بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسياحة، الموافق لـ27 سبتمبر من كل سنة، والذي جاء هذا العام تحت شعار «السياحة والشغل، من أجل مستقبل أفضل للجميع»، نظّمت المديرية الوطنيّة لمشروع الحظائر الثقافية الجزائرية، بالتعاون مع مديرية حماية وترميم التراث بوزارة الثقافة والديوان الوطني للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر، وجمعية «قصر تغورفيت السياحية والثقافية»، يومين دراسيين الأربعاء والخميس 25 و26 سبتمبر بمدرّج المقاطعة الإدارية بجانت، تحت عنوان «إيغرمان وين جانت، رافد لتنمية السياحة الثقافية بالتاسيلي ن أزجر».
اندرج هذا النشاط في إطار تجسيد اتفاقية الشراكة، الموقعة جويلية الماضي بين المديرية الوطنية للمشروع وجمعية «قصر تغورفيت السياحية والثقافية»، حول تطوير السياحة البيئية ـــ الثقافية في الحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر، بهدف تسليط الضوء على القيمة الاستثنائية لتراث الحظيرة، المجسدة في «إيغرمان» (أو قصور باللغة العربية) «أزلواز»، «الميزان» و»أجاهيل».
شهد الملتقى في يومه الاول عرض العديد من المداخلات التقنية من قبل مختصين في الهندسة المعمارية، التراث، الاتصال والترويج السياحي. كما قدّم كلّ من جمعية قصر تغورفيت السياحية والثقافية وجمعية تساجيت مداخلتين لعرض تجربتهما الجمعوية، ودورهما في الترويج السياحي لقصري الميزان وأزلواز على التوالي. وكان ذلك بحضور السلطات المحليّة، وممثلّي القطاعات المحليّة، والسكّان المحلييّن، والجمعيّات، ووسائل الإعلام المحليّة والوطنيّة، وممثّل وزارة الثقافة، وخبراء وباحثين.
أما اليوم الثاني فقد خصّص لأشغال فوجيْ العمل، توصّل كلّ واحد منهما إلى حزمة من الإجراءات العملية. حيث خلص فوج العمل الأول (إيغرمان وين جانت واحة جانت وآليات حفظ وتثمين تراثها المعماري) إلى كون المحافظة على إيغرمان وين جانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمحافظة على الواحة والتراث غير المادي، كونها حلقة ثلاثية متكاملة، ودعا إلى تسجيل عمليّات استعجالية للتكفّل «بالحالة الحالية المتدهورة» لإيغرمان وين جانت وذلك من خلال تنظيفها وفتح المسالك المغلقة داخلها، وتدعيم البنايات الآيلة للسقوط، وتوظيف أعوان لحراسة وحفظ اغرم إيغرمان وين جانت تحت وصاية هيئة ثقافية (مديرية الثقافة أو الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن آزجر)، وفتح نقاش لإعلام الملاّك بالتصنيف وتبعاته من خلال تنظيم لقاءات حول الملكية الخاصة، والإجراءات القانونية الناجمة عن تصنيف إيغرمان وين جانت.
من جهتها، أفضت أشغال فوج العمل الثاني (استغلال إيغرمان وين جانت لتنمية السياحة الثقافية بالتاسيلي ن آزجر) إلى: اقتراح مسلك سياحي في مدينة جانت والمناطق المجاورة وذلك بإدراج إيغرمان كوجهة سياحية (المديرية الوطنية للمشروع، الجمعيات، الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر)، وإعداد ميثاق للسياحة وذلك بإشراك مختلف الفاعلين المحلييّن من وكالات سياحية وجمعيّات ودواوين محليّة للسياحة وكذا السلطات المحليّة. كما دعا فوج العمل إلى إعداد دعائم اتصالية بلغات مختلفة للتعريف والترويج إيغرمان وين جانت، ووضعها على مستوى مطار جانت وإليزي، إلى جانب تكوين مرشدين سياحيين معتمدين من قبل الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر والمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني والتمهين بجانت.
إنقاذ تراثنا المهدّد يتطلب تعاون جميع الفاعلين
وفي تصريح خاص لـ» الشعب»، قالت نريمان صاحب، المكلفة بالإعلام على مستوى المديرية الوطنية لمشروع الحظائر الثقافية الجزائرية، إن مدينة جانت تزخر بإمكانات سياحية هائلة ينبغي الاستثمار فيها لتكون رافدا للتنمية الاقتصادية المحليّة. ومن بين هذه المقوّمات نجد القصور الثلاث «أزلواز»، «الميزان» و»أجاهيل»، التي بإمكانها أن تكون وجهة للسيّاح نظرا لطابعها المعماري المتميّز وتاريخها القديم.
واعتبرت محدّثتنا أن تحقيق هذا المسعى يتطلّب التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين على المستوى المحليّ، ويتعلق الأمر بملاّك هذه القصور بالدرجة الأولى، والجمعيّات، والسلطات المحليّة وقطاع السياحة والثقافة والاتصال، لحفظ ما تبقى من هذه القصور والترويج سياحيا لها، بما يتناسب مع استراتيجيات التسويق السياحي المعتمدة في المواقع المصنّفة عالميا بحكم تواجد هذه القصور في إقليم الحظيرة الثقافية للتاسيلي ن أزجر المصنّفة تراثا عالميا مختلطا منذ عام 1982.
من جهة أخرى، تأسفت نريمان صاحب «لحال هذه المعالم قائلة إن قصور واحة جانت تتواجد «في حالة كارثية، خاصة بعد الفيضانات الأخيرة التي تسبّبت في سقوط بعض الجدران المهترئة لقصر أزلواز، وانسداد بعض المسالك داخل هذه القصور». وأضافت: «هذه الوضعية تتطلّب اتخاذ إجراءات استعجالية لإنقاذ هذا التراث الأثري المعماري وعدم انتظار صدور المخطط الدائم لحفظ قصور جانت بحكم تصنيفها ضمن القطاعات المحفوظة في 2018».
على صعيد ذي صلة، فقد أعدّ مشروع الحظائر الثقافية بالجزائر «مشروع ميثاق للسياحة البيئية والثقافية»، يحدّد التزامات ومبادئ كل فاعل على مستوى أقاليم الحظائر الثقافية، وذلك لإرساء سياحة بيئية وثقافية تضمن حفظ وتثمين التراث البيئي والثقافي المادي وغير المادي، وسيتّم مناقشة هذا المشروع عن قريب على مستوى جانت بحضور مختلف الفاعلين لدراسة وإثراء هذا المقترح.
للتذكير، فإن مشروع الحظائر الثقافية الجزائرية مشروع وطني يسجل في إطار شراكة دولية بين الدولة الجزائرية ممثلة بوزارة الثقافة، وصندوق البيئة العالمي الممثل ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر، وقد كانت انطلاقته الفعلية عام 2014، وسينقضي في 2021.