طباعة هذه الصفحة

منقور قويدر لـ «الشعب»:

الراحـل صنـــع الاستثنــاء العـربي والإفريقي

وهران: براهمية مسعودة

الحكام يتغيّرون، والتاريخ يسجّل المواقف

اعتبر الدكتور «منقور قويدر»، أستاذ محاضر، مختص في القانون الإداري والدستوري بجامعة الشهيد أحمد زبانة، بغليزان، أنّ «أجمل تكريم وأعظم وسام ناله الراحل قايد أحمد صالح، أنّه صنع الاستثناء العربي والإفريقي، وكسر الصورة النمطية المرسومة عن الجيوش في العالم الثالث المتسمة بالميل للتسلط والعنف والدوس على الشرعية الدستورية في كثير من البلدان».
قال «منقور» في تصريح لـ «الشعب»:  «قايد صالح الذي كسب قلوب الجزائريين بوطنيته الفذة،  يتميّز عن غيره من القادة العسكريين في بلدان عديدة، والدليل أن الرجل قد أدار واحدة من أعقد الأزمات السياسية للجزائر بحكمة وجدارة في إطار احترام الشرعية الدستورية وحقن الدماء والحفاظ على الأرواح والممتلكات.».
عاد محدثنا للتأكيد على الدرس الذي قدّمه الراحل  لشعوب العالم، منوّها في هذا الصدد إلى دوره في تنفيذ الالتزام بالعودة للشرعية الدستورية، كمبادرة للخروج من الأزمة الراهنة عبر انتخابات رئاسية حرّة وشفافة، مردفا: «وقد تحقق ذلك بالفعل، وكانت آخر صورة للفقيد، وهو يتسلم وسام صدر من الرئيس تبون بمناسبة تأدية هذا الأخير لليمين الدستورية». 
أضاف: «الحكام يتغيّرون، والتاريخ يسجّل المواقف، وسنسعى دوما إلى أن يكتب تاريخ مواقف بلدنا بحروف من ذهب، تفتخر به الأجيال القادمة، مذكّرا مرّة أخرى بمسيرة فقيد الجزائر الطويلة كمجاهد في جيش التحرير الوطني، ثم ضابط تدرج في أعلى المسؤوليات العسكرية بعد الاستقلال في الجيش الوطني الشعبي، لعب خلالها أدوارا محورية في تحرير الوطن مرورا بالمشاركة في الحروب العربية ضد الكيان الإسرائيلي ومكافحة الإرهاب خلال التسعينيات لما كان قائدا للقوات البرية...».
كما أشاد بمساهمته البارزة في تطوير الجيش وتحديثه بعد بلوغه منصب قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، ناهيك عن موقفه التاريخي منذ اندلاع الحراك، لتوافيه المنية أيام قليلة بعد استكماله لوعوده بالمحافظة على الطابع السلمي للإحتجاجات وعدم إراقة أي قطرة دم أو إزهاق روح، الأمر الذي جعل الرجل، يضيف محدّثنا: «يكتسب شعبية منقطعة النظير في أوساط الشعب الجزائري، وهي الشعبية التي اعتدنا أن لا تكون من نصيب العسكريين،  لكنه صنع التفرد والتميز بجدارة واستحقاق».
في الختام قال الدكتور منقور: «تاريخ الجزائر الحديث سيذكر بأنّ التحولات من الهمجية إلى المدنية والسلمية في ذروة التأزّم، تجسّدت من خلال تعهّد المؤسسة العسكرية تحت قيادة قايد صالح بعدم استعمال القوة ضد الشعب وإسداء التعليمات الصارمة لمختلف الأسلاك الأمنية في هذا الشأن؛ وتحذيرها لكل من يفعل ذلك بالجزاء الرادع، مع تغليب منطق الحكمة وصوت العقل والحوار البناء، الذي تجسّد من خلال القبض على المتآمرين وتقديمهم للعدالة».