يحمل معرض الإنتاج الجزائري الذي يدشنه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم، مدلولا سياسيا واقتصاديا له وزنه وقيمته في المرحلة الجديدة التي دخلتها الجزائر بروح التحدي وكسب الرهان. الطبعة الثامنة والعشرين تأتي في وقت قررت فيه البلاد خوض معركة التحول السلمي السلس وترتيب أمورها وإصلاح اختلال مؤسساتها لانطلاقة جادة في مسعى استكمال الدولة الوطنية واستعادة هيبتها ومقوماتها. جاءت مترجمة للتغيير الجذري والإصلاحات العميقة الممتدة ليس فقط للمنظومة السياسية والتشريعية والقانونية بل الاقتصادية أيضا، باعتبارها قاطرة النمو، التشغيل والثروة المنتجة بالجهد البشري لا الريع البترولي الآيل للزوال.
نقول هذا استنادا إلى نوعية المشاركة الوطنية في هذا التظاهرة ممثلة لأكثر من 430 مؤسسة متعددة النشاط والاختصاص وكذا الغاية من أجل إعطاء إضافة للمنتوج الوطني وكسبه العلامة «صنع في الجزائر»، تنافسية تفرض نفسها تحديا اليوم وغدا في خارطة وطنية تضيق تحت عولمة اقتصادية زاحفة لا مكانة فيها للهشاشة والاتكالية. وهي منافسة مصيرية على المؤسسة الجزائرية خوض غمارها بالمبادرة الذاتية، الابتكار والاتكال على موارد بشرية تمتلك مؤهلات المواجهة والتصدي لأي تهديد من المحيط العدائي.
أمام تراجع أسعار المحروقات المصدر الأحادي شبه المطلق لتمويل الخزينة والمشاريع، لم يعد مقبولا بقاء الاقتصاد الوطني في حالة الهشاشة بعيدا عن التطلع لتحقيق النمو السامح لخلق مناصب العمل والقيمة المضافة والعمل.
أمام هذا الوضع الاقتصادي أيضا، بات من الضروري على المؤسسة الاقتصادية الجزائرية عمومية وخاصة، كسر حالة التردد والخروج إلى الميدان بأقوى منتوج وأكثره قيمة ونوعية لعرضه على المواطن الذي يشترط الجودة والسعر التنافسي ولا يقبل بأي سلعة أوخدمة لا تحمل المواصفات وشهادات المطابقة، تأشيرة اقتحام الفضاءات الاقتصادية المفتوحة القريبة والبعيدة.
معرض الإنتاج الوطني الممتد إلى 28 ديسمبر الجاري، فضاء للإجابة على أي البدائل الممكنة في تحقيق التنوع الاقتصادي الذي يؤمن أكثر القرار السياسي ويعزّز النهج الاقتصادي الجديد، وهذا ما تترجمه المؤسسات الجزائرية التي ورغم قلتها وحدّة الظرف الراهن الذي تنشط فيه والمرحلة التي مرت بها الجزائر، نجحت كثير منها في فرض نفسها، مسجلة علامة «منتوج بلادي» في الصناعات الغذائية، الأشغال العمومية، مواد البناء، الأجهزة الكهرومنزلية والالكترونية، والكثير من هذه الوحدات التي تعد المثال الحي على الرواج، ترى أن ما حققته بداية انطلاقة لمكاسب أخرى ومحطة لإقامة شراكات مع أجانب بعد التعديل الوارد في قاعدة الاستثمار 49/51 وعدم اعتمادها أساسية في قطاعات غير استراتيجية.
ما قامت به سوناطراك من عقود مع مؤسسات أجنبية وكذا الشركة الجزائرية لإنتاج الكهرباء التي أمضت مؤخرا عقدا بـ 1,9 مليار دولار مع «جنرال إلكتريك» الأمريكية، هو البرهان على إمكانية تحقيق البديل الاقتصادي، الأمل والتحدي.