ترى سعداء الخنساء طبيبة نفسانية بمستشفى ابن زهر بقالمة أن ذوي الاحتياجات الخاصة غالبا ما يفضلون الإنعزال و الوحدة على اندماجهم مع مختلف فئات المجتمع والسبب شعورهم بالنقص والدونية لإن نظرات الشفقة لا تنفك تتابعهم في كل مكان.
وأكدت الطبيبة المختصة لـ «الشعب» على ضرورة الاهتمام بهذه الفئة الهشة بخلق فضاءات تتلاءم وخصوصية حالات المعاقين، وكذا حمايتهم بتوفير مراكز الرعاية الخاصة لتكوينهم، وقالت أنه بالإضافة إلى معاناتهم من تهميش على مستوى التوظيف، يسلط عليهم العنف اللفظي حتى في الأسرة بل البعض منهم وبسبب الضغوط التي يعيشونها في كل يوم يلجأون إلى التسول لاكتساب لقمة العيش .
...النظرة الدونية سبب الإنطواء والإنعزال
وتحدثت سعداء الخنساء الطبيبة النفسانية عن التهميش الممارس ضد فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تقول أن هذه الفئة لم تنل حقها، والمعاق ما يزال يعاني، فلابد أن يكون هناك اهتمامٌ اكبر بهذه الفئة، وتفكير في أنها يمكن أن تخدم الوطن، وذلك من خلال التشجيع والتحفيز وإعطائها الاهتمام اللازم .
وفي تعريفها للإعاقة قالت أن هناك إعاقة حركية ذهنية هي عبارة عن وجود عجـز أو قـصور وظـيفي وإعاقة في الجهاز الحركي ( شلل الأطفال - الأمراض العصبية التي ينتج عنها عجز الأداء البدني، البتر والحوادث وبعض الأمراض العضوية التي تؤثر على كفاءة الأداء )،كما نجد إعاقة حسية وهي وجود قصور أو عجز في أداء الحواس مثل ( الصم والبكم والمكفوفين ) وإعاقة ذهنية هي وجود قصور في الأداء الذهني والعقلي مثل ( المتخلفين عقلياً بدرجاتهم المختلفة ) .
كما أن الاعاقة لدى الأطفال تختلف، فهناك من ظهرت الإعاقة لديهم منذ الولادة حيث يحدث التشوه في فترة تكونه، وهناك أيضا إعاقات يصاب بها الطفل بعد الولادة وغالبا ما تكون أسبابها مراضية مثل الشلل الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة بطريقة متكررة ، وكأطباء نصطدم بحالات كثيرة من الأطفال أصيبوا بالصم بعد إصابتهم بحمى ، خاصة وأن المناعة في مرحلة نمو الطفل متدنية.
وتضيف الطبيبة المختصة أن أولياء الطفل الذي يعاني تأخرا في نموه ويعتبرونه حملا عليهم، ما ينعكس بالسلب على شخصيته ويزيد الأمر سوءا دخوله في حالة من الانطواء والتعصب وتصبح شخصيته تتميز في تعاملاتها بالعنف، فالإعاقة البدنية أو العقلية أو النفسية هي التي تؤثر على النمو البدني أو العقلي أو على الكفاءة البدنية أو العقلية للكبير بحيث تحد من أداءه الوظيفي.
نقص المراكز المختصة يزيد الوضع سوءا
أماعن التهميش الذي تعانيه هذه الفئة، قالت انه يظهر في نقص المراكز والمصالح المتكفلة بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يعرف عددهم كل سنة ارتفاعا متزايدا، ففي قالمة مثلا هناك مركز وحيد منذ الثمانينات ومدرسة واحدة للصم والبكم قدرة استيعابها محدودة جدا، الى جانب ذلك هناك نقص واضح في الإطارات المختصة .
تحدثت أيضا عن الدوائر والبلديات في المناطق النائية التي لابد من إعادة النظر والاهتمام بها من ناحية توفير المراكز لهذه الفئات، وتقول أيضا : « يحتاج ذوو الاحتياجات الخاصة التأقلم الاجتماعي، والعمل من أجل الاندماج والاعتماد على الذات، بالإضافة إلى تعليمهم الاستقلالية الذاتية وهذا لا يكون إلا بتضافر الجهود بين الأسرة والمراكز والمؤطرين في هذا الاختصاص».
وعرجت الطبيبة المختصة على علاقة الآباء بأطفالهم المعاقين لأنهم لايتفهمون نوع الإعاقة التي يعانيها أطفالهم، وفي كثير من الأحيان يكتشف الأولياء إصابة طفلهم بتأخر ذهني بسبب إخفاقهم الدراسي هذه الإعاقة التي يرفضها الأولياء ولا يتقبلونها ما يجعلهم عاجزين عن مساعدة صغيرهم على العلاج، بل يعاملونه بطريقة سيئة فتراهم يستعملون ألفاظا نابية وجارحة ويضعونه محل مقارنة دائمة مع أقرانه في المحيط الذي يعيش فيه رغم أنهم أصحاء وهو معاق، هذا الوضع يخلق على مستوى شخصيته العدائية و الانطوائية .
وركزت على إنشاء أقسام مكيفة، أو ما كان يسمى قبلا بالتعليم المكيف، ويقصد بها عدم تماشي العمر الزمني مع العمر العقلي فيتم بسببه نقل الطفل لسنوات تلائم مستواه العقلي، وهنا أكدت على ضرورة التعليم المكيف حسب العمر، فيما يخص الأطفال الذين تكون قدرة استيعابهم ضعيفة وهنا لابد من تأهيلهم ومتابعة دروسهم حسب قدرة استيعابهم، وحسب الطبيبة المختصة لابد من تأهيلهم للتكوين المهني ليتعلموا مهنة أوحرفة يتحصلون من خلالها على شهادة تدمجهم بطريقة عادية وهنا ذكرت بضرورة تكوين الإطارات والمختصين في هذا المجال.
الأهـــــل أول مـــــن يــــــــزرع الثقـــــــة
وفي سياق متصل أشارت إلى انعدام التحفيز في الوسط الاجتماعي الذي يلعب دورا مهما في بناء شخصية الطفل المعاق حيث يعطيه شعورا بالأهمية، فنحن نرى في الواقع تملص الأب من واجباته والقاء كل الأعباء على الأم واعتبارها المسؤولة الاولى عليه بل تحمل مسؤولية إعاقته، ما يخلق جوا من التوتر داخل العائلة وينعدم بذلك التعاون بينهما.
ومن جانب آخر أشارت إلى انه هناك من الأولياء من يلقون كل الحمل على المؤسسات والمراكز ولا يساعدون المختصين والأطباء بشيء ولو بالسماع للنصائح في التعامل مع أبنائهم من هذه الفئة، فذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون إلى رعاية خاصة ، ولابد من أن يشعر الطفل باهتمام الأهل ليتجاوب مع العلاج .
كما يعتبر المحيط الخارجي مشكلة بالنسبة لهم ، كالمعلمين الذين يتعاملون مع الطفل المعاق بطريقة فضة ويهمشونه داخل القسم ، كما أكدت أن هذه الفئة معرضة للانتهاكات والاعتداءات بكل أنواعها بالإضافة إلى المعاملة السيئة، كما أنهم يستغلون في عمالة الأطفال ، ويستعملونهم في شبكات التهريب. و التسول.