بعد معاناة مع المرض رحل المجاهد والأستاذ العكري الحاج في صمت تاركا فراغا لا يعوض إلا بالايمان بقضاء الله وقدره. الفقيد أحد أفراد طاقم تحرير جريدة «الشعب» التي التحق بها في بداية صدورها تزامنا مع توليه مهنة التدريس في الثانوية التقنية برويسو في العاصمة قبل جامعة باب الزوار التي درس بها بصفته أستاذ جغرافيا غداة نيله دكتوراه دولة من جامعة القاهرة.
معروف عن الفقيد أنه من العناصر الأولى التي التحقت بخلية التحرير لجريدة «الشعب» صحفيا مميزا بالقسم الدولي إلى جانب الفقيد محمد علي خوازم «أبو علي» الذي كان بدوره يشغل وظيفة أستاذ والتحق بجريدة «الشعب» بصفة نهائية مفضلا مهنة الإعلام على التدريس.
عكس هذا الاتجاه فضل الأستاذ العكري الحاج التدريس الذي بقي فيه إلى غاية إحالته على التقاعد.
ولد المرحوم العكري الحاج سنة 1936 بأولاد بن عبد القادر ( الشلف) وهو من أحفاد الإمام الشهير سيدي سحنون الادريسي الذي يعد من كبار علماء المالكية في المغرب العربي. وقد بدأ مشواره العلمي بجامعة الزيتونة بتونس قبل أن يكون ممن أرسلتهم الحكومة المؤقتة أثناء الحرب التحريرية إلى جامعة القاهرة، حيث التحق بقسم الجغرافيا سنة 1958، وحيث كان في نفس الوقت يمارس نشاطه النضالي في إطار الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين بالقاهرة التي كانت مركز إشعاع نضال الطلبة في كل أنحاء المشرق العربي.
وبحكم تكوينه وعلاقاته مع رفقائه في درب النضال، استمر نشاطه بعد الاستقلال على جبهتين: جبهة التدريس بالثانوية التقنية في الرويسو «العناصر» حينذاك وجبهة الإعلام حيث كان قلما بارزا بيومية «الشعب» وأحد المحررين الأوائل بها حتى سنة 1970، إلى جانب خيرة الكتاب والصحافيين الذي أعطوا لـ «أم الجرائد» مضمونا إعلاميا له وزنه وبريقه أمثال الهادي بن يخلف العامل في قسم الربورتاج، محمد العربي ولد خليفة رئيس القسم الثقافي عبود نائب رئيس التحرير في عهد مديرية الراحل محمد بوعروج، أبو القاسم خمار الشاعر الكبير وآخرين تركوا بصماتهم في الحقل الإعلامي آنذاك.
واهتدى بعد ذلك إلى التخصص في التعليم الجامعي بعد أن نال شهادة الدكتوراه في الجغرافيا بجامعة القاهرة، إثرها التحق بجامعة باب الزوار كأستاذ محاضر، حيث كان في نفس الوقت يزاول نشاطه الجمعوي في خدمة التاريخ والمعرفة إلى جانب الأستاذ القدير الدكتور جمال قنان أطال الله عمره. يشهد الجميع للفقيد الأستاذ العكري الحاج بخصاله الإنسانية التي تميز بها طيلة حياته و نزاهته وسمو أخلاقه وعفته وإيمانه وحبه للوطن.
تغمده الله الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه. إنا لله وإنا إليه راجعون.