وقّع مدير الثقافة لولاية بومرداس، عبد العالي قوديد، مع رئيسة بعثة معهد الآثار لجامعة الجزائر 2، الأستاذة عائشة حنفي، على محضر انطلاق الحفريات بالموقع الأثري «مرسى الدجاج» لزموري البحري بحضور أساتذة وباحثين مختصّين ومؤطّرين لمجموعة من طلبة الدكتوراه والماستر، الذين سيشتغلون في الموقع لمدة 20 يوما كمرحلة أولى في محاولة لاكتشاف الكنوز الاثرية لهذا المعلم، الذي يعود للحقبة الحمادية بالجزائر.
بعد الخطوة الأولى التي باشرتها فرقة متخصصة في الآثار من جامعة الجزائر شهر سبتمبر من سنة 2017 بالتنسيق مع مديرية الثقافة لولاية بومرداس، التي أخذت شعار «ريادة واستكشاف أثري بموقع زموري البحري»، بناءً على القرار الوزاري المؤرخ في 28 أفريل لسنة 2016، المتضمن قرار تصنيف الموقع الذي أعطى دفعا قويا لانطلاق أعمال البحث والتنقيب، جاءت الخطوة العملية الثانية لمباشرة الحفريات، واكتشاف أغوار هذا المعلم التاريخي الهام المصنف وطنيا بناء على تقارير عديدة لمختصين منذ سنة 2007 بالنظر إلى أهميته، حيث يعود للحقبة الحمادية والزيرية وحتى الفاطمية بالجزائر في القرن العاشر، أي الرابع هجري حسب تصريحات أساتذة المعهد، كما يشكل مرجعا تاريخيا مهما يختزل عدة حضارات مرت بالمنطقة منها الفينيقية والرومانية.
موقع «مرسى الدجاج» وهي التسمية القديمة لزموري البحري يتربّع على حوالي 6 هكتارات، ظل لسنوات عرضة للإهمال وزحف الإسمنت ومحاولات عديدة للاستحواذ عليه من قبل الخواص ومقاولات البناء مع تخريب السياح المؤقت والعبث بمحتوياته التاريخية من حجارة وتحف، لولا وقوف بعض الهيئات والجمعيات الثقافية المحلية المهتمة بالآثار لحمايته، ورفع تقارير لمديرية الثقافة والمعنيين من أجل التدخل لإنقاذ الموقع الذي يشكّل معلما فريدا بما يكتنزه من تحف فنية وآثار ورسومات، وهي الخطوة التي تكلّلت في النهاية بإطلاق المرحلة الأولى المتعلقة بالريادة والاستكشاف من أجل تسييج الموقع وإعداد مخطط لانطلاق الحفريات بمشاركة الباحثين والمختصين في الآثار والدراسات التاريخية والاجتماعية.
كما شكّلت المرحلة الأولى من بداية عملية الاكتشاف أيضا التي رافقتها جريدة «الشعب» ميدانيا، خطوة لإعداد بطاقة تقنية شاملة ومفصّلة عن الموقع الأثري حسب الأساتذة المشاركين في البعثة لمساعدة علماء الآثار والباحثين الجزائريين، وحتى الأجانب لدراسة محتويات المعلم وحقبه التاريخية والحضرية والقيام بمختلف الدراسات المختصة من أجل تثمين وحماية هذا الموروث المادي الوطني، وإعداد دفتر عقاري للموقع يوضع تحت وصاية وزارة الثقافة.
بالإضافة إلى هذه الأشغال الاستعجالية، سيتم برمجة حفريات كبرى وطنية ودولية استنادا دائما لنفس المصدر، تمهّد لاكتشاف باقي المواقع الأثرية المماثلة محليا بولاية بومرداس على غرار قصبة دلس، وباقي المعالم التاريخية التي تعود لنفس الفترة الإسلامية الحمادية، أبرزها قلعة بني حماد التي تبرز الأهمية التاريخية لهذا الفترة الهامة من تاريخ الحضارات التي مرت على الجزائر بمرور الزمن، مع التفكير في تهيئته كمعلم سياحي مفتوح أمام الجمهور بعد انتهاء الحفريات، لكنها تبقى مجرد تكهنات ومشاريع نظرية يحملها الباحثون، في انتظار تجسيدها على أرض الواقع.