هذه العبارة الواردة في الآية القرآنية الكريمة (6-10) من سورة «الحجرات» خير من ألف سلطة ضبط وأفضل من كل قوانين لأنها تراهن على المتلقي وتحصنه من سموم الأكاذيب والمغالطات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف نحصّن هذا المواطن و أنفسنا من ابتلاع طعم الأخبار الكاذبة وليت الأمر يتوقف هنا بل تحولنا دون أن نشعر إلى مروجين للأكاذيب والأباطيل خاصة عندما يتعلق الأمر بأعراض الناس فكم من أناس لاحقتهم الإشاعات القاتلة حتى أوصلتهم إلى القبر وكم من دول حطمتها الإشاعة والدعاية المغرضة التي تعتبر أفتك الأسلحة في حروب «الجيل الخامس» بل هي من تحسم الحرب ولابأس أن نعود إلى الغزو الأمريكي للعراق إذ سقطت بغداد بسبب خبر كاذب واحد روّجته وسيلة إعلامية مشهورة والنتيجة كانت انهيار معنويات الجنود العراقيين الذين كانوا حينها معزولين عن القيادة بسبب عمليات التشويش ولم يبق أمامهم غير الانسحاب وخبر سقوط مطار بغداد الكاذب أدى إلى سقوط العاصمة العراقية في أيدي جنود الاحتلال الأمريكي ؟
عينة ضمن أخرى على أن المصفاة «الفلتر» الحقيقي هو المتلقي نفسه والمعركة الحقيقية هي كيفية تنشئة مواطن قادر على التفريق بين الغث والسمين من خلال تنمية قدراته العقلية على التحليل والبحث عن الحقيقة أينما كانت من أجل ذلك يجب أن تكون برامج تعليمية تعتمد في المدارس حتى نكوّن مواطنا محصّنا من الوقوع ضحية الخرافات والأساطير قبل «الفايك نيوز « هذه الأخيرة التي تصنعها مخابر متخصصة لنشر الارتباك والفوضى ومن منا لا يتذكر خرافة الثعبان العملاق الذي وجد بقبو بإحدى العمارات في مدينة المحمدية بالحراش والذي قيل حينها بأنه قادر على ابتلاع بقرة بأكملها ؟ وغيرها من الخرافات والخزعبلات التي شغلت الرأي العام الجزائري وأصابت الكثيرين بالرعب.
«الفايك نيوز» التي تفوّقت على المعلومة الصحيحة من حيث التدفق والـتأثير لا يمكن أن تكون وليدة صدفة بل يستحيل أن تكون كذلك، لأن طريقة صناعتها وكيفية ترويجها وتأثيرها يثبت أن هناك مخابر وأجهزة وراءها، توظفها في معارك السياسة، الاقتصاد، التجارة ... والدول التي لا تمتلك إعلاما قويا، حرا ومحترفا ستكون الخاسر الأكبر، إننا في زمن صناعة كل شيء من الإعلام إلى مخابر صناعة الفضيحة، لهذا فإن الصحفي مدعو أكثر من كل الناس إلى التبيّن والتحقق قبل نشر أي خبر ؟ !.