الاقتصاد أساسه الأسواق متعددة الأوجه واستغلال البيانات
الاقتصاد الرقمي يجري تعديلا هيكليا ويفرض تحديات جديدة لقانون العمل
دعا خبراء جزائريون وأجانب إلى ضرورة التعجيل بمراجعة الإطار القانوني، لمواجهة تحديات الآثار السلبية للرقمنة على صعيد حقوق المستهلك والمنافسة الشفافة والحريات الفردية، واقترحوا إعادة النظر في ثلاثة قوانين ويتعلق الأمر بكل من قانون المنافسة وقانون حماية المستهلك وقانون حماية ألمعطيات علما أن الرقمنة بدون تأطير تشريعي دقيق تهدد أمن الدول.
اعترف عمارة زيتوني رئيس مجلس المنافسة بوجود تحديات باتت تواجهها السوق الجزائرية بسبب التكنولوجيات الجديدة أو ما يصطلح عليه بالاقتصاد الرقمي، والتي أكد أنها تمس بالمنافسة وحقوق ألمستهلك بل الأخطر من ذلك أنه يرى أنها تمس حتى بالحريات ألفردية وتهدد في نفس الوقت أمن البلد.
وأشار زيتونه أنه بهدف مواجهة هذه التحديات التي ليست بالهينة، تم تنظيم اليوم الدراسي والاستعانة بخبراء جزائريين وأجانب خاصة خبراء الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ألاقتصادية وتحدث عن انتباه بعض الجمعيات لمثل هذه المخاطر ونظمت ملتقيات جهوية وتحسيسة بهدف نشر اليقظة المواطنين ومواجهة مختلف هذه ألآثار على خلفية أن العديد من الدول سبقتنا في التجربة، وأجرت دراسة لاحتواء الظاهرة.
واقترح زيتوني رئيس مجلس المنافسة إعادة النظر في الإطار القانوني لثلاث قوانيين، ويتعلق الأمر بقانون المنافسة وقانون حماية المستهلك وقانون حماية المعطيات، على خلفية أن الشركات المتعددة الجنسيات في أوروبا تطلق خدمات مجانية، لكن بعد استحواذها على مختلف البيانات والمعطيات، تغير إستراتجيتها حيث تصبح تبيع خدماتها بل الأخطر من ذلك أنها تستعمل هذه المعطيات في مسائل أخرى.
الآثار السلبية للاقتصاد الرقمي العالمي عبر الشركات المتعددة الجنسيات
ونظم مجلس المنافسة يوما دراسيا بفندق «السوفيتال» بدعم من هيئة الامم المتحدة للتجارة والتنمية الاقتصادية حول إشكالية المنافسة في سياق الاقتصاد الرقمي حيث تمت إثارة مسألة الآثار السلبية للاقتصاد الرقمي العالمي عبر الشركات المتعددة الجنسيات الذي يحمل خطرا على المستهلك والمعطيات والأمن، مقترحين ضرورة التعجيل، بمراجعة القوانين التنظيمية القطاعية في الجزائر وجعلها أكثر ملائمة وتجانسا مع الابتكار الرقمي عن طريق توفير حق تجريب أنماط جديدة.
ومن الخيارات التي يراها الخبراء الجزائريين والأجانب مهمة في الوقت الراهن تعديل الأطر القانونية الخاصة بالمنافسة وحماية المستهلك وحماية البيانات. ولعل الاهتمام قائم من أجل مراجعة قانون المنافسة لمنع التعسف في استغلال وضعية الهيمنة من طرف قاعدة البيانات وضمان وصول جميع المؤسسات إلى مختلف الأسواق على قدم المساواة وبصورة عادلة.
ويصب تكييف الاطار القانوني من أجل وقاية ومكافحة الممارسات المنافية للمنافسة في سياق الاقتصاد الرقمي، مما أدى بالعديد من البلدان المتضررة مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وكذا بلدان الجنوب الشرقي لقارة آسيا إلى مراجعة مختلف المفاهيم ومعايير تعريف وتحليل السوق الرقمي.
وأما على صعيد تكييف قوانين المنافسة المعمول بها، أجريت عملية تقييم وضعيات الهيمنة والتجمعات الاقتصادي أي كل ما تعلق بالإدماج والاقتناء بالإضافة إلى ما يوصف بالسلوكيات التعسفية، وتتضمن التسعير الافتراسئي لإقصاء المنافسين والتمييز بين الزبائن.
يذكر أن الخبراء سلطوا الضوء بالموازاة مع ذلك حول تحديد الرابط الذي يجمع بين قوانين متعلقة بالمنافسة والمتعلقة بحماية البيانات وحماية ألمستهلك التي ينبغي أن تكيف بهدف مواجهة مختلف التحديات الجديدة التي يطرحها الاقتصاد الرقمي. علما أنه ينبغي إدراك أن الاقتصاد الرقمي يجري تعديل هيكلي على مستوى توزيع المناصب ويفرض تحديات جديدة لقانون العمل، لأنه في الشق المتعلق بتطبيق قانون ألمنافسة تعد الأدوات التقليدية لهذا القانون مكيفة بهدف المكافحة الفعالة لسوء استغلال وضعية الهيمنة، لكن تشخيص مثل هذه الوضعيات يصبح معقدا بسبب الاقتصاد الرقمي، لأن هذا الاقتصاد يقوم على أساس الأسواق المتعددة الأوجه واستغلال البيانات الكثيرة، حيث تعكف المؤسسات الرقمية الكبرى على التنافس، من خلال التنويع المستمر عن طريق التنويع المستمر باستحداث أسواق جديدة.
والجدير بالإشارة فإنه في ظل نمو الاقتصاد الرقمي وسرعة انتشاره وتطوره أكثر فأكثر، يتم إثارة مسألة مدى القدرة على حماية مختلف البيانات، ويتضح في هذا المقام حسب رؤية الخبراء أن العديد من الأسواق الرقمية لا تعرض أسعارا مستقرة وواضحة، بل يمكن تسميتها بالأسواق المجانية، لكن الزبائن لا يعلمون أنهم يدفعون عن طريق بياناتهم الشخصية، أي أسواق دون أسعار نقدية
وخلاصة القول أن من بين أهم التوصيات المرفوعة من طرف الخبراء والمشاركين في هذا اليوم الدراسي، الذي يعد الثالث عشر ينظمه مجلس المنافسة، نذكر إرساء الحق في إجراء التجارب للمؤسسات الرقمية المبتكرة التي تقتحم الاقتصاد الجديد، مع أهمية تطوير إمكانية نقل البيانات في مختلف القطاعات مع أنشاء آليات توثيق للأشخاص المهتمين بذلك، وتمت الدعوة إلى منح الموارد البشرية والتقنية اللازمة لسلطات المنافسة للقيام بالتحقيقات ذات الصلة بالاقتصاد الرقمي.