دافع وزيرا المالية محمد لوكال والطاقة محمد عرقاب على مشروع القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 2 سبتمبر 2018 والمتعلق بقوانين المالية، مؤكدين أنّه لن يمس بالسيادة الوطنية وأن الهدف منه إضفاء المرونة على الاستثمارات الأجنبية، وذلك خلال ردهما أمس على أسئلة نواب المجلس الشعبي الوطني في جلسة علنية.
أكّد وزير المالية في ردّه على انشغالات نواب الغرفة السفلى للبرلمان، أن مشروع القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 18-15 والمتعلق بقوانين المحروقات، أنّ المسألة لا تعدو أن تكون تقنية، كما أن النص المقدم للمناقشة والإثراء لا يبيح محظورا ولا يستبيح ثروات البلاد كما توهّم البعض لسوء الفهم.
أوضح الوزير أن المبادرة التي جاءت بها الحكومة من خلال تعديل القانون العضوي المذكور «إجرائية»، تهدف إلى إدخال بعض المرونة في التعامل مع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يحتاجه الاقتصاد الوطني، وذلك من طرف القطاع المكلف بالطاقة الذي يعد قطاعا حساسا.
لفت لوكال أن التدبير الذي يتضمّنه القانون الحالي رقم 84-17 المتعلق بقوانين المالية ساري المفعول «ليس من قبيل اختلاق بدعة تشريعية تضر بمصلحة البلاد من حيث التحصيل الجبائي المتعلق بالنشاط في مجال المحروقات التي تصب في إيرادات الدولة».
وذكر في سياق رده على أسئلة النواب، أن نص المشروع يهدف إلى تشجيع وتعزيز النشاطات في مجالات البحث والتنقيب والاستغلال والإنتاج، وذلك باستقطاب الشركات العالمية الكبرى للاستثمار في القطاع، الذي يفرض تعبئة رؤوس أموال ضخمة، وهذا يتطلب جعل النظام الضريبي أكثر جاذبية بالنظر إلى العوامل التالية، حيث أن 80 بالمائة من الدول أعادت النظر في منظومتها الجبائية بعد انهيار أسعار البترول المسجلة سنة 2013، ووجود منافسة شرسة لجلب الاستثمار الأجنبي.
ومن أهم المبررات التي قدّمها الوزير وهو يرافع على نص المشروع، إدخال شفافية اكبر في التحفيزات الجبائية التي تمنح لشركاء سوناطراك في إطار المساعي الهادفة لترقية قطاع المحروقات، وإضفاء مرونة اكبر في تجسيد العقود المبرمة بين هذه الشركة وشركائها، بالإضافة إلى تأمين الشريك الأجنبي من خلال استقرار النظام الجبائي.
سد العجز المقدّر بأكثر من 20 مليار دولار
من جهته، قال عرقاب في ردّه على أسئلة النواب، أن اقتراح أحكام جبائية ضمن مشروع قانون المحروقات من شأنه إعطاء إشارة قوية للاقتصاديين والمستثمرين الأجانب، كما أن هذا الاقتراح يتماشى مع كل ما يتعلق بتحسين مناخ الأعمال، وهناك سبب آخر وهو التقرير الذي أعدته «دوين بزنس» التي ترصد مناخ الأعمال في الدول المنتجة للنفط، حيث أعطت المرتبة 187 للجزائر من أصل 190 دولة، وهي المرتبة تقريبا قبل الأخيرة.
وأرجع عرقاب آخر الترتيب الذي توجد فيه الجزائر إلى تغير القرارات والقوانين، ولهذا تضمن مشروع قانون المحروقات الجانب الجبائي، مؤكدا انه «لم تمس اي مادة من مواده بالسيادة»، وأضاف أن 80 بالمائة من الدول المنتجة والمصدرة للمحروقات قامت بتغيير منذ 2013 كل قوانينها المتعلقة بنشاطات المحروقات حتى تساير ما هو معمول به عالميا، وقال إنه لا يعقل أن نستمر في هذه الوضعية ونترك المشاريع الاستثمارية و رؤوس الأموال الأجنبية تتجه إلى دول أخرى كان إطاراتها في السابق يدرسون في الجزائر.
وقد نفى الوزير عرقاب وجود اي لبس أو ضبابية في هذا المشروع كما ذكر النواب خلال مداخلاتهم في النقاش، وقال أن التعديل فرضه الوضع الاقتصادي الذي يتطلب منا العمل على جلب الاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى «أن مداخيل الجزائر من المحروقات 33 مليار دولار، في حين أن النفقات تفوق 58 مليار دولار»، وهذا ما يضع الجزائر في خانة الخطر».
وقال عرقاب إن القانون الجبائي الذي سطرناه في قانون المالية هذا، يعطي إشارة حسب خبراء جزائريين وأجانب على عدم وجود استقرار، لان الاستثمار في مجال المحروقات يكلف ملايير الدولارات، وبالتالي لا مجال فيه للمغامرة والمخاطرة، «ولذلك هناك احتمال إدخال تعديلات على الجانب الجبائي مرة في كل سنة».
وذكر في هذا الصدد أن مشروع القانون العضوي الذي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 2 سبتمبر 2018 والمتعلق بقوانين المالية يسعى لبلوغ الأهداف التالية، منها إعطاء الإمكانية لقانون المحروقات بتحيين النظام الضريبي الذي ينظم أنشطة المحروقات، وكذا إدراج أحكام جبائية لمشروع قانون المحروقات من شأنه أن يساهم بشكل كبير في النظام القانوني المنظم لنشاط المحروقات.
النواب ينتقدون...
يذكر أنّ نص المشروع عرف مناقشة وانتقادا لمضمونه من قبل نواب المجلس المنتمين إلى كل من حزب جبهة التحرير الوطني، حزب التجمع الوطني الديمقراطي والأحرار، منهم من وصفه بالمبهم والغامض، وبعضهم يرى أن الوقت غير مناسب لإجراء التعديل على هذا النص، كما أبدى البعض الآخر تخوفه من أن التحفيزات المتضمنة فيه تمس بالسيادة.