جددت الجزائر موقفها الداعم لقضية الصحراء الغربية كمسألة تصفية استعمار, مشددة على حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيره من خلال تنظيم استفتاء حر ونزيه يتماشى مع المواثيق والقوانين الدولية التي صادقت عليها الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية.
وفي هذا السياق, أكد وزير الإتصال, الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة بالنيابة, حسن رابحي, أمس الإثنين, أن موقف الجزائر "واضح ولا غبار عليه" مشددا على أن الجزائر تواصل "دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره".
وأشار المسؤول الجزائري, إلى أن هذا الموقف منسجم مع قرارات مجلس الامن والدولي واللوائح ذات الصلة الصادرة في هذا الشأن, موضحا في السياق أن "قضية الصحراء الغربية سجلت في جدول أعمال الأمم المتحدة وهي قضية معترف بشرعيتها من قبل العديد من الدول".
ونوه الوزير بالمناسبة ب"المسؤولية العالية التي تتناول بها الأمم المتحدة القضية ", مؤكدا أنه "لا حل للقضية إلا من خلال تمكين الشعب الصحراوي من استفتاء تقرير المصير بما يتماشى مع المواثيق والقوانين الدولية التي صادقت عليها الأمم المتحدة.
وجاءت تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة الجزائرية كرد على التصريحات الاخيرة التي أدلى بها عمار سعداني بخصوص قضية الصحراء الغربية, حيث شدد رابحي على أنها "لا تخص إلا صاحبها ولا تساوي مثقال ذرة".
== الجزائر ترافع من اجل عدالة القضية الصحراوية من منبر الامم المتحدة ==
وما فتئت الجزائر تؤكد موقفها الداعم لقضية الصحراء الغربية في المحافل الدولية, حيث أبدت, مؤخرا, على لسان ممثلها بالأمم المتحدة, سفيان ميموني, بنيويورك, موقفها الثابت تجاه القضية الصحراوية,حيث اكد ميموني على أنه "لا مجال للشك في طبيعة النزاع في الصحراء الغربية الذي يعد مسألة تصفية استعمار غير مكتملة" مجددا تمسك الجزائر بحق شعب الصحراء الغربية الثابت في تقرير المصير.
كما ذكّر الدبلوماسي الجزائري, خلال كلمة له أمام اللجنة الرابعة الاممية المكلفة بتصفية الاستعمار, بجهود التي لازالت تبذلها الجزائر بغية إيجاد حلول للسلام في المنطقة من خلال دعمها لجهود الامين العام للأمم المتحدة و مجلس الامن من اجل استكمال مسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية , مشيدا بالمبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر الذي نجح في اعطاء ديناميكية جديدة للمسار السياسي.
و في معرض تطرقه للمأزق الذي يوجد عليه هذا المسار منذ عدة سنوات, أكد الدبلوماسي الجزائري على أنه "أصبح يشكل مخاطر كبيرة على السلام و الاستقرار في المنطقة".
كما أضاف ان الجزائر كملاحظ موضوعي, حريص على السلام و الاستقرار في المنطقة "جد منشغلة" لغياب التقدم في المسار السياسي, معتبرا ان المأزق يتطلب "مزيدا من الجهود و حتى وثبة من أجل إحداث قطيعة مع الجمود الحالي للمسار" و بعث شروط تسوية مستديمة تؤدي الى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".
وأعربت الجزائر أيضا على لسان السيد ميموني عن "أملها في ان تؤدي جهود الامين العام الاممي و مبعوثه الشخصي القادم الى ديناميكية فعلية لمسار تسوية هذا النزاع و ان يلتزم الجانبان بنية صادقة و بدون شروط مسبقة في مفاوضات بغية التوصل الى حل سياسي مقبول من الجانبين طبقا للشرعية الدولية".
كما اكد ميموني ان الجزائر تنوه بدعوة الامين العام للأمم المتحدة الذي "حث اعضاء مجلس الامن و اصدقاء الصحراء الغربية و الفاعلين الاخرين المعنيين بتشجيع المغرب و جبهة البوليساريو على مواصلة المساهمة في المسار بنية صادقة و بدون شروط مسبقة.
و اشار الدبلوماسي الجزائري في هذا السياق الى ان "الحوار المباشر الذي هو مصدر ثقة و امل (...) يبقى في الحقيقة الوسيلة الاكثر فعالية لإقامة سلام دائم".
و اضاف ان الجزائر بصفتها ملاحظا رسميا في مسار السلام ستواصل كما فعلت دوما في الماضي تقديم مساهمتها من اجل تسوية عادلة و دائمة لنزاع الصحراء الغربية مؤكدا انها "لن تدخر اي جهد حتى ترافق بتمنياتها و تشجيعاتها الاشقاء المغربيين و الصحراويين من اجل ان يغلبا معا منطق السلم و الوفاق على التوتر و عدم الاستقرار".
== تضامن الجزائر مع القضية الصحراوية نابع من قناعات تاريخية وقانونية ==
لقد تجاوز التضامن الجزائري مع القضية العادلة لحق الشعب الصحراوي في الاستقلال وتقرير المصير الخطاب الرسمي للدولة الجزائرية وتعدى الى الاحزاب والهيئات السياسية التي تجدد في كل مرة تضامنها مع القضية النابع من القيم ومبادئ الثورة الجزائرية التي تغذى عليها الشعب الجزائري.
وعليه فقد أكدت المجموعة البرلمانية للإخوة والصداقة الجزائر-الصحراء الغربية, في بيان لها أن القضية الصحراوية هي "أحد أولويات نضال الشعب الجزائري من أجل التحرر الانساني في افريقيا".
وأوضح ذات المصدر أن الموقف الجزائري إزاء القضية الصحراوية "يقوم على قناعات تاريخية وقانونية مثلما تقره الشرعية الدولية وكل اللوائح الأممية ذات الصلة", مشيرا الى ان "صلابة وثبات الموقف الجزائري تجاه الحركات التحررية الرافضة للاستعمار في افريقيا وآسيا نابعة من تجربتنا التحريرية الوطنية التي مكنت الجزائر من استعادة سيادتها بعد 132 سنة من الاحتلال الفرنسي وكذا حرصها على احترام القانون الدولي".
وذكرت المجموعة البرلمانية أن الصحراء الغربية هي "آخر مستعمرة في افريقيا", كما تعد "قضية انسانية وسياسية عادلة تبنتها الدول والشعوب والبرلمانات الوطنية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية عبر العالم بالنظر لشرعيتها المؤسسة تاريخيا وقانونيا".
وأكد البيان أن الصحراء الغربية "دولة مؤسسة للاتحاد الافريقي وعضو فاعل في البرلمان الافريقي وفي كافة مؤسسات الحكامة الافريقية ولديها ممثليات دبلوماسية في عشرات الدول وتشارك في مختلف الفعاليات المتعددة الاطراف التي ينظمها الاتحاد الافريقي, وهو ما يؤكد عمليا رفض الشرعية الدولية للاحتلال المغربي لأراضي الصحراء الغربية ويندد بالاستغلال غير القانوني للموارد الباطنة والبحرية المملوكة للشعب الصحراوي".
بدورها, أكدت اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي على ان جبهة البوليساريو "استحقت ألقاب النبالة والاعتراف الدولي بعد خوضها حربا عسكرية تفوقت فيها على المحتل المغربي, الأمر الذي اضطر الحكومة المغربية على القبول بوقف اطلاق النار في سبتمبر 1991".
وقال رئيس اللجنة, سعيد العياشي, أنه بالرغم من المناورات التي اتبعها المحتل المغربي لتغييب القضية الصحراوية عن المحافل القارية والدولية, فإن الجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية "تمكنت من أن تظفر بمقعد في الاتحاد الافريقي كعضو مؤسس, حيث اعترف بها كعضو كامل العضوية في منظمة الوحدة الافريقية مما تسبب في تغيب المغرب على صفوف المنظمة القارية ل32 سنة".
غير ان المحتل المغربي -يقول رئيس اللجنة- وبعد أن فشل في محاولاته إخراج البوليساريو من الاتحاد الافريقي, قرر العودة الى المنظمة القارية والجلوس من جديد مع الدولة الصحراوية داخل المنظمة.