الطبقـــة السياسيــة غــير مدركــة للرهانـات التــي تحيــط بالبلــد
يجزم أستاذ علم الاجتماع السياسي محمد طايبي في حوار مقتضب لـ«الشعب»، بأن «الخطوات الأخيرة لاسيما منها استحداث سلطة وطنية للانتخابات، تصب في خانة إعادة هندسة الدولة الوطنية في الجزائر»، منبها في سياق موصول إلى أن «الطبقة السياسية غير مدركة للرهانات التي تحيط بالبلد، وإلا سارعت» ـ حسبه ـ إلى «وفاق وطني يطرح القضايا التي تحتاجها الأمة على غرار بناء الدولة وصون الجيش وحماية الهوية وكذا التكفل بالوضع ألاقتصادي.
- «الشعب»: تم الإفراج عن أعضاء السلطة الوطنية للانتخابات التي يترأسها وزير العدل الأسبق محمد شرفي، وعلى الأرجح فان التشكيلة ستكون محل ترحيب وانتقاد، ما رأيكم؟
محمد طايبي: في قضايا الرأي العام المعاصرة إرضاء الجمع كله أمر مستحيل، إنما القضية هي أن هذه الإجراءات والخطوات، تهدف إلى إعادة هندسة الدولة الوطنية في الجزائر وهو الهدف الأعظم، والأشخاص كلهم يعملون في هذا الاتجاه.
- لكن هناك رفض آلي لكل من كان في النظام السابق؟
هل يوجد أحد من المعارضة لم يكن في عهد النظام كلهم مشوا في الخط، وكثيرا من الذين كانوا داخل النظام كانوا ضد سياسته بطرقهم وعارضوا بوسائلهم، والذين كانوا خارجه على مستوى المشهد ويتظاهرون بالمعارضة، هم الذين كانوا في الحقيقة مع النظام وتحت جناح الدولة العميقة، وبالتالي كفانا تزويرا وتشويها للحقائق، الدولة لا تشتغل وفق الأهواء، بل كقوة شرعية تحافظ على المصالح وتصون العدل، لأنه لا دولة قوية، لا معارضة ذات مصداقية، ولا نظام ذو فعالية دون ذلك.
هؤلاء لا يدركون المسؤولية العمومية، المعارض هو من يرفض السياسة ويقدم البديل، ولا يختزل نفسه في رفض وقبول شخص والطبقة السياسية لا تدرك حقيقة الرهانات التي تحيط بالبلد، لأنه إذا كانت مدركة لها فعلا لسارعت إلى وفاق وطني يطرح القضايا التي تحتاجها الأمة على غرار بناء الدولة وصون الجيش وحماية الهوية وكذا التكفل بالوضع الاقتصادي.
الذين لا يرضون بأي شيء يريدون أن يكونوا هم، فليتقدموا إلى الانتخابات ويأخذوا السلطة عبر الصندوق، وهي القاعدة العالمية لصناعة النظم، ويبقى الصندوق الفيصل الضامن لسيادة الشعب مع ضمان حرية الترشح لكل من ينشط في الحقل السياسي، والأكيد أن قافلة الجزائر منطلقة «وكل واحد عينه على بعيره.»
- صادق البرلمان بغرفتيه نهاية الأسبوع الأخير، على قانونين عضويين يخصان استحداث السلطة الوطنية للانتخابات وكذا المتعلق بنظام الانتخابات، ما مدى أهميتهما؟
هما إجراءان يرسخان تحديث المنظومة التمثيلية أي الانتخابية، وقد تمت وفق إرادة جماعية لهيئة حوار ونقاش عام، جعل الفعل الانتخابي، أقرب إلى المعيارية الدولية في الانتخابات وكان ضروري للخروج من النمط القديم الذي يسمح بالتزوير والتسريب.
القانونان خطوة كبيرة جدا قد تحتاج إلى تغييرات مستقبلية في عهد رئيس جمهورية وبرلمان شرعي، لابد أن نثمن ما ينجز، المهم أن من يريدون المنصب يجب أن يعوا بأن الرئيس سيكون على رأس مؤسسات كمسير ولن يحكم بالمعنى الدكتاتوري ومعارضة المعارضة لإجراء الانتخابات أمر غريب في حد ذاته، من يرفض الاقتراع ماذا يريد مفتاح البلاد، ومفتاح البلاد لا يمكن الحصول عليه إلا عبر هذا السبيل.
- كيف تقيمون الحراك الشعبي بعد مرور 7 أشهر؟
منذ بداية الحراك الشعبي، اعتمد على تيار مطلبي شعبي وطني، يريد تطهير البلاد من الفاسدين وكان أمر واقع وقائم، وهناك تيار يريد أخذ السلطة بالتعتيم والتوترات وبمجابهة الجيش الوطني الشعبي، خدمة أصلا لمهندسي منظومة الفساد في الجزائر، ثم بدأ الخيط الأبيض يظهر جليا.
في تصوري في بداية الحملة الانتخابية ستكشف كل المدسوسات، وتجعل قوى الحراك تختار مواقعها، أولا بالنسبة للانتخابات الرئاسية، وثانيا من المترشحين لهذا الاستحقاق الأكيد أنه ستكون استقطابات جديدة حول الرئيس، ووقتها تخرج الجزائر من المخاض العسير وتبرز قيادة تتكفل ببناء المؤسسات.