أسعار ونوعية أثبتت تنافسيتها في الأسواق الخارجية
التحــدي اللّوجستيكـــي يُعيـق التصـــدير
يوجد المنتوج الجزائري في مواجهة عديد التحديات التي تفرض عليه مواكبة سريعة لما يطرح في الأسواق الخارجية، من جودة وأسعار تنافسية، وفي الوقت الراهن أثبتت العديد من المؤسسات العمومية كما الخاصة قدرتها على طرح منتوج يضاهي ما يتوفر في الأسواق الخارجية، وبفضل مسارها الجدي، اكتسبت تجربة لابأس بها وباتت تطمح إلى التواجد في الأسواق العربية والافريقية بل البعض منها تمكنت من منافسة المنتوج الاوروبي في عقر داره، بفضل عصرنة تسييرها وتحويلها للتكنولوجيا واعتمادها على التكوين المستمر للموارد البشرية، ولعل ما ينقص سوى جهود توسيع التجارب الناجحة في استثمارات أكدت نجاعتها، وحرص العديد من المتعاملين على خلق القيمة المضافة لكن ومع ذلك باتوا يتطلعون إلى المزيد من التحفيزات، لتفعيل النجاعة الاقتصادية.
تبقى الخارطة الصناعية في الجزائر إلى حاجة ماسة إلى الدراسة والتقييم، من أجل التنويع والتعميق والتوسيع لأنه يمكنه استيعاب كم هائل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنتجة للثروة والمستحدثة لمناصب الشغل، في ظل وجود مقدرات هائلة مازالت غير مستغلة في عدة مجالات حيوية، خاصة ما تعلق بالصناعتين الميكانيكية والالكترونية، لذا على هامش معرض المنتوج الجزائري، اقتربت «الشعب» من عدة مؤسسات تنشط في مجالات متنوعة، تنام على مقوّمات معتبرة ولديها مقدرات وقوّة إنتاجية وفوق ذلك خبرة، لا تقل عن تلك التي نجدها في الدول الناشئة، سواء تعلق الأمر بالصناعة الكهرومنزلية أو الالكترونية وكذا الصناعة الغذائية التي قطعت فيها الجزائر أشواطا معتبرة، وتملك خبرة كبيرة صارت بفضل منتوجها الجيد تهتم بالأسواق الخارجية، إلى جانب الصناعة الصيدلانية التي مازال السوق المحلي بحاجة إلى نسيج مكثف لتغطية الطلب.
وقفت «الشعب» على نماذج من مختلف الصناعات لمتعاملين اقتصاديين خواص إلى جانب تجارب رائدة لمؤسسات عمومية، في إطار التكامل الاقتصادي المفترض أن تحققه الآلتين الإنتاجيتين على حد سواء، وتم تسليط الضوء على المقدرات سواء ما تعلق بسقف التنافسية والجودة والسعر وحصتها في السوق الداخلية، ومسار تصديرها أو مدى تأهبها للتواجد في أسواق خارجية، وكيف تستغل الابتكار والتكوين وتحويل التكنولوجيا لمواكبة التطور التكنولوجي سواء تعلق بالتسيير أو الانتاج؟.
توّسع خارجي وتواصل مع الزبائن
نجحت علامة «فوارة» للطماطم والمربى والمشروبات، والتي تنتجها شركة «صارل» مصبرات «العهد الجديد» المتشكلة من ثلاثة مصانع، في فرض منتوجها على صعيد الأسواق الإقليمية حيث فرضت نفسها بتنافسية السعر والمنتوج في أسواق تونس والساحل العاج وموريتانيا وكذا ليبيا، وتتبع هذه المؤسسة التي تعد نموذجا حقيقيا بفضل سمعتها الطيبة داخليا وخارجيا، سياسة دقيقة تتمثل في المشاركة في المعارض الدولية للتعريف بمنتجاتها، وبفضل ذلك صارت تتأهب وتستعد للتواجد في الأسواق التركية والقطرية وكذا بأسواق دولة مالي خلال الأيام المقبلة، هذا ما أكده عبد المالك شلوش مسؤول تجاري بالشركة التي يتواجد مصنعيها للطماطم بمدينة أدرار، بينما مصنع المشروبات بولاية سطيف، علما أن المؤسسة تستوعب ما لا يقل عن 250 عاملا، ولم يخف شلوش أن من أسرار نجاح وتنافسية المنتوج تواصلهم المستمر مع الزبائن وإشراكهم في مشاريعهم والاستماع إليهم حتى في اتخاذ القرارات مثل رفع أو تخفيض سعر المنتوج، ويرى أن ذلك من شأنه أن يساهم في تموقعهم في أسواق داخلية وأخرى خارجية، وفي كل مرة حصتهم في السوق ترتفع بفضل متانة خبرتهم ودرايتهم بمواقع قوة وضعف المنتوج.
وتعوّل «علامة فوارة» أن تتواجد بقارة أوروبا من خلال أسواق تركية باتت تتسع لمنتوج جزائري ذا جودة عالية، وصار يعكس أهمية الصناعة الغذائية التي تحتل مكانة مهمة في خارطة الصناعة الوطنية.
أوّل ابتكار رائد مستخرج من «نواة التمر»
كشف عمار مطايير، مسؤول التطوير والتسويق على مستوى «شركة نواة» لمواد التجميل الطبيعية، أنهم الشركة الأولى في العالم التي نجحت في استخراج زيوت نواة التمر، بطريقة مبتكرة من دون حرارة، أي من خلال البرودة، وانطلقت هذه المؤسسة التي تتواجد بولاية قسنطينة في نشاطها منذ ستة أشهر، وصار لديها الكثير من الزبائن وتلقت فوق ذلك طلبات من عدة دول، نذكر من بينها كوريا الجنوبية وكذا العربية السعودية، من أجل بيع براءة اختراعها أو بناء شراكة، وأوضح مطايير أن الفوائد والقيمة الصحية والغذائية والتجميلية لزيوت نواة التمر، تفوق جميع الزيوت حتى زيت الصبّار، ورغم أنهم أطلقوا مجموعة من المنتجات التجميلية المتمثلة في مواد تجميل للبشرة والعناية للشعر، على غرار «جال» منظف للبشرة طبيعي من دون لون أو مادة حافظة، ومراهم ليلية ضد التجاعيد وكريمات مبيّضة للبشرة رائعة بحسب شهادة الزبائن، وكريم واقي ضد الشمس، وللشعر صنعوا شامبو وجال وماسك وزيوت ضد تساقط الشعر حيث بعد ثلاثة أيام يوقف تساقط الشعر، وبالاضافة إلى واقي ضد قشور الشعر، يحرصون مستقبلا على تطوير المنتجات وتسويقها خارج الجزائر بعد تغطية الطلب المحلي، وبالموازة مع ذلك مهتمون أن يكون منتوجا جزائريا بحتا، بعد أن استحسنه الزبائن كثيرا وأثنوا على جودته وفعاليته. ويرى مطايير أن الجزائري يهتم وينجذب كثيرا نحو النوعية الجيدة سواء في غذائه أو مواد التجميل وكل ما يستهلك. يذكر أن مكتشف هذه الزيوت عمار خناوي، باحث جزائري في مجال الكيمياء والبيولوجيا، وجسد مع مطايير أي بأموالهما الخاصة هذا المشروع الذي يتطلع للتوسع أكثر.
القيمة المضافة
فرضت مؤسسة «إيريس» المختصة في صناعة الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية، سقفا عاليا من الجودة ومن التنوع في السوق المحلي، بفضل حرصها الكبير على تحويل التكنولوجيا وصناعة منتجاتها بمقاييس عالمية متطورة، والتي وجدت إقبالا معتبرا كذلك في أسواق خارجية، لكن بأيادي ومهارات جزائرية بفضل اهتمامها بالتكوين وانفتاحها على مستجدات التكنولوجية ومواكبة كل ذلك، وأكدت إيمان سايح مسؤولة العلاقات العامة أن «إيريس» رائدة في صناعة أجهزة التلفاز العصري ذا التكنولوجيا الفائقة، وتمكنت من صناعة الهواتف الذكية منذ عام 2015، ورغم المنافسة الشرسة في المجال الكهرومنزلي والالكتروني، تفتك هذه المؤسسة التي توظف أزيد من 3500 عامل حصة معتبرة في السوق ولا تفوّت فرصة المشاركة في المعارض للتعريف بجديد منتوجها، وفي كل مرة تعرض تخفيضات مغرية للزبائن، وكشفت سايح مسؤولة العلاقات العامة، عن تموقع منتجات «إيريس» المتنوعة في أسواق تونسية ومغربية وموريتانية، وفي الوقت الراهن تجسّ نبض أسواق دول الجوار. وتتطلع «إيريس» التي تعد مثالا للمؤسسة الاقتصادية الناجحة، للتشجيع والمرافقة من خلال التسهيلات الجمركية والتمويلية، لتوسيع نشاطها من أجل رفع تحدي المساهمة في خلق القيمة المضافة.
رفع الاندماج إلى 50 ٪
ونفس التحدي رفعه دراجي نذير، رئيس ورشة بشركة «صارل بانك بو» لتركيب شاحنات ضخمة بنوعيها القديم والجديد، وجرارات وآلات البناء في الأشغال العمومية بعلامة «دايو»، بنسبة إندماج تناهز 20 بالمائة « دايو»، ولم يخف دراجي أنهم يعكفون على تركيب ما بين 4 و 5شاحنات وجرارات في اليوم، وانطلقوا في نشاط التركيب منذ نحو سنتين ويطمحون فوق ذلك إلى رفع نسبة الاندماج إلى حدود 50 بالمائة، وشجعهم ذلك على اهتمام دول مجاورة بمنتوجهم، على غرار مشاركتهم الأخيرة في معرض نواقشط، واهتمام موريتاني بالشاحنات التي يعكفون على تركيبها، لكنهم يواجهون مشكل النقل، لأن نقل هذه الشاحنات عن طريق الباخرة جد مكلف، ومن المشاكل التي تواجههم ذكر دراجي النذير ضرورة تجديد عقد التركيب كل سنة، والجديد بالإشارة فإن هذا المصنع يستوعب 300 عامل ويعنى بتكوين المهندسين والتقنيين، حيث في آخر بعثة تم إرسال ما بين 10 و 15 عاملا للتكوين في كوريا.
اهتمام النيجر بالمنتجات الجزائرية
تحدثت ذباح راضية، مسؤولة تجارية في المجمع الصناعي «قوميدي» صاحب العلامة التجارية «أوكيدس» للأجبان عن مواجهتهم للمشكل اللوجستيكي من أجل التصدير للخارج خاصة في الأسواق الافريقية، حيث توجد أسواق عدة بلدان عذراء يمكن أن تموّل بكميات معتبرة، في ظل قدرتهم على تلبية الطلب المحلي وتصدير كميات معتبرة، وعلى خلفية أنهم خلال مشاركتهم في معرض بالنيجر وجدوا الترحيب والاهتمام لدى المستهلك النجيري، حيث تنتج هذه الشركة الجبن بعدة أنواع وبجودة عالية وإلى جانب تعبئة الحليب البوردة، ووصفت كثرة المنتجين في السوق الوطنية للأجبان رفع من سقف التنافسية الكبيرة في هذا المجال، مما استدعى ضرورة التوجه لأسواق خارجية، علما أن مصنع «قوميدي» يشغل نحو 300عامل و يتواجد في المنطقة الصناعية أولاد عيش بالبليدة، واعترفت ذباح أن سوق الأجبان يضم عددا كبيرا من المصانع ويحتاج في كل مرة إلى ابتكار الجديد والأحسن وبأسعار تنافسية ، حيث يسوقون في الوقت الراهن الجبن الطري والجبن للدهن وتحضير جبني من أجل تلبية القدرة الشرائية للمواطن البسيط، ويتواصلون في الوقت الحالي مع النيجر للتسويق والمشكل عدم وفرة النقل البري عن طريق التبريد واضطروا إلى خيار التصدير بالطائرة أي يواجههم مشكل لوجستيكي، بسبب غلاء تكلفة النقل الجوي.
أجهزة مؤمّنة ومنتوج جذّاب
بينما بلعياري كريم إطار بـ «استاب» الشركة العمومية المختصة في صناعة تجهيزات المخابز ومطاعم الأكل السريع والمقاهي وأجهزة التبريد، بفضل وحدتي عنابة وتبسة حيث تساهمان في تشغيل 200 عامل، اعترف بوجود منافسة كبيرة تفرض على المصنع الأخذ بعين الاعتبار وجود عدة شركات منافسة تنشط في نفس المجال، ويتطلب منهم الأمر ترقية المنتوج، ولم يخف أنهم يحتاجون للتشجيع والدعم والتحفيزات لولوج مجال التصدير.
أما عطاب جمال مدير وحدة تجارية لشركة «سوناريك» لانتاج الأجهزة الكهرومنزلية، استعرض في البداية المجموعة المتنوعة من المنتجات المشكلة بين 10 و 15 منتوجا كهرومنزليا ورغم كثرة الشركات المنتجة لهذا النوع من الأجهزة، لكن بفضل جودة ما يصنعون يفتكون حصة خاصة، والسر أرجعه لنوعية المنتجات الجيدة سواء من ناحية التأمين وحتى ما تعلق بالجانب الجمالي، وتوظف هذه الشركة العمومية الناجحة حوالي 400 عامل ومقرها بالعاصمة، وتفكر في التصدير مستقبلا، بالنظر إلى الإمكانيات التي تمتلكها.