توّصلت حركة النهضة (الحزب الأول في الانتخابات التشريعية التونسية دون الفوز بأغلبية المقاعد) بعد سباق ماراطوني, من ترشيح الحبيب الجملي كاتب دولة سابق لرئاسة الحكومة وقدمته إلى رئيس الجمهورية, قيس سعيد, الذي كلفه بدوره بتشكيل الحكومة، التي ينتظر ان تكون مشاورات تشكيلها صعبة، بحسب الملاحظين.
بعد أقل من شهر من تولي رئيس البلاد, قيس سعيد, مهامه, عدّل البرلمان الكفّة في الاتجاه المعاكس من خلال اعلان تحالف سياسي استراتيجي جديد بين ثلاثي حاكم يضّم كلا من حزب «حركة النهضة» والمنشقين عن حزب الباجي القايد السبسي «نداء تونس» وحزب «قلب تونس» بزعامة رجل الأعمال, نبيل القروي.
يبقى لدى رئيس الحكومة المكلف شهرا يجدّد لمرة واحدة لعرض تشكيلة حكومته على الأطراف السياسية التونسية واختيار من سيتوّلون الحقائب الوزارية في حكومة تعهد لها ملفات اجتماعية واقتصادية شائكة.
وكان الحبيب الجملي قد أكد إثر تكليفه رسميا من قبل الرئيس قيس سعيد أن المقياس في اختيار أعضاء الحكومة هو «الكفاءة والنزاهة» مهما كانت انتماءاتهم السياسية. ولمّح إلى ضرورة تعاون المنظمات الوطنية لتنفيذ برنامج حكم مشترك بين جميع مكونات المجتمع التونسي.
بدأ رئيس الحكومة المكلف، أمس, مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة وسط امتناع أحزاب و»اعتراض» من قبل أكبر منظمتين وطنيتين عن تزكية الحكومة المرتقبة، الامر الذي سيوّسع دائرة الجدل بشأن مواقف الأحزاب منها ومستقبل خارطة التحالفات المحتملة مع من تراهم حركة النهضة شركاء في تنفيذ برنامجها الحكومي.
الخلافات الحزبية تُطيل المشاورات
بعدما أرجأت معظم الأحزاب السياسية المعارضة والنقابات المهنية التونسية حكمها النهائي على الحبيب الجملي, ولمحت إلى «ضعف الماضي السياسي للمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة, والخبرة اللازمة له لقيادة الحكومة المقبلة», سارعت منظمة أرباب العمل والاتحاد العام التونسي للشغل إلى إعلان رفضهما تزكية الحكومة الجديدة والمشاركة فيها، حيث قال أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي إن الاتحاد غير معني بالحكومة الجديدة, وإن ما يعني الاتحاد اليوم هو «التعجيل بتشكيل حكومة قادرة على إنقاذ البلاد ومعالجة المشاكل المتراكمة».
قال رئيس اتحاد أرباب العمل, سمير ماجول، إن الاتحاد متمسك بـ «حكومة كفاءات»، مشددا عقب لقائه رئيس حركة «النهضة»، راشد الغنوشي، على ضرورة أن يكون رئيس الحكومة المكلف مستقلا فعليا ومن الكفاءات العالية في المجال المالي والاقتصادي ويتمتع بالخبرة في هذا المجال وبالقبول على المستوى الدولي.
ذهبت أطراف تونسية في قراءة لملامح تشكيل الحكومة القادمة الى أن الطاقم التنفيذي قد يشهد انضمام حركة «الشعب» و»التيار الديمقراطي» وائتلاف «الكرامة» و»تحيا تونس» خاصة بعد وجود تصريحات من بعض قياداتهم تدعم التعاون الايجابي وتجاوز صراع رئاسة البرلمان وبالتالي اعتبار الحبيب الجملي شخصية مستقلة رغم ترشيحه من قبل حركة النهضة، متوقعين دخول تحيا تونس في خارطة التحالفات ممكن جدا.
ولم يحسم الى حد الساعة قلب تونس, المعني بالمشاورات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة موقفه من رئيس الحكومة المقترح.
ولضمان سيرورة مؤسسات الدولة، كلف الرئيس التونسي، يوسف الشاهد، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، بمهام تصريف أعمال الحكومة، إلى حين تشكيل الطاقم الحكومي الجديد ونيله الثقة من قبل مجلس نواب الشعب التونسي.