منحت الأحزاب والمنظمات في برقيات التهاني للرئيس المنتخب عبد المجيد تبون الأولوية الوطنية.في "لم شمل الجزائريين"، مطلب تقاطعت حوله التنظيمات السياسية والاجتماعية وهي تشيد بنجاح الاستحقاق الرئاسي لـ 12 ديسمبر 2019، الذي كان رسالة لدعاة المقاطعة المتمادين في الترويج لحملة مناوئة تشوش على صورة الانتخابات الشفافة والنزيهة، التي أشرفت عليها ولأول مرة السلطة المستقلة، وفّرت لها الأجواء المناسبة، تجندت مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية، ورافقها الإعلام عن قرب معرّفا بتجربة جزائرية لها مواصفاتها، ميزتها وسياديتها. هي حملة تقودها أطراف في الداخل والخارج متمادية في نقل صورة مفبركة عن معادلة سياسية مغايرة لحقيقة ما جرى في البلاد وكرّست مقاربة عن المشروع النهضوي الذي يتطلع إليه المواطنون بشغف..
من هذه الزاوية، قرأت التنظيمات المعطى السياسي في الجزائر وفهمت مضمونه، داعية إلى لم الشمل لسد فجوات يتخذها أعداء الوطن منافذ للتسلل محاولين تمرير أفكار حاقدة تشكك في مسار الممارسة الديمقراطية، وفتح المجال الواسع لتباري الأفكار والمجادلة بالتي هي أحسن.
من هذا المنطلق، دعمت هذه التشكيلات ما ذهب إليه الرئيس تبون في أول لقاء مع الإعلام، مراهنا على أولوية فتح قنوات الحوار مع «الحراك»، باعتباره أولى منطلقات التغيير المؤدي بالبلاد حتما إلى بر الأمان. وهو الحوار الذي ينزع هذه الورقة من أيدي من اخترق «الحراك» ويستمر في بذل أقصى جهد في محاولة يائسة لتعطيل ورشات الإصلاحات العميقة برفع سقف المطالب.
نتذكر جيدا كيف وضع الرئيس تبون لم الشمل في أولى اهتماماته. وكان نصب الأعين في مختلف محطات حملته الانتخابية ولقاءاته مع وسائل الإعلام، قائلا بلغة التحدي، أنه يمد يده إلى «الحراك» الذي باركه من أجل حوار جاد في سبيل الجزائر والجزائر وحدها.
نتذكر أيضا لماذا أدرج تبون في برنامجه الانتخابي «الحراك» ضمن التزاماته 54، وتأكيده في كل مرة على أن هذا «الحراك» الذي أنقذ البلاد من انزلاق خطير وزج برؤوس الفساد في الزنزانات، آن الأوان لفتح الأفق للحوار معه، مرورا إلى مرحلة أخرى من الممارسة السياسية، استجابة لمطالب شعبية مشروعة تعد المدخل الآمن للجمهورية الجديدة.
الذي يحسب للرئيس في أول إطلالة له على الشعب بعد فوزه، اللاّءات الثلاث : «لا إقصاء، لا تهميش ولا انتقام» وما تعنيه من دلالات سياسية تصب في القطيعة مع ممارسات العهد السابق والالتزام بخارطة طريق لتدشين الجزائر الجديدة بعقلية ومنهجية بديلة، تحسس القوى، موالاة ومعارضة، أنها الشريك الأساسي في التغيير الممكن اليوم وليس غدا.