قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن هناك 3600 لاجئ في مراكز إيواء في ليبيا، لا يزالون بحاجة ماسة للمساعدة، ويتعين إيجاد حلول لهم ولغيرهم ممن يعيشون في مناطق أخرى.
أعلنت المفوضية، أمس، إجلاء مجموعة مكونة من 98 لاجئاً من ليبيا إلى إيطاليا، مشيدة بتعاون وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، خلال تأمين نقل اللاجئين، كما وجهت الشكر إلى السلطات الإيطالية على تضامنها.
وينتمي الأشخاص الذين تم اجلاؤهم إلى أريتريا، أثيوبيا، الصومال والسودان، ومن بينهم 52 قاصراً غير مصحوبين بذويهم. وأشارت المفوضية إلى أن عمليات الإجلاء تشكل حاجة إنسانية لأكثر اللاجئين ضعفا، والذين يعيشون في مناطق ليبية تحت وطأة الصراع والمعاناة.
يذكر أن المفوضية ساعدت في عام 2019 نحو 1474 لاجئاً على مغادرة ليبيا، بينهم 710 توجهوا إلى النيجر و393 إلى إيطاليا، بينما تم توزيع 371 آخرين على بلدان أخرى في أوروبا وكذلك كندا.
مشاورات لعقد المؤتمر الدولي
وسط جمود الموقف العسكري على محاور القتال بتخوم العاصمة طرابلس لليوم 158، تستمر التحركات الدولية الرامية لعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة الليبية، وكان أبرز هذه التحركات من جانب برلين، التي تجري مشاورات واسعة مع الشركاء الدوليين، لإنفاذ الفكرة التي تمخضت عنها قمة الدول السبع الكبار نهاية الشهر الماضي، لكن أصواتا أخرى في المقابل تتحدث عن ضرورة عقد مؤتمر بين الأطراف الليبية ليكون نواة للحل، وهو ما يصطدم بمخاوف من تكرار حوارات داخلية سابقة باءت بالفشل وسط استمرار الفجوات السياسية والعسكرية والأمنية.
وأعلنت برلين، على نحو مفاجئ -على لسان سفيرها لدى ليبيا أوليفر أوفكتزا- عن عملية تشاور مع الشركاء الدوليين الرئيسيين لعقد المؤتمر الدولي، مضيفا: العمل التحضيري الكافي، فإن مثل هذه الجهود ستؤدي إلى حدث دولي ذي مغزى في فصل الخريف الحالي.
تصريحات السفير الألماني جاءت عقب موقف آخر صدر عن المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الأربعاء، في كلمتها أمام البرلمان في برلين، إذ قالت: هناك وضع يتطور في ليبيا وقد يتخذ أبعادا مثل التي شهدناها في سوريا، ومن الضروري أن نبذل كل ما بوسعنا لضمان عدم تصعيد الوضع إلى حرب بالوكالة وستقوم ألمانيا بدورها. ونبهت إلى أنه إذا لم تستقر الأوضاع في ليبيا فإن استقرار المنطقة الأفريقية بأسرها سيتزعزع.
حشد الدعم للحل سياسي
ولم تكن ألمانيا هي الداعم الوحيد لعقد المؤتمر الدولي الذي اقترحته طاولة السبع الكبار، إذ أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر دولي حول ليبيا لإيجاد حل سياسي للأزمة.
أما المبعوث الأممي غسان سلامة، فقد واصل مشاوراته الدبلوماسية لحشد الدعم لهذا المؤتمر عبر عقد لقاءات مع سفراء دول كبرى هذا الأسبوع، حيث التقى القائم بأعمال السفارة البريطانية في ليبيا نيكولاس هوبتون، وسفيرة كندا إلى ليبيا هيلاري تشايلدز.
كان سلامة اقترح في إحاطته إلى مجلس الأمن خطة من ثلاث مراحل لمعالجة الوضع الراهن في ليبيا تبدأ بهدنة يتطلب تطويرها لخفض التصعيد والتوصل لاتفاق يقضي بوقف لإطلاق النار، ثم تنظيم مؤتمر دولي تشارك فيه الدول المعنية بليبيا يليه مباشرة ملتقى ليبي يضم الأطراف المحلية الفاعلة في الأزمة.
عربيا، لم يصدر موقف واضح حيال فكرة عقد المؤتمر الدولي، إذ قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن الحل في ليبيا لن يكون عسكريا، داعيا خلال لقاء مع وزير الخارجية المفوض محمد سيالة إلى العودة للعملية السياسية، وذلك على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب.
وقف القتال أولا
أما على صعيد دول الجوار، فقد جاءت دعوة وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي إلى ضرورة التحرك من أجل وقف إطلاق النار في ليبيا، وذلك خلال مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين ووزير خارجيته أيمن الصفدي.
وفي الداخل الليبي، يتزايد الحديث عن مؤتمر وطني بمشاركة أطراف ليبية يستبق المؤتمر الدولي، وسط انقسام وجدل بشأن جدوى هذا المؤتمر، خصوصا بعد إخفاق مخرجات الاتفاق السياسي لعام 2015 في التوصل لحل نهائي للأزمة، كذلك الخلافات التي أبرزتها حوارات المبعوث الأممي مع البلديات العام الماضي.
ولعل ما يعوق فكرة هذا الحوار، وحسب مراقبين، هو استمرار البيئة غير الملائمة لانعقاده، إذ تستمر الحرب على تخوم العاصمة طرابلس بين قوات القيادة العامة وقوات حكومة الوفاق، وسط تحشيد عسكري بين طرفي القتال. فقد أصدر قائد قوات الجيش التابعة للقيادة العامة المشير خليفة حفتر، قرارا بنقل ضباط وضباط صف وأفراد شرطة من وزارة الداخلية بالحكومة الموقتة إلى القوات المسلحة، وهو ما وصفته وزارة الداخلية بحكومة الوفاق بأنه «إجراء لتوريط أفراد من الأمن في أعمال عسكرية ليست من اختصاصاتهم ولا من تكوينهم وتدريبهم».
وما بين التحركات الدولية لحل الأزمة الليبية، والدعوات لمؤتمر محلي، يبقى سؤال وقف إطلاق النار هو علامة الاستفهام الحائرة في المشهد الليبي، في وقت يعجز فيه المجتمع الدولي عن إصدار قرار دولي حاسم لوقف الحرب، والبدء في العملية السياسية التي يتحرك الجميع من أجلها دون موقف واضح لتمهيد السبيل نحوها.