طباعة هذه الصفحة

مراجعة القاعدة الاستثمارية «49- 51»

انتقاء المستثمرين الحقيقيين وتجاوز أي تحايل

فضيلة بودريش

لا بديل عن الاستثمار المنتج والمتنوع في خلق الثروة، لتغيير خارطة الاقتصاد الوطني وانتهاج مسار صحيح، يحرر الاقتصاد الوطني من قبضة النفط، ويعيد للآلة الإنتاجية حركيتها، ولعل أول خطوة للانفتاح الكبير على الاستثمار الحقيقي يكون بالنص التشريعي المرن والجذاب، لتشجيع تدفق الرأسمال الأجنبي الذي يمكن من تسريع وتيرة إنشاء المشاريع المنتجة، التي تخدم النسيج الصناعي والخدماتي وكذا الفلاحي، وما أحوج الجزائر لاستثمارات جدية قوية وعميقة؟
استجابت الحكومة ـ مؤخرا ـ لمقترحات الخبراء ودعوات رجال الأعمال والمستثمرين  بمراجعة القاعدة الاستثمارية» 49- 51 «، وستثنى من ذلك القطاعات الإستراتجية، ومع مراعاة خصوصية كل قطاع، ولعل هذا الإجراء من شأنه أن يسرع من تدفق رأس المال الأجنبي وتحويل التكنولوجيا وتكوين اليد العاملة وترشيد التسيير، من خلال الاستفادة من خبرات أجنبية رائدة و ناجحة، لكن من باب التجربة ينبغي أن يتزامن ذلك مع إصلاحات مصرفية وتقوية رقابة المنظومة البنكية على تحويل الشركات لأرباحها نحو بنوك أجنبية.
إذا ينبغي أن يعزز قرار مراجعة القاعدة الاستثمارية 49-51 لجذب وتدفق الاستثمار الأجنبي والخبرة الرائدة، في عدة مجالات اقتصادية خاصة ما تعلق بالصناعة والفلاحة والسياحة، من خلال تسطير خارطة دقيقة تحمل رؤية إستراتجية ذكية لجلب مستثمرين حقيقيين وفي مجالات فعلا تحتاج فيها الجزائر إلى استثمارات قوية تنعش اقتصادها وتقويه، مثل الصناعة وعلى سبيل المثال الصناعات الرقمية وولوج عالم الذكاء الاصطناعي، وكذا الفلاحة التي أثبتت التجارب أنها قطاع قادر أن يقود الجزائر إلى استحداث الثروة، ليحرر الاقتصاد الوطني من تبعية الموارد النفطية والباطنية، خاصة أن ايادي الفساد التي كانت تعبث بالاقتصاد الوطني وتعرقل مجيء المستثمرين، تستمر محاربتها ومحاسبتها، وهذا من شأنه أن يغير من مناخ الاستثمار إلى الأحسن ومن ثم تختفي معه البيروقراطية والعراقيل المثبطة للهمم. لأنه لا يعقل أن نفتح أبواب الاستثمار للاستثمارات الغذائية التي نملك فيها نسيجا مؤسساتي معتبر بل نسلط الضوء على المجالات التي نستورد فيها المنتوج على غرار القطاع الصيدلاني.
ومن المفروض بالموازاة مع ذلك أن يفعل ملف الاستثمار في السياحة، بل ويكون في صدارة الاهتمام، لأن الجزائر بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر بها، تستحق أن تكون الوجهة السياحية المغاربية الأولى، من دون منازع في استقطاب وتدفق السياح، لكن ما ينقص سوى التخطيط الجيد والمعالجة الذكية لملفات المستثمرين، فالأفضل من تمنح له فرصة أن  يتموقع وصاحب الخبرة الرائدة والأفضل في الأداء من تفتح له أبواب الاستثمار من أجل تقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.