طباعة هذه الصفحة

أخرجن، مثلن ونافسن في المحافل الدولية

فنانات جزائريات ألهبن الركح وصنعن مجد الفن الرابع

هدى بوعطيح

أثبتت المرأة الجزائرية وجودها في مختلف المجالات الثقافية والفنية، حيث برزت في مختلف الفنون، لا سيما منه الفن الرابع، هذا الأخير الذي تمكنت الفنانة من اعتلاء ركحه بامتياز، جعلها تصنع لها إسما خالدا على خشبة المسرح، فكانت مثالا للفنانة التي مثلت الجزائر أحسن تمثيل لا سيما في المحافل الدولية، وتمكنت من منافسة كبار الفنانين وافتكاك أولى الجوائز..  

كلثوم..
أول امرأة تعتلي ركح المسرح

هي واحدة من الفنانات الجزائريات العريقات اللواتي خدمن الفن الجزائري، ونهضن به ليحتل له مكانة في العالم العربي، ناضلت الفنانة “عائشة عجوري” الشهيرة بـ«كلثوم” على مدار 70 سنة لإحياء الفن الجزائري، لتكون أول إمرة جزائرية تعتلي ركح المسرح، أين اقترن اسمها بأعمال راسخة في ذاكرة الفن الرابع إلى جانب عميد المسرح محيي الدين بشطارزي، الذي اقترح عليها اقتحام هذا العالم، تاركة بذلك في رصيدها أكثر من 70 مسرحية و20 فيلما، حيث مكنها “وقائع سنوات الجمر” من أن تكون أول امرأة عربية تمشي على البساط الأحمر في مهرجان “كان” السينمائي سنة 1967.
فكلثوم من مواليد1920، اقتحمت عالم الفن في سن الثالثة عشرة، كفنانة راقصة ضمن إحدى الفرق التونسية، غير أن الخشبة استهوت الفنانة لتنظم إلى فرقة بشطارزي، بعد ثلاث سنوات عندما انضمت إلى فرقة المسرح العربي التابعة لقاعة الأوبرا التي أغلقت في1955 .
التحقت كلثوم بالمسرح الوطني مباشرة بعد الاستقلال، حيث أبدعت في المسرحية التاريخية الشهيرة “أبناء القصبة” مع الفنان القدير مصطفى كاتب، لتواصل عطائها الفني مع كبار الفنانين الجزائريين، حيث قدمت “حسان طيرو” مع الراحل رويشد، وشاركت إلى جانب سيد أحمد أقومي، يحيى بن مبروك، سيد علي كويرات، عبد القادر علولة وغيرهم.. كما ولجت الفنانة عالم الغناء لفترة قصيرة وسجلت قبل سنة 1962 خمس أسطوانات غنائية من بينها “يا أولاد العربان” و«عهد اثنين”.

صونيا..
أول فنانة تؤدي المونولوغ

خريجة معهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان دفعة 1973، ابنة جيجل “سكينة مكيو” أو صونيا، أول إمراة جزائرية تقف على خشبة المسرح لتؤدي المونولوغ، برعت على الركح بمفردها أو إلى جانب كبار الفنانين أمثال عز الدين مجوبي، عبد القادر علولة، سيد أحمد أقومي، امحمد بن قطاف وزياني الشريف عياد.
بالرغم من اعتراض عائلتها لولوجها على الفن، إلى أنها تحدت رفضهم، ودخلت ميدان التمثيل في سن مبكر لا يتعدى الـ17 سنة، وفي سن الـ20 قدمت مسرحية بعنوان “لنعبر للعالم الذي عبرنا”، لتكون انطلاقتها في عالم المسرح المليء بالتناقضات، وتجمع في رصيدها الفني العديد من المسرحيات الجماعية والفردية التي تفوق الـ50 عرضا من بينها مسرحية “حضرية والحواس”، ومونولوغ “فاطمة” الذي أبدعت في أدائه، كما أخرجت الفنانة صونيا للمسرح الجزائري مسرحية “الجميلات” التي لاقت نجاحا منقطع النظير، ينم عن قدرات سكينة مكيو الفنانة والمخرجة في آن واحد، حيث تحصلت على جائزة أحسن إخراج مسرحي خلال مشاركتها في فعاليات المهرجان الأردني في دورته الـ20.
صونيا، عينت مديرة معهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان، ومنه عيّنت على رأس المسرح الجهوي لولاية سكيكدة، وتشغل حاليا منصب مديرة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي بعنابة.

ياسمينة دوار..
مسيرة قصيرة وشهرة فاقت الحدود

فارقت الحياة في 19 جوان 1977، وهي في عز شبابها إثر حادث مرور أثناء عودتها من عرض مسرحي، كان الفضل للفنان محمد حلمي في ولوجها عالم الفن الرابع في 1963، حيث اقترح عليها دورا في إحدى مسرحياته “الخميرة أو البيروقراطية”، لتكون بداية انطلاقتها الفنية، وتتوالى بعدها العروض، أين قدمت “قفاز العدالة” لمحمد بدري، فضلا عن مسرحية “دائرة الطباشير القوقازية”، للمؤلف الألماني “برتولت برخت” 1969 وأدت فيها دور “روشة” الذي فتح لها أبواب الشهرة داخل الوطن وخارجه خاصة بالقاهرة.
فضيلة دزيرية.. في فرقة بشطارزي

ارتبط إسم الفنانة الجزائرية الكبيرة فضيلة دزيرية بعالم الطرب، وهي صاحبة الأغنية الشهيرة “أنا طويري” غير أن الكثيرين يجهلون أن الفنانة القديرة أبدعت على ركح المسرح، ففي عام 1949 انضمت إلى فرقة محيي الدين بشطارزي بناء على طلبه، لتنشيط الأجزاء الموسيقية في جولاته المسرحية، ومن خلال هذه الفرقة قدمت أدوارا مسرحية من بينها مسرحية “ما ينفع غير الصح”، “دولة النساء”، “عثمان في الصين” و«موني راجل” عام 1954.

فتيحة سلطان..
عاشقة الفن الرابع

برعت على خشبة المسرح الجزائري، وبرزت في مختلف المسارح العربية، هي الفنانة القديرة فتيحة سلطان التي تألقت سينمائيا ومسرحيا، بدايتها مع المسرح انطلقت في مرحلتها الابتدائية، حيث كانت تشارك في مسرحيات الأطفال المقدمة في مدرستها، لأن المسرح كان في تلك الفترة يُدرس كمادة أساسية، مما ساعدها على اكتشاف موهبتها، واعتناقها لأبي الفنون.
نصف قرن من العطاء للفنانة فتيحة سلطان أثمر 14 عملا مسرحيا، من بينها “يوم الجمعة خرجوا لريام” التي شاركت بها في مختلف الدول العربية كتونس والمغرب، إلى جانب مسرحية “المحقور” للكاتب ابن عيسى سليمان.
فوزية آيت الحاج
تحدت عائلتها لتقف على الركح

عارض والدها بشدة دراستها للمسرح، ودخولها المعهد العالي لفنون العرض ببرج الكيفان، غير أنها تمكنت من تحقيق حلمها واعتلت الخشبة، هي المخرجة فوزية آيت الحاج التي تعلمت قيمة الفن الرابع في مدرسة “الأخوات البيض”، حيث مثلت المسرح الكلاسيكي في ثانوية بيار بور سنة 1958، أين كانوا يمثلون لشكسبير وموليير بقاعة سان جورج بحسين داي.
دراستها ودخولها إلى الجامعة لم يمنعها من مواصلة فنها، حيث تحصلت على منحة إلى الاتحاد السوفيتي، وحين عودتها إلى الجزائر، اقترحت على مدير المسرح الوطني الجزائري آنذاك زياني شريف عياد إخراج مسرحية “وفاة البائع المتجول”، لتتوالى أعمالها الفنية وتقدم للمسرح الجزائري “مملكة الأنبياء”، “وفاة تاجر متنقل” لأرتور ميلرى، هي حاليا تعتلي منصب مديرة المسرح الجهوي بسطيف، بعد أن كانت على رأس المسرح الجهوي لتيزي وزو.

سليمة لعبيدي..
 المسرح الإذاعي بداية مشوارها

ممثلة ومسرحية ولدت في 1949 بمليانة، بداية مسيرتها الفنية انطلقت من المسرح الإذاعي للقناة الإذاعية الثانية في 1966، حيث أدت العديد من الأدوار المسرحية ذات الطابع الاجتماعي، قبل أن تلج إلى عالم السينما، أين سجلت حضورها كممثلة في العديد من الأفلام والمسلسلات على غرار “دار دا مزيان” للمخرج محفوظ عكاشة و«المشوار” للراحل جمال فزاز و«ياك نيغاك” و«سبقت وأن قلت لك” لحميد حرحار.

ريم تاكوشت..
 أبدعت في المونولوغ

هي فنانة من الجيل الجديد اللواتي أبدعن على خشبة الركح الجزائري، ريم تاكوشت خريجة المعهد العالي للفنون الدرامية، أستاذة تعليم مسرحي، قامت بأداء عدة أدوار تراجيدية وكوميدية في المسرح، ومنها أعمال كلاسيكية عالمية، كما قدمت في تجربتها الإخراجية مسرحيات للأطفال والكبار.
أبدعت ريم تاكوشت في المونولوغ، حيث قدمت “زبيدة زف”، و«السواد في الأمل”، وهي المسرحية التي أهلتها لافتكاك جائزة “كلثوم” لأحسن أداء نسوي خلال المهرجان الوطني للإنتاج المسرحي النسوي.

سعاد سبكي تخلد مسيرتها في “الخالدون”     

أخرجت للمسرح الوطني الجزائري واحدة من أروع المسرحيات، “الخالدون”، التي تمجد فيها الثورة التحريرية الكبرى، حيث خلدت بذلك الفنانة سعاد سبكي إسمها من خلال هذه المسرحية في عالم الفن الرابع.
تعاملت طيلة مشوارها الفني مع عمالقة الفن والمسرح الجزائري على غرار الحاج رحيم، مصطفى بديع، موسى حجاج، إلى جانب محمد حلمي وغيرهم..
من بين أهم أعمالها المسرحية تمثيلا وإخراجا “الزواج والعواج”، “سوق الرجال” والتي تحصلت فيها على الجائزة الثانية لأحسن دور نسائي مناصفة مع الفنانة ريم تاكوشت في المهرجان الوطني للإنتاج المسرحي النسوي.
سعاد سبكي قامت في خطوة منها لدعم الإنتاج المسرحي إلى إنشاء “تعاونية سعاد سبكي” التي تهدف من ورائها أيضا إلى نقل المسرح إلى المناطق النائية المتواجدة بالجزائر، وإيصاله إلى الأطفال على وجه الخصوص.

قطرة من فيض بحر

وتبقى هذه الأسماء قطرة من فيض بحر، لفنانات صنعن مجد الفن الرابع في الجزائر، منهن من وجدت الطريق أمامها سهلا لولوجه، ومنهن من تحدت وتمردت على واقعها لتعتلي ركح المسرح، لتصنع لها إسما في عالم الفن الرابع وقد حققت مبتغاها، وما تزال إلى يومنا هذا تواصل مسيرتها الفنية، منهم سيدة الشاشة الجزائرية شافية بوذراع، فتيحة بربار، نورية، حميدة آيت الحاج، ليندة سلام، تونس آيت علي، نادية طالبي وأخريات أثبتن وجودهن بداية بالتمثيل وصولا إلى الإخراج، وهذا كله في سبيل ترقية وتطوير الفن الرابع، وتمثيل المسرح الجزائري أحسن تمثيل لا سيما في المحافل الدولية.