صدر عن دار روافد للطباعة والنشر في القاهرة، مؤخرا، كتاب «بلاغة الصنعة الشعرية» للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد، ضمنه واقع النشاط النقدي في مجال الشعر العربي.
يبين الكاتب في مقدمة كتابه استفادته من «النقد الثقافي» وأولى اهتماما بظاهرة «النّقد التّفاعليّ»، فتعدّدت صوره داخل مباحث الكتاب، واستطاع المؤلف حصر إحدى عشرة صورة لهذا النّشاط النقدي، وهي: «الكتابة التّنظريّة حول طبيعة الكتابة الفيسبوكيّة، ونقد النّصوص المنشورة على الفيسبوك، والتّفاعل معها مباشرة من خلال التّعليقات الّتي تتّسم بالنّاحية النّقديّة، والحوار النّقدي التّفاعلي الذي يتناول ظاهرة الفيسبوك بشكل عام، أو يتناول مسائل نقديّة وأدبيّة على هامش أحد النّصوص أو القراءات النّقديّة، والمساجلات النّقديّة بكتابة مقالات ذات صبغة نقديّة لمناقشة أفكار أحد الكتّاب أو النّصوص، إمّا اعتراضا أو تأييدا، أو توضيحا لجوانب أخرى لم ينتبه لها الكاتب الأوّل، وتناوُل كتّاب متعدّدين نصّا ما بالتّحليل والمناقشة، بانفصال تامّ دون أن يكون أحدهما ردّا على الآخر، ومحاورة الكاتب في أفكاره والرّدّ عليه في منصّة أخرى دون أن تجمعهما أيّة علاقة من العلاقات من صداقة افتراضيّة.
ويعدّ الكتاب برامج المسابقات الشّعريّة وبرامج الحوارات الأدبيّة، وعقد النّدوات الأدبيّة الّتي تستهدف أحد الكتب ومناقشتها، والتّعليق الذّي ينحو المنحى النّقدي لمحرّر الصّفحات الأدبيّة أو الثّقافيّة في الصّحف والمجلّات من بين هذا النشاط النقدي، وأخيرا ما ينشر على مواقع النّشر الإلكترونيّ كأمازون و»Good Reader» من مقالات قصيرة للقرّاء تقييما للكتب الّتي قرأوها داخلة أيضا فيما بات يعرف بالنقد التفاعلي أو النقد الافتراضي.
ويقع الكتاب في (570) صفحة، توزعتها ثمانية فصول، خصص الكاتب الفصل الأوّل (كيف يحدث الشعر؟)، ليقدم وجهة نظر ذاتيّة حول فهمه للشّعر والشّاعر واللّغة من خلال مجموعة من النّصوص الذّاتيّة.
وناقش الفصل الثّاني (ظواهر سلبية في مسيرة الشعراء) كثيرا من المظاهر السّلبيّة في مسيرة الشّعراء، متّصلة بالفعل الشّعريّ وإبداعه. وجاء الفصل الثّالث (وهج المرأة الشّاعرة) ليناقش فيه الكاتب ظاهرة الشّعر عند الشّاعرات، وما يتّسم به شِعرهنّ أحيانا من سمات تبعده عن الشّعريّة، مقدّما قراءات خاصّة حول ثلاث تجارب إبداعيّة نسائيّة.
كما أضاء الكتاب في الفصل الرابع «الشّعر بين الأيروتيكية والأيروسية»، موردا نماذج لها من شعر الشّاعرة اللّبنانية جمانة حدّاد، والشّاعر الفيلسوف جورج باطاي، ومآل الأيروسيّة في الغناء العربيّ، وما في بعض الأغاني من تلميحات أيروسية.
فيما بحث الفصل الخامس الذي جاء تحت عنوان (الشعر قضايا وآراء) في قضايا الشّعر القديم والمعاصر وبعض ظواهره الفنّيّة وما آلت إليه القصيدة الحديثة.
وخصّص الفصل السّادس لمناقشة «آفاق من شعريّة القرآن الكريم واللّغة العربيّة»، فناقش طبيعة الأدب الإسلاميّ بشكل عامّ، وأثر الأفكار الإسلاميّة في تشكيل جانب من جوانب الأدب الإسلاميّ وتجلياتها في الشّعر الحديث، وفصّل الحديث في شعرية القرآن الكريم ومظاهر هذه الشّعرية.
أما الفصل السّابع المعنون بـ (الشّاعر وسلطة الإعلام المعاصر) فبحث في ظاهرة الشّعر الجماهيريّ ومساهمة الإعلام في صناعة الشّعر ونجوميّة الشّاعر من خلال مناقشة قضايا متّصلة بمواقع التّواصل الاجتماعيّ والإعلام الحديث وأثر برنامجي «أمير الشّعراء» و»شاعر المليون» الإماراتيين في توجيه الشّعر التّوجيه الّذي يرضي الذّائفة والوجدان، وينمّي آفاق التّفاعل معه. وتوقّف الكاتب في الفصل الثامن (في حضرة الكتب) عند مجموعة من الكتب، تلك الّتي أولت عناية خاصة بالدّرس النّقديّ الشّعريّ وبعض الكتب الشعرية القديمة والمترجمة.