طباعة هذه الصفحة

سبعة محاور عمل لترقية وحماية الإنتاج الوطني

إعادة تأهيل 20 ألف مؤسسة بتكلفة 386 مليار دينار

سلوى روابحية

شكلت عملية ترقية الإنتاج الوطني واحدة من أهم الانشغالات الملحة للسلطات العمومية التي سعت منذ سنوات عديدة للبحث عن أنجع السبل الكفيلة بتلبية الاحتياجات الأساسية انطلاقا من توفيره محليا لكن كل المساعي لم تؤد إلى تحقيق هذا الهدف خاصة بعد ارتفاع الطلب الوطني على السلع والبضائع مما استوجب توفير العديد منها الأساسية وحتى غير الأساسية عن طريق الاستيراد الذي أدخل الإنتاج المحلي في حلقة مفرغة بعد أن تكون الوتيرة المتسارعة لجلب كل شيء من الخارج قد قضت على أية عملية تهدف إلى ترقية الإنتاج الوطني.

أمام هذه الوضعية الصعبة و بعد أن اتفقت الأطراف الفاعلة في الحوار الاقتصادي والاجتماعي على أن ترقية الإنتاج الوطني وجب أخذها بكثير من الجدية والواقعية تكون للمؤسسة سواء كانت عمومية أو خاصة الدور الحاسم في قلب المعادلة الراهنة، بدأت تتضح أولى ملامح خطة العمل المنبثقة عن أفواج العمل الخمسة في إطار الثلاثية في شكل خارطة للطريق تكون قابلة للتطبيق وتهدف إلى تشجيع الإنتاج الوطني وحمايته
وتستند إلى عدة مبادئ إستراتيجية أبرزها أن خيار اقتصاد السوق لا رجعة فيه ولكن للدولة دور أساسي في ترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن دور المقاول والمستثمر والمؤسسة أساسي من حيث خلق الثروات وتوفير مناصب الشغل فضلا على ضرورة الحفاظ على مكتسبات وصلابة الاقتصاد الكلي.
حسب الوثيقة المتضمنة لخلاصة عمل الأفواج الخمسة التي تم تنصيبها عقب لقاء الثلاثية فإن أول بند أساسي وضع على رأس جدول الاهتمامات  يتعلق بترقية و حماية الإنتاج الوطني و المؤسسة من خلال تحديد سبعة محاور عمل و تخص برنامج إعادة تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحديث هياكل دعم المؤسسات من أجل تطهير محيط الأعمال ووضع جهاز لمتابعة النوعية والإبداع و تركيز العمل على الجوانب المالية والجبائية وتكوين الموارد البشرية.
وفي إطار أسواق السلع والخدمات تم اقتراح 39 مقترحا مس جميع المحاور السبعة السالفة الذكر تركزت بالأساس في جهاز النوعية بـ 14 اقتراحا يليه ستة مقترحات في البرنامج الخاص بإعادة تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الذي خصص لها ما يناهز 386 مليار دينار ويشمل 20 ألف مؤسسة معنية في المراحل الثلاثة التي تنطلق من التشخيص إلى الاستثمار المادي واللامادي والتكوين والمساعدة التقنية.
يوجد على مستوى الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 3051 ملفا منها 1859 في قطاع الأشغال العمومية والبناء و491 في النشاط الصناعي و317 في الخدمات و160 في الزراعة الغذائية.
وإجمالا فإن 1362 قرارا تمت الموافقة عليه لمنح مساعدات مالية من الصندوق الوطني لإعادة التأهيل والتحديث لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
عدة عراقيل واجهت عملية إعادة التأهيل بسبب نقص الخبراء على مستوى الوكالة الوطنية لتنمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة واستحالة التوظيف من طرف هذه الأخيرة نظرا لأن مثل هذا الإجراء من صلاحيات الوظيفة العمومية وعدم مرونة السلطات العمومية في توظيف الخبرة الأجنبية. ومن أجل تجاوز هذه العراقيل فإن المفهوم الجديد لإستراتيجية إعادة التأهيل والتحديث المقررة في إطار السياسة الصناعية تتمحور حول ثلاثة عناصر، إعادة تأهيل وتمويل تتلاءم وخصوصية وحجم المؤسسات ودعم إنشاء مؤسسات إستراتيجية جديدة خاصة في مجال المناولة والتصدير وإحلال الاستيراد والإبداع وأخيرا تحسين مناخ أعمال المؤسسة من خلال دعم الوكالات الخاصة بذلك على غرار الوكالة الوطنية لتنمية وتحديث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعادة تسمية الصندوق الخاص بالتمويل بـ “ صندوق تحديث وإعادة تمويل المؤسسات “أما عن الإجراءات المقترحة فتمس الإطار العام لنشاط الوكالة الوطنية لتنمية وتحديث المؤسسات الصغيرة
والمتوسطة من خلال إعادة النظر لقوانينها تماشيا مع مهام عديدة مثل دعم و تأطير كوادرها وتنصيب تمثيليات جهوية وفتح مكاتب جديدة بتعداد 23 ومرافقة إنشاء الجمعيات المهنية ودعم قدراتها المادية. بينما في الجانب المتعلق بإنشاء المزيد من المؤسسات فإن الإجراء الثاني يخص وضع صندوق للتمويل وأدوات أخرى مرافقة لها فضلا على ترقية وتطوير المناولة الصناعية وتطوير وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم قدرات المؤسسات عبر إنشاء شباك وحيد يتضمن كل الوثائق الضرورية لخلق المؤسسة وإعادة تهيئة إجراءات إعادة التمويل.
عملية تحديث هياكل دعم المؤسسات من أجل تطهير محيط الأعمال تتطلب حسب نفس الوثيقة مجموعة من الإجراءات تمس ضرورة تحسين خدمات الدعم في إنشاء وتطوير المؤسسة ودعم الأمن وكل الجوانب القانونيةوتسهيل العمل المقاولاتي. فيما يخص جهاز النوعية فمن شأنه وضع سياسة تسمح بالتحسين المستمر لأداء المؤسسة في عملية الإنتاج خاصة وأن الكثير من المؤسسات لا تزال بعيدة عن ثقافة النوعية ولا توليها الكثير من الأهمية، بدليل أنه في نهاية جوان 2012 توجد فقط 224 مؤسسة مسجلة لاستفادة من برنامج مطابقة النوعية، علما أن الدولة رفعت من نسبة مساعدتها من 50 ٪ إلى 80 ٪ في نفقات المؤسسات الراغبة في الحصول على المطابقة النوعية والمرافقة بمبلغ 3 مليون دينار حسب أنواع ومرجعية المطابقة، بحيث لا تدفع المؤسسات المستفيدة سوى نسبة 20 ٪ من النفقات.

الإجراءات الثلاثة المقترحة من طرف أفواج العمل تخص إعادة تفعيل نظام المطابقة على مستوى الحدود في إطار البرنامج الوطني لسنة 2014 وإعادة النظر في القوانين التي تسير الهيئات المختصة في هذا الشأن وتحديد المنتجات الصناعية التي يمكن أن تكون محل تشريع تقني وله علاقة مع الأمن وحماية البيئة وفق متطلبات منظمة التجارة العالمية حول حماية صحة وحياة الأشخاص والحيوانات والوقاية من بعض الممارسات في إطار حماية المستهلك.
في انتظار تنصيب المخبر الوطني للتجارب فإن استيراد المنتجات الصناعية سوف تخضع لضرورة تقديم وثيقة المطابقة حسب الشروط التقنية الجزائرية الصادرة عن المخابر الدولية، مع الإشارة إلى أنه و في مرحلة أولى الشروط التقنية للمنتجات الصناعية المرتبطة بقطاع السيارات ستدخل حيز التطبيق ابتداء من السداسي الثاني لسنة 2014 على أساس 217 معيار مسجل لدى الهيئات الوطنية. أما الإجراء الثالث والأخير فإنه يتعلق بدعم مراقبة استيراد السيارات السياحية عبر إعداد دفتر شروط دقيق وقابل للمراجعة يأخذ بعين الاعتبار الشروط والخصائص التقنية التي ينبغي أن تتوفر في السيارات وعناصرها ومستلزمات الأمن.
وعن الجوانب المتعلقة بالمالية والجباية تدور المقترحات حول تخفيف الأعباء المالية الضريبية وإعادة بعث بورصة الجزائر وتكوين الموارد البشرية وإعادة النظر في نظام الرسم على استيراد المنتجات بصف المصنعة. وتنظيم
وهيكلة النشاطات الموازية وإنشاء فرقة خاص لمتابعة الغش والتقليد وترقية المنتوج الوطني وتنظيم التجارة الخارجية ومراقبة مطابقة المنتجات المستوردة وتأطير الاتفاقيات التفضيلية.
وباعتباره أحد المحركات الأساسية في النمو الاقتصادي فإن القرض الاستهلاكي الذي تم تعليقه قبل عدة سنوات سيتم إعادة تفعيله من خلال وضع قائمة للمؤسسات المعنية بهذا القرض والتأطير القانوني والتشريعي وتعديل المادة 75 من قانون المالية لسنة 2009  وغيرها من الشروط الأخرى التي تم وضعها من أجل حماية الاقتصاد الوطني عموما والإنتاج المحلي.