شرعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، صباح امس الاثنين، في إصدار النتائج الأولية لعمليات الفرز بعد فرز 27 بالمائة من المحاضر، حيث أظهرت النتائج الرسمية الأولية أن المرشح المستقل قيس سعيّد يتصدر الترتيب بـ19 بالمائة من الأصوات، يليه المرشح الموقوف بالسجن نبيل القروي بـ14.9 بالمائة، ثم في المرتبة الثالثة مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو بـ13.1 بالمائة، يليهم وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي بـ9.6 بالمائة، ثم يوسف الشاهد بـ7.4 بالمائة.
واحتل المرشح المستقل أحمد الصافي سعيد المرتبة السادسة بـ6.6 بالمائة، والمرشح عن الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي المرتبة السابعة بـ6.5 بالمائة، وسيف الدين مخلوف بـ5 بالمائة، ثم المنصف المرزوقي بـ4.1 بالمائة، لتأتي في المرتبة العاشرة المرشحة عبير موسي بـ3.8 بالمائة، ثم محمد عبو بـ3.8 بالمائة، ثم في المرتبة 12 المهدي جمعة بـ1.8 بالمائة، وفي المرتبة 13 مرشح الجبهة الشعبية المنجي الرحوي بـ0.8 بالمائة.
وجاء في الترتيب الأخير المرشح المستقل حاتم بولبيار بـ0.1 بالمائة، وهي النسبة نفسها التي حصلت عليها المرشحة سلمى اللومي ومحمد الصغير النوري، والمرشح الموجود خارج تونس سليم الرياحي، وعبيد البريكي.
والتقت النتائج الأولية الرسمية مع ما ذهبت إليه مؤسسات سبر الآراء التي كشفت الأحد عن تصدر سعيّد للمرتبة الأولى، يليه مرشح «قلب تونس» نبيل القروي، ومرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو.
يشار إلى أن هيئة الانتخابات ستكشف اليوم عن النتائج الرسمية للدور الأول من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، في حين ينتظر أن يجري الدور الثاني في أجل أقصاه 13 أكتوبر القادم، حسب ما أعلنه سابقا رئيس هيئة الانتخابات نبيل بوفون.
قيس سعيّد ..مستقل هزم منظومة الأحزاب
بلا رصيد سياسي، ومن دون «ماكينة» حزبية؛ حقق المرشح المستقل قيس سعيّد المفاجأة بتصدره نتائج استطلاع الرأي للدور الأول من الانتخابات الرئاسية بتونس و النتائج الاولية الرسمية، مطيحا بالضربة القاضية بأبرز مرشحي الأحزاب الكبرى.
وعلى وقع شعارات ثورية من قبيل «أوفياء لدماء الشهداء»، احتفل سعيد مع أنصاره بالفوز الأولي في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة، مؤكدا أنه سيعيد لتونس مجدها، وسيمضي في تركيز دعائم دولة القانون والعدل.
زلزال سياسي
ووصف مراقبون نتيجة استطلاع الرأي «بالزلزال السياسي» الذي ضرب في مقتل المنظومة الحزبية الحاكمة،، بعد أن مني كل من رئيس البرلمان بالنيابة ومرشح النهضة عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي؛ بهزيمة مدوية.
وبرز اسم سعيد الذي يُلقب بـ«الروبو (الرجل الآلي)» بعد الثورة، حيث عرفه التونسيون من خلال مداخلاته الإعلامية كخبير في القانون الدستوري كلّ ما كان هناك سجال بهذا المجال في البلاد، خصوصاً بين عامي 2011 و2014، ليُقدّم القراءات ويوضح مَواطن الغموض من الجانب القانوني، وشد إليه معجبيه -خاصة من الشباب- بفصاحة لسانه والتزامه بالحديث باللغة العربية الفصحى في المجالس الرسمية والعامة.
وأظهر الرجل (61 عاما) أب لثلاثة أبناء، انحيازا واضحا لمبادئ الثورة، معتبرا أن رحيل رأس النظام لا يعني إسقاط النظام برمته، داعيا إلى تأسيس دولة قيامها العدل والسيادة الوطنية والحكم المحلي.
وأعلن منذ أشهر تعففه عن السلطة والقصور والمآدب الفاخرة، مستدركا أنه لن يتردد في تلبية نداء الواجب وخوض الانتخابات الرئاسية ومواجهة المنظومة الحزبية من باب مسؤوليته تجاه الوطن.
لا تدعمه الأحزاب
ظهر سعيد في المشهد السياسي الربيع الماضي، وتحصّل على ترتيب متقدّم فيها، وبدأ يلفت الانتباه إليه تدريجيّا. اعتمدت حملته على زيارات أجراها في الأسواق والأحياء الشعبيّة، وناقش مع التونسيّين مشاكلهم ومطالبهم وجهاً لوجه.
يُقدّم المرشّح المستقلّ الذي لا يلقى أيّ دعم من الأحزاب التونسيّة، برنامجا سياسيّا يستند فيه على إعطاء دور محوريّ للجهات وتوزيع السُلطة على السلطات المحلية عبر تعديل الدستور. وقال في تصريحات إعلاميّة «لستُ في حملة انتخابيّة لبيع أوهام والتزامات لن أحقّقها»،
وتابع أن «الوضع اليوم يقتضي إعادة بناءٍ سياسيّ وإداري جديد، حتّى تصل إرادة المواطن. فهو يخلق الثورة للاستفادة منها»، مؤكدا «علينا أن ننتقل من دولة القانون إلى مجتمع القانون... شعار (الشعب يريد) يعني أنْ يُحقّق الشعب ما يريد».
أفكار ومواقف محافظة
يُدافع سعيد عن أفكار ومواقف محافظة، بنبرة الأستاذ الذي يُقدّم محاضرة. وتصنّفه منظّمة غير حكوميّة بين المرشّحين المحافظين جدّا، في ما خصّ مواضيع رفع عقوبة الإعدام وإلغاء عقوبة المثلية الجنسيّة.
كما عبّر سعيّد عن رفضه مبدأ المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وهو من المسائل الشائكة التي تُثير جدلاً واسعاً في تونس. وهو قال إنّ «القرآن واضح» في هذا السياق.
سيادة الشعب
اعتبر الناشط والمحلل السياسي طارق الكحلاوي أن فوز المرشح المستقل قيس سعيد رسالة مضمونة الوصول بأن الشعب لفظ الأحزاب والطبقة السياسية برمتها، سواء كانوا في الحكم أو المعارضة.
وقال إن ما أظهره سعيد من تعفف عن السلطة، ومن وعود لاستعادة السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية؛ أعاد الأمل لفئة الشباب، خاصة المهمشين والعاطلين عن العمل، وزاد في تأليبهم على السياسيين وانتهازيتهم.
وبخصوص حظوظه في الدور الثاني، لم يستبعد الكحلاوي فوز قيس سعيد بمنصب الرئاسة، «في ظل توفر خزان انتخابي هائل يجمع بين أطياف فكرية واجتماعية متعددة»، حسب قوله.