طباعة هذه الصفحة

مدير التّربية لولاية قسنطينة لـ «الشعب»:

المؤسّسات التّربوية جاهزة بالمدن الجديدة لاستقبال أبناء العائلات المرحلة

قسنطينة: مفيدة طريفي

 تعرف عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة عمليات ترحيل ضخمة نحو مدن سكنية جديدة، إلا أن قطاع التربية بالولاية يبقى مستعدا لاستقبال التلاميذ في مؤسسات تربوية جديدة مهيّأة بكافة المتطلبات، وسط ظروف تعليمية طبيعية رغم الأعداد الهائلة للعائلات المرحّلة دوريا نحو المدن الجديدة، خصوصا «علي منجلي» أين رفعت التحدي وكانت في الطليعة، ونجحت في تحقيق دخول اجتماعي بعيد كل البعد عن مشاكل نقص المؤسّسات. أكثر التفاصيل في هذا الحديث الحصري مع مدير التربية لولاية قسنطينة السيد «محمد بوهالي»، الذي فتح لنا قلبه قبل مكتبه في حوار شيّق شرح لنا من خلاله أهم النقاط التي ضمنت نجاح العملية التربوية بالولاية.
- الشعب: كيف تقيّمون الدّخول المدرسي لسنة 2019؟
 محمد بوهالي: فيما يتعلق بالدخول المدرسي 2019 ـ 2020، يمكن أن نقول كان دخولا سلسا للغاية بالنظر لعمليات الترحيل الواسعة النطاق، والتي انطلقت شهر جانفي 2019،واستمرت قبيل  الدخول المدرسي بأيام قليلة، حيث تم توزيع حوالي 480 سكن، ممّا يقتضي أنّ عدد السّكنات التي منحتها الولاية للمواطنين تواكبها المؤسّسات التربوية لإستيعاب هذا العدد الهائل للتلاميذ، فإذا أخذنا على سبيل المثال 11 ألف سكن أو ما يفوق، بمعدل تلميذين في كل أسرة بمجموع 20 ألف أو أكثر تلميذ متمدرس في مختلف الأطوار، وكل مدرسة تربوية تستوعب أقصاها إلى 500 تلميذ، هذا يقتضي منّا إنجاز المؤسسات التربوية التي يجب أن تكون متوفرة.
فالدخول المدرسي انطلق من هذا المبدأ، أين حاولنا بالتنسيق والسلطات الولائية وعلى رأسهم والي الولاية استدراك ما قد يعرقل تمدرس التلاميذ في الدخول المدرسي، لهذا فتحنا على سبيل الاستعجال 21 مدرسة ابتدائية، 08 متوسطات ومؤسسة ابتدائية محوّلة لمتوسطة لأسباب استعجالية، وفتح 03 ثانويات، اثنتان منهما فتحت أبوابها والأخرى أنجزت بالمجمّع السّكني ماسينيسا، والتي لم تنتهي بها الأشغال بعد تأتي في مقدمتها أشغال الربط بشبكات الغاز، الكهرباء والماء وكذا توصيلات قنوات الصرف الصحي، وهناك مؤسسات لم تكتمل بعد بالأخص الثانويات والمتوسطات لم تتبقى سوى قاعات وساحات الرياضة، أنصاف الداخلية والسكنات الوظيفية، وهي التي تركت لتنتهي بها الأشغال مع عزل الجناح البيداغوجي تماما، وقد قمنا بإنشائها بهذه الطريقة، تصوري لو لم ننشأ هاته المؤسسات سيما وأن الوزارة أغلقت دورة إنشاء المؤسسات التربوية لأنها دورة وحيدة، وفتحت على سبيل الاستثناء فقط إلى غاية           شهر أكتوبر فقط، ففي حال عدم إنشائها كيف سيكون الدخول المدرسي وكيف يتم استيعاب الترحيلات الأخيرة واستقبال التلاميذ؟
 هنا قمنا بعملية استباقية من أجل تحضير المؤسسات بخرائط وتأطير إداري وتربوي لنضمن التمدرس لكل تلميذ، لتبقى بعض المشاكل والمتمثلة في بعض البلديات على غرار حامة بوزيان أين تم تسجيل اكتظاظ في التعليم المتوسط بسبب نقص العقار وهو المشكل المطروح. وفي هذه السنة رفقة والي الولاية تم تشخيص الاحتياجات الاستعجالية في المتوسطات والثانويات على سبيل المثال قطار العيش، التوسعة الغربية، حيث تمكنا من إيجاد أرضية لانجاز ثانوية بمكان قاعدة الحياة الخاصة بالشركة التركية، هذا فضلا عن تسجيل إكتظاظ بالمدينة الجديدة عين نحاس وماسينيسا رغم فتح المؤسسات الجديدة على غرار متوسطة «مراجي أحمد» ماسينيسا، والتي تسجل تمدرس 831 تلميذ، متوسطة «بوروح» تسجل 580 تلميذ، هنا اضطررنا إلى استغلال كل الحجرات، وهي صورة مصغرة عن مناطق تشهد ضغطا.

 مدارس مفتوحة تنتظر التحاق التّلاميذ

والملاحظ أن منطقة ماسينيسا السكنات أنشئت بالموازاة والمؤسّسات التربوية، كما شهدت التحاق المستفيدين لسكناتهم مع الدخول المدرسي عكس ما تشهده المدينة الجديدة، وتحديدا التوسعة الغربية أين تمّ فتح 4 مجمّعات مدرسية ومتوسطة، لكن الظاهرة التي أثّرت على التخطيط المدرسي هي عدم تنقل السكان لسكناتهم بالعدد المطلوب، حيث تنقلت شخصيا إلى الثانوية الجديدة «طافر محمد» بالتوسعة الغربية، لكن مع الأسف لم نسجل إلا عدد قليل من التلاميذ، وهو نفس الشيء بالمدرسة المقابلة للمجمع، وفي غياب السكان يتم إغلاق المجمع وجمع التلاميذ بمدرسة واحدة. والجدير بالطرح هو لماذا لم يلتحق المواطنون بسكناتهم الجديدة، والجواب يتلخص في أن شركة سونلغاز لم تواكب عملية ربط السكنات بالغاز الطبيعي، ونحن نراهن اليوم على أن تتم العملية قبل دخول فصل الشتاء وهي جارية على قدم وساق، لتدارك هذا الخلل الذي يؤدي بنا إلى خلل في الخريطة المدرسية.

- الشعب: بعد عمليات التّرحيل الأخيرة، هل هناك حقّا مؤسّسات أفرغت من التّلاميذ؟
 عملية الترحيل تمت ليس فقط من مركز المدينة، لهذا لا يمكن القول أن مؤسسات وسط المدينة أفرغت من التلاميذ، هي صحيح قليلة من حيث الكثافة لكن لا تزال المؤسّسات الابتدائية بتعداد طبيعي وتوفر أريحية للتلميذ وقلّلت أزمة الاكتظاظ، حيث نجد بها على الأقل 80 تلميذ وهو رقم طبيعي جدا، وهنا مفارقة كبيرة بين ماسينيسا التي تحتوي على كل الشروط التي تضمن للمواطن ترحيلات طبيعية عكس التوسعة الغربية التي لم تكتمل بها أشغال توصيلات الغاز الطبيعي، ما وقف عائقا لتنقل المستفيدين لسكناتهم، هذا فضلا على أن المديرية تواكب الأقطاب السكنية ببرامج تربوية، حيث نقوم بدراسة للأقطاب السكنية، واليوم هناك ما يسمى بالأقطاب السكنية المدمجة، وهو أن وزارة السكن عند تخصيص قطب سكني تبرمج منشآت تربوية.

- الشعب: ما هي وضعية الإطعام المدرسي بقسنطينة، وهل هناك تغطية كاملة؟
 عند التّكلّم عن الإطعام المدرسي الذي أضحى من تسيير البلديات، اليوم المدارس التي بها مطعم مهيكل تقدم بها وجبات ساخنة والتي ليس بها تجهيزات تقدم وجبات باردة، فالمفارقة هنا عند تسجيلنا لمدرسة ابتدائية في البرنامج القطاعي التي تنجز من طرف مديرية التجهيزات العمومية ويتم تسجيله من طرفنا كمديرية ليتم تسليمنا المؤسسة التربوية رفقة المطعم، قاعة الرياضة، لكن البرامج المدمجة من ابتدائيات، متوسطات وثانويات التي تشرف عليها وزارة السكن ليس بها النصف الداخلي ولا حتى المطاعم، يعني هنا مفارقة محاولة تعميم المطاعم عبر المدارس من جهة وننشئ من جهة أخرى مؤسسات تربوية بدونها، وقد اقترحنا في عديد المناسبات على الوزارة الوصية وخصوصا منها الابتدائيات بتعميم المطاعم وتوفير وجبات صحية بهدف ضمان تنشئة متوازنة للطفل بالمؤسسة التربوية.
المؤسّسات التّربوية بالمدينة الجديدة التي كانت تنجز آنذاك بقاعدة خمسة، ما يعني 14 حجرة والثانوية 800 مقعد، ومع تزايد الكثافة السكانية بالمنطقة لم تعد تحتمل الضغط والتعداد الهائل للمتمدرسين، حيث أنّه لو تمّ إنشاء مؤسسات بقاعدة 05 كان الاكتظاظ ضعيف جدا، هذا في غياب سياسة للتّخطيط والاستشراف لمدينة جديدة ستكون قطبا سكنيا ضخما ونموها متواصل. لهذا في قطاعي ومنذ السنوات الأخيرة كل المتوسطات التي نقوم بإنجازها تكون وفق القاعدة 07، يعني بأكبر عدد ممكن من الحجرات مقارنة مع «أوبيجي واديال» تنجز وفق قاعدة 06، وهي لا تتوافق والأعداد الهائلة للمتمدرسين، حيث نضطر مستقبلا سيما في المدن الجديدة إلى التوسع، لهذا نحن كقطاع نترك دائما للتوسعة رغم أنني ضد أقسام التوسعة بسبب أنها تشوه الهيكل العام للمؤسسة، وتأتي عادة للضرورة الحتمية فقط.

- الشعب: ما هي أهم البرامج التي استفادت منها الولاية في قطاع التّربية؟
 استفادت الولاية من برنامج ضخم السنة الفارطة، وحاليا لدينا 09 ثانويات و16 متوسطة في طور الإنجاز 54 ابتدائية، سلمت 21 ابتدائية ولا تزال 29 ابتدائية طور الإنجاز والموزعة عبر بلديات الولاية، حيث أن الدولة لم تبخل على ولاية قسنطينة بالبرامج التربوية، وهناك برنامج خاص بوكالة عدل، برنامج الأوبيجي، ومديرية التجهيزات العمومية هناك برنامج فيه 09 مؤسسات تنجز بالتوسعة الغربية، والتي سيتم فتحها في الدخول المدرسي المقبل.

- الشعب: هل ترون أنّ المنظومة التّربوية تنتهج أساليب تعليمية ترقى لمستوى وتطلّعات الأولياء؟
 هنا العملية التربوية بولاية قسنطينة نربطها بالنتائج التي يتوقعها الأولياء من طرفنا، الذين يعتبرون الوجه الآخر للمؤسسة التربوية، هذه الأخيرة التي لا يقتصر دورها فقط في حراسة التلميذ وإنما هي مكان لتنشئة جيل كامل، هم أبناؤنا المتمدرسون وهو الجيل الناشئ وهناك جيل راشد وهم الأولياء، والمدرسة هي الوسيلة التي منحها الجيل الراشد للجيل الناشئ عن طريق المدرسة لتكوين الفرد الذي نريده مستقبلا، يعني هناك تنشئة اجتماعية ومواكبة كل ما يجري في العالم، لهذا فإن المنظومة التربوية حاولت أن تواكب النظم العالمية. وهنا وعند طرح النظم التربوية العالمية هناك عملية انتقام، هنا لدينا التعليم المجاني والذي يتطلب جهودا أكثر، فمثلا في القانون التوجيهي للتربية لا يسمح بإخراج التلميذ من المحيط التعليمي قبل بلوغه 16 سنة مهما كان، وإن أبدى قدرات يستكمل إلى غاية التعليم الجامعي، وإن لم يظهر قدرات يوجه للتكوين المهني، سيما مع استحداث ما يسمى بالبكالوريا المهنية، هنا أود أن أوجه رسالة للأولياء الذين يدفعون أو يوافقون على مغادرة أبنائهم مقاعد الدراسة في الصف النهائي والاكتفاء بالمراجعة والدروس الخصوصية، هنا يتم شطبه وبعدها يطالب بإعادة الإدماج، حيث يكتفي الطالب بالدروس الخصوصية لدى أشخاص غير مؤهلين بالتدريس لا علم لهم بكيفية التعليم بمنهجية ما يدفع بالتلميذ للتشتت الذهني بسبب الكم الهائل للمعلومات المتضاربة، لهذا في الابتدائي والمتوسط كانت النتائج ممتازة بقسنطينة مقارنة بنتائج البكالوريا أين كانت النتائج ضعيفة بسبب ما تحدّثنا عنه من ظروف سلبية.

- الشعب: كيف هي المدارس الخاصّة بالولاية، وكيف يتم تأطيرها من طرفكم؟
 فيما يخص المدارس الخاصة فهي تعتبر جزء من النظام التربوي الجزائري اعتمدتها الدولة للقيام بتطبيق مناهج وبرامج التربية الوطنية فقط، البرنامج يتم مراقبته من طرف مفتشين تربويين وأي إخلال بالعقد يتم إلغاء العقد وغلق المؤسسة، وفيما يخص النتائج فإنّ المدارس الخاصة نوعين، هناك من لديها نتائج إذا كانت لديها ضوابط وانضباط، ومعظمها تشترط معدلات مرتفعة، وهناك من يهمها المداخيل فقط، ولا يمكنهم قبول التلاميذ المطرود للدراسة، وكانت هناك فوضى نوعا ما وبعد إنشاء الأرضية الرقمية التربوية، لم يعد هناك تلاعب بالنتائج ولا تسجيل التلاميذ بالمدارس الخاصة، وفيما يخص عدد المدارس الخاصة نسجل 17 مدرسة معتمدة بالولاية يتمدرس بها أربع ألاف و200 تلميذ فقط، والدولة صرحت بالتعليم الخاص لتخفف العبء، وهناك مؤسسات ذات جودة عالية من جهة وتوفر إمكانية للنقل والإطعام من جهة أخرى، ما يساعد على التحصيل العلمي الممتاز.

- الشعب: كيف هي علاقتكم بالنّقابات؟
 علاقتنا بالنقابات التربوية لابأس بها، ولا نسجل مشاكل معها، ولقاءاتنا مع الشريك الاجتماعي سواء فيدرالية أولياء التلاميذ التي نتعاون من خلالها مع بعض وكذا النقابات المعتمدة وحتى النقابات الجديدة قدمنا لها فرصة رغم أنها لا تملك تمثيلا وفتحنا لها الأبواب، ليس لدينا صراعات مع النقابات حيث أننا نلتقي معهم بصفة يومية خاصة في حال تسجيل نقائص بمؤسسات تربوية نعمل سويا لإيجاد حلول، رغم أن النقابات تخضع للمركزية النقابية نجد اختلافا فقط في الطرح رغم وجود نقابات انحرفت عن العمل النقابي لتذهب للسياسة، ونحن كقطاع تربية نحاول بشتى الطرق الابتعاد عن تسييس التربية والتعليم، وإبقاء المدرسة مكانا لتلقي العلم وفقط.
فضلا عن هذا نحن نسعى لتعميم جمعيات أولياء التلاميذ في كل المؤسسات التربوية باعتبارهم يكملون عمل المدرسة، وجمعيات التلاميذ تعتبر جمعيات ضاغطة على السلطات المحلية لتحسين ظروف تمدرس أبنائهم.

- كلمة أخيرة.
 نشكر أمّ الجرائد على هذا الحوار الشيق، ونتمنى لكم كل التوفيق في نقل المعلومة والمعلومة الصّحيحة وفقط.