أي مواطن عادي بإمكانه أن يبحث في مسار التاريخ الحديث، ليكتشف بأن أكثر الدول ولعا وعشقا للمستعمرات هي فرنسا..لا زالت فرنسا تعتقد أن الجزائر بالنسبة إليها إقليما محروسا بأوامرها..تحن إليه وتتفقده متى شاءت خواطرها وحاجياتها، وهو ما يؤكد في كل مرة بأن هذه السيدة العجوز ما إن نطقت إلا وحملت كلماتها (والتي مصدرها طبعا زهايمر قديم) لُبا من حرقة التخريف والطمع. كيف لا وهي من تملأ أجندتها بحسابات وأرقام تفي بأن جميع مقوماتها السابقة،الآنية والمستقبلية مبنية على ظهور وصدور الغلابى المستضعفين...وكما قال أحد الشعراء فإن فرنسا لازالت تتغذى من ثدي إفريقيا وما جاورها...وليتخيل الجميع معنا حجم المأساة إن حدث وأن توقف هذا الضرع أو ذاك عن الضخ؟...إنه القنوط بعينه وما أدراكم ما القنوط؟ا
هذا تقريبا ملخص ما أردنا سرده عن محاولة بعض البرلمانيين الفرنسيين الذي تقدموا بمذكرة للبرلمان الأوروبي القصد منها هو توقيف ما تصبو الجزائر الحديثة نحوه.. فهي أعلم بكل مسافات التحرّر والإستقلالية التامة التي يرغب جزائريو ما بعد 22 فبراير 2019 الوصول إليه...
نعم فرنسا يقلقها كثيرا أن تعتني وتنفرد بلد المليون ونصف المليون بشؤونها... لهذا وذاك فهي لا ترغب في ابنتها التي رعتها واحتضنتها أكثر من قرن أن تنفصل عنها بطريقة كلية وتستقل بذاتها لذاتها...فلقد استبان اليوم الخيط الأبيض من الأسود وبدا للعيان أن هذه المستعمِرة القديمة لم تكن أبدا في غفلة عما كان يحدث عندنا بل كانت تضع قدمها في كل موضع وتنصّبُ أعينا مارقة وساهرة لأجل أن تحيا معها وتحييها... وكل هذا لأجل أن تحيا المصالح وبعدها ليذهب كل شيء للجحيم...
كل تطور حاصل في العالم وكل أحجام الوعي الذي يتبلور ككرة الثلج عند أبناء هذا الوطن الحبيب بالنسبة لفرنسا وبال وما بعده وبال.... فهي تريد تجهيل الجميع ..والإبقاء على كل أدواتها التي هي أمام كل تقدم ملحوظ في صدأ تام. راغبة في الشد على أذان الجميع وسياقتهم سياقة القطيع نحو بيت الطاعة الكبير. وهو ما أذابته الحركات الديمقراطية في العالم العربي مؤخرا والجزائر طبعا جزءا كبيرا منه..والمقصود هو حجم الوعي لدى أكبر الفئات الشبانية... لكن ومن المستحسن أن نقول الحمد لله حيث صوّتت الأغلبية البرلمانية في أوروبا بإستحالة تمرير أفكار أولئك (أبناء وأحفاد الطغاة الجدد) حيث لا يسعنا إلا أن نقول بأن الجزائر دولة وشعبا سوف لن تكترث لهذه الأصوات الناعقة أو تلك بل ستمضي شامخة الرأس مرفوعة الهامة .. ولا خطرعلى أمة مازال دم الشهداء يتوارث نفسه بنفسه..بغية رسم خارطة طريق جديدة الهدف منها هو بناء مقومات دولة قوية بمؤسساتها... ونسيان الماضي أمر مطلوب وضروري ..حتى لا تصيبنا عدوى الإكتئاب والنكوص... وإلا ما فائدة كل ماتم تحقيقه على جميع الأصعدة خاصة إعادة سياسة العقاب إلى سكتها الصحيحة ومراعاة مصالح الشعب كضرورة قصوى وهي الأصل في الأشياء و الأصل في الأنواع