بدأت ملامح تغير الخارطة السياسية في البلاد تلوح في الأفق بعد اجتياز خطوة الاستحقاق الرئاسي، وانتخاب رئيس الجمهورية بعد مخاض عسير كاد يعصف بكيان الدولة، لولا التوافق الوطني الذي جنب البلاد أزمة سياسية معقدة وخطيرة. فقد ظهرت مؤشرات بداية عهد جديد قوامه الحوار الوطني.
المؤشرات الأولية على بداية تغيّر المشهد السياسي سجلت بدعوة الرئيس المنتخب تبون للحراك الشعبي للحوار، وهي خطوة إيجابية للتخفيف من التوتر الحاصل حسب رأي المحللين. إعلان رئيس حزب طلائع الحريات والمرشح الرئاسي علي بن فليس انسحابه من الحياة السياسية، وكذا عبد القادر بن قرينة مرشح الرئاسيات، رئيس حركة البناء مؤشرات على تسليم المشعل للشباب في المرحلة المقبلة.
وأمام التحديات التي ستعرفها البلاد مستقبلا، سيكون عنصر الشباب الحلقة القوية في تشييد دولة الحق والقانون، لأن أغلب الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة فقدت توازنها سيما وأن الحراك الشعبي رفض تماما الانتماء لأي تشكيلة، وهو ما يحتم على الطبقة السياسية التغيير الجذري في مكوناتها وترك الفرصة للشباب، وهو ما بدأ يتجسد فعليا عبر تأسيس أحزاب جديدة على غرار حزب السلام.
وقبيل أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية تتفاعل النخبة الوطنية عبر منصات التواصل الاجتماعي مع مخرجات الاستحقاق الرئاسي. وتعالت مطالب للرئيس تبون بتجاوز مرحلة الاحتقان التي يعرفها الشارع واحتواء الوضع، وقد تتراجع الأمور مع مرور الأيام سيما بعد طمأنة الرئيس باتخاذ إجراءات جريئة لصالح الشعب.
وطالب ناشطون بضرورة معالجة تعزيز الحريات الفردية والجماعية، وعدة ملفات يعرفها الجانب السياسي قبل بداية الحوار الشامل مع ممثلي الحراك، كما برزت مطالب اقتصادية على غرار تبني سياسة تقشف تمس المسؤولين في المناصب العليا وإعادة النظر في الأجور الزهيدة بهدف دعم الاقتصاد.
ويرتقب أن يشرع الرئيس المنتخب بعد تنصيبه رسميا في جلسات حوار مع ممثلي الحراك والتوصل إلى توافق شامل حول مخرجات المرحلة الراهنة، وبداية مرحلة تشكيل جمهورية جديدة بسواعد كل الجزائريين، خاصة الإسراع في تبني خطة اقتصادية استعجالية لتحريك عجلة التنمية بعد تباطؤ مؤشرات النمو في الآونة الأخيرة.