدد الانسجام الوطني ووحدة المجتمع وبعد آخر يتعلق بوضع الناس أمام مسؤولياتهم لتطبيق القانون على الأطراف التي تزرع الفتنة، مشيرا أن الأمر غير كافي إذا لم تكن الدولة الوطنية صافية الجذور أصيلة الثقافة، بالإضافة إلى حداثة الخطاب الفكري والثقافي.
واعتبر أن تجريمها قانونيا ضروري ولكن ليس بترسيخ فكرة وجودها في المجتمع الجزائري،لأنها ليست وليدة الحياة العامة وإنما تجريمها على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وعن طريق الشبكات التي لم تتوقف ممارساتها هنا وإنما حد زرع هذه البذور والاحتفاظ بها كأداة ضغط على الرأي العام لتهديد النسيج الاجتماعي.
وبخصوص تناول هذه الموضوعات قال الأستاذ طايبي أن الوقت حان لتناولها فكريا وعلميا من طرف مختصين وعلماء للقضاء على خطابات التمييز والتفكيك والانشقاق التي لها مدرستها وليست مجرد انفعالات،كونها تعمل دائما على زراعة هذه المفاهيم التي تبعد الرابطة بين الشرقي والعربي والامازيغي والعربي، وهي المدرسة التي هيأت لها أرضية لوجودها، لاسيما أمام الغياب الكلي للنخب الحقيقية التي تمتلك أدوات التحليل بعيدة عن المشهد، ماعدا بعض الخطابات الحماسية التي لا تفي الغرض.
وأكد طايبي في الختام أن الفكرة رائعة من حيث أهدافها التي تصب في القضاء على كل أشكال العنصرية والجهوية ومظاهرها لحماية كرامة الإنسان وتحقيق المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات، بالإضافة إلى ضبط الآليات والتدابير للوقاية من هذه المظاهر، بما فيها خطابات الكراهية وزرع الفتن لحماية ضحاياه ومعاقبة مرتكبيه، مؤكدا أن القانون وحده ليس كافيا في حال لم تكن دولة وطنية صافية الجذور أصيلة الثقافة.