دأبت جريدة «الشعب» على إدراج دورات التكوين المتواصل للصحافيين الدائمين بالمقر المركزي والمراسلين المتواجدين عبر الولايات بالجزائر العميقة ضمن رؤية مهنية طويلة المدى، تحرص حرصا شديدا على ترقية الأداء من نواحي التحكم في فنيات التحرير، وفق ما تقتضيه المعايير المعمول بها في هذا الشأن، مع المواكبة الدقيقة لحركية أداة تكنولوجيات الاعلام والاتصال حتى يكون هناك توافق سلس بين المرسل و الوسيطة أو الوسيلة.
هذه النّظرة بعيدة المدى نابعة أساسا من ذلك الحس الاحترافي، الذي يتطلب التكيف مع المستجدّات في عالم الصحافة المكتوبة، خاصة مع مراعاة أبجديات الأخلاقيات حتى لا يقع من يستل قلمه في الاهانة والقذف، والأكثر من هذا الإثارة المجانية، التي للأسف تمارس باسم ما يعرف بالسبق.
ومسار التّكوين هذا ليس وليد اليوم بل يعود إلى قرابة 8 سنوات، وبالأخص منذ إعادة النظر في شبكة المراسلين المحليين انطلاقا من قناعة مفادها إحداث التوازن في نقل انشغالات المواطن بالمناطق الداخلية حتى يصل صوته إلى الجهات المسؤولة للتكفل بقضاياه اليومية، كما هناك حرص كذلك على إبراز مشاريع التنمية المحلية الموجّهة لفائدة الساكنة، وهذا هو الخط الافتتاحي الذي نسير عليه من أجل إعلام المواطن بما يحدث على مستواه، واطّلاعه على ما يجري في ولايته.
وكان لابد أن نثمّن هذا المورد البشري في جريدة «الشعب» الحامل لتجربة رائدة، واستعداده الكامل لنقلها للآخر للاستفادة منها قصد إثراء المسيرة المهنية وكذلك تجسيدها عمليا وميدانيا، هذا ما كنّا دائما نشتغل عليه ومازلنا على هذا الخيار المهني خدمة للعنوان.
وهكذا سعت الجريدة جاهدة من أجل استضافة أساتذة من ذوي الخبرة في مجال الصحافة، منهم عمار عبد الرحمان، عبد العالي رزاقي ورابح شيباني، الذين زوّدوا الصحافيين بالمعلومات المندرجة في إطار تقنيات الصياغة، الأنواع الصحفية، والخلفيات لقراءة الخبر، زيادة على فتح نقاش حول ما يراه الاعلاميون في الواقع ومقارنته بما يقوله الأساتذة نظريا، واستغرق هذا العمل لسنوات، إلا أن التحوّل الملموس حدث خلال سنة 2019، عندما تقرّر إسناد عملية التكوين إلى صحافيّين ذوي خبرة واسعة في هذا المجال منهم فنيدس بن بلة، جمال أوكيلي، حامد حمور وحبيبة غريب، وكان فعلا لهذه المقاربة الأثر الكبير في أوساط صحافيّينا ومراسلينا الذين رحّبوا بها ترحيبا قويّا، وهكذا تقرّر رفقة المديرة السّابقة أمينة دباش وضع رزنامة واضحة المعالم قصد الانتقال إلى الشرق، الغرب، الجنوب، للالتقاء بالمراسلين مع دعوة المتواجدين بالوسط الى مقر الجريدة، وكذلك تخصيص يوم لصحافيي المقر المركزي.
وقد حدّد يوم 8 أكتوبر لمراسلي الشرق ليكون الموعد في قسنطينة وبالضبط بالمركز الثقافي مالك بن نبي، وحضر مراسلونا من سكيكدة، البرج، سوق أهراس، الجسور المعلقة، خنشلة وباتنة،وبإشراف جمال أوكيلي وحامد حمور تمّ اللقاء المباشر أتاح لنا الفرصة المواتية لتصحيح المسائل المهنية المتعلقة بالتحرير، المتابعة والالتزام وغيرها من القضايا ذات الصّلة الوثيقة بالدّورة التكوينية.
مباشرة وبعد أيام أي يوم 22 أكتوبر انتقل فنيدس بن بلة وحبيبة غريب إلى وهران في نفس الاطار للالتقاء بمراسلي الغرب، بلعباس، تيارت، سعيدة، تلمسان ووهران وهذا بمقر جريدة «الجمهورية»، وقد استفاد المراسلون من توجيهات سديدة تتعلّق بنشاطاتهم اليومية والتّصحيحات المطلوبة في هذا الشّأن.
والبرنامج الخاص بتكوين الصحافيّين والمراسلين بجريدة «الشعب» مازال متواصلا من أجل تحسّن الأداء في بعده النوعي خاصة، وهذا هو رهان المرحلة الحالية والقادمة اعتمادا على كفاءات الجريدة، الذين عملوا في الميدان وكسبوا تجربة ثريّة تنقل للآخرين اليوم.