في أول زيارة ميدانية منذ توليه المهام، تحدث وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، عن ورشات إصلاح شاملة في القطاع الحيوي، الذي يحتل مكانة مميّزة في برنامج عمل الرئيس عبد المجيد تبون، وتمنحه الحكومة أولوية قصوى.
تعدّ ورشة إصلاح الاتصال إحدى التزامات الرئيس الـ54، التي ينتظر إطلاقها بإشراك الفاعلين في الميدان لبلوغ صحافة حرّة متعدّدة، تتخذ من الاحترافية قاعدة ثابتة لا تقبل المساس ولا تسمح بالتجاوز. هي صحافة مشبّعة بقيم حرية التعبير التي لا تطلق العنان للدوس على كرامة الناس والتشهير بحياتهم الخاصة والاعتداء على حرماتهم تحت عنوان«السبق الصحفي».
هي صحافة يراد لها أن تكون متحرّرة، ضامنة لقواعد الممارسة النزيهة وأخلاقيات المهنة، مرافقة للعمل السياسي، مساهمة في تعزيز الديمقراطية التشاركية، التي تجعل المواطن في قلب معادلة التغيير في الجمهورية الجديدة. إنها صحافة تعزّز مسار تجربة إعلامية تعددية، لها دورها البنّاء في الحوار الوطني الشامل الناشد للتغيير في إقامة دولة المؤسسات التي تعلو ولا يعلى عليها. أخيرا، هي صحافة، تعد الطرف الثابت في استكمال الدولة الوطنية التي يكون الإعلام في ظلها مساهما في قضايا الساعة وخيارات الظرف بعيدا عن القاعدة السلبية «تخطي راسي».
من هنا كان الوزير بلحيمر حريصا، مجيبا عن السؤال الكبير: أي اتصال نريد في هذا التحول السلس الهادئ الذي تخوضه الجزائر باستقلالية قرار وسيادية؟، وتحدث بلغة حاسمة، موضحا الخلفيات والأبعاد: « إن هذه الإصلاحات التي تعدّ من الالتزامات التي تعهد بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ترتكز على استقلالية الإعلام وحريته، بشرط أن تحترم الحياة الشخصية للمواطن مع الابتعاد عن الشتم والقذف واحترام أخلاقيات المهنة».
يكشف هذا بوضوح ثقل الاتصال في مسعى التغيير المراهن عليه في سبيل إقامة منظومة سياسية متوازنة، محور الحوار الشامل لتعديل الدستور الذي تتولاه لجنة خبراء، لأعضائها تجربة ورصيد معرفي وقانوني. ويظهر كم هو كبير وزن الصحافة التي هي مقبلة على قوانين جديدة تصلح خلل تجربة سابقة وتقوي وظيفتها وقدرتها على تحمل مسؤوليتها كسلطة رابعة، ترافق السلطات العمومية في تكريس الممارسة السياسية التعددية وتتبارى في الالتزام بمبدأ حق المواطن في الإعلام النزيه وحماية المجتمع من الأفكار الضالة والأخبار المضللة «فايك نيوز».
إنها حرية مقترنة بمسؤولية في تأدية الوظيفة المتعددة التي تفرضها التطورات التكنولوجية وانتشار الشبكة العنكبوتية العجيبة التي تجعل السلطة الرابعة ليست فقط ناقلة للأحداث وتغطيتها، بل تحليل ما وراء الخبر أيضا وكسر جدار الصمت، باعتبارها وسيلة فاعلة في صنع الرأي العام وتحصينه من مغالطات تشكل خطرا مباشرا على حرية التعبير نفسها.