النخب هي التي توجّه التاريخ وتعطيه معنى
كان قد وصل لتوّه إلى «سيلا» عائدا من سفر.. قاطعناه وهو في قلب جلسة توقيع روايته الأخيرة «الغجر يحبون أيضا»، بجناح المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية. لم يبخل علينا واسيني الأعرج ببعض من وقته، واغتنمنا هذه السانحة لنطرح عليه أسئلة في عُجالة، أسئلة عن الحراك والمثقف ودوره في المجتمع، أجاب عنها واسيني بصراحته وتلقائيته المعهودة.
- «الشعب»: بداية، نبارك لك اختيارك لعضوية لجنة أمناء «جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع»، التي تشرف على تنظيمها هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بالإمارات.. ما هو شعورك بهذا التتويج للجزائر؟ وكيف لهذا الاختيار أن يخدم حركة الإبداع عندنا؟
واسيني الأعرج: طبعا أي شيء جيد يسهم في خدمة الثقافة العربية، بما في ذلك بناء الثقافة الجزائرية وخدمة الثقافة الإنسانية، أقول إنه شيء إيجابي، كما أنها تجربة تشجع الشباب الصاعد.. بالنسبة لي فقد أعطى المرء ما عليه، ولكن هنالك جيل من الشباب يحتاج الاهتمام، ووجود المرء في مثل هذه المواقع أؤكد أنه يلعب دورا إيجابيا أو لنقل يلعب دور توازن، لأنه في كثير من الأحيان هناك كثير من الشباب يُظلمون، وعندما تكون قريبا من القرار على المستوى الأدبي، فأنت تستطيع أن تساعد هؤلاء.. لهذا أعتبر أنه مكسب للثقافة العربية أن توجد هذه اللجنة، ومكسب لنا كجزائريين أن نساهم في عجلة الثقافة العربية.
- في آخر أسبوع من السنة الماضية 2018، كنتُ قد سألتك عن أمنياتك لسنة 2019، وقلت حينها بأنك تتمناها «سنة النقد الذاتي» على جميع الأصعدة، وسنة السجال والنقاش «وإيجاد الفضاء لمناقشة المعضلات الكبرى».. هل ترى أننا بلغنا هذه الدرجة من الوعي الثقافي الذي يمكن له أن يصاحب الوعي الشعبي الذي نلحظه في الشارع؟ أم أن الشارع قد سبق المثقف بأشواط؟
أنا لا أعتقد ذلك.. من المؤكد أن للشارع دوره، وله دوره العفوي أيضا، لأن الشارع يدفع بالتاريخ إلى الأمام، ولكن النخب أيضا توجّه هذا التاريخ وتصنعه وتعطيه معنى.. لنأخذ مثال الثورة الفرنسية، التي كانت شعبية، ولكن من كان على رأسها على غرار دونتون وروبيسبيار وغيرهما، هم من ساهموا في تطوير هذه الحركة، لأن الحراك أو الحركة الشعبية لما تصل إلى نقطة معينة فهي تحتاج إلى أن يتمّ التكفّل بها من قِبل مثقفين ومفكرين.
- وهل ترى أنه تمّ التكفّل بهذه الحركة الشعبية؟
كلاّ.. صحيح أن إسهام المثقفين موجود، ولكن المثقف ما يزال يعيش في حيرة.