توسيع المتابعة القضائية إلى مسؤولي الإدارة المحلية
يأمل من جهود مكافحة الفساد العودة إلى تكريس القانون على الجميع وتطبيق نصوصه على كل من يرتكب خطأ وبالتالي يعاقب كل من ثبت في حقه التورط في جريمة أوجنحة، وجميع المواطنين سواسية أمام طائلة القانون يحاسبون من دون استثناء مسؤولين أوأقاربهم، لذا لا يكفي مكافحة الفساد في القمة بل ينبغي تعميمه لاستئصال شأفة الفساد من العمق ولأن المنظومة المحلية من ولاة ورؤساء دوائر وبلديات ومختلف مسؤولي الإدارة المحلية خاصة ما تعلق بقطاع السكن يجب أن تكون تحت الرقابة وعين مكافحة الفساد مفتوحة عليهم، على خلفية أن ملفات عديدة تتعلق بنهب العقار وتوزيع سكنات لغير مستفيدين مازالت تنتظر التطهير، لأن القضاء على أزمة السكن يبدأ من توزيعه على مستحقيه.
صحيح أن العدالة تعد الجهاز المباشر، الذي يعالج ملفات الفساد ويبت في القضايا ويحاكم المتورطين، لكن لا يجب أن يعمل جهاز العدالة وحده من أجل القضاء على الفساد ومعاقبة المفسدين لاستعادة هيبة دولة الحق والقانون، وتطبيق معايير التسيير الناجعة، وحتى تكون الإدارة في خدمة المواطن وتعود الثقة بين المواطن وإدارته المحلية، لذا ينبغي أن تتكاتف جهود ميع الفاعلين من جهاز المحاسبة وكذا المنظومة المالية وجهاز الضرائب القادر على تحصيل موارد معتبرة من الذين كانوا معفيين من دون وجه حق بفعل نفوذهم من تسديد ما عليهم من رسوم جبائية.
دون شك أن الآلة الإنتاجية والمنظومة الاقتصادية في خضم مكافحة الفساد وتطبيق القانون، ومتابعة عملية تدفق القروض، التي يجب أن تذهب للمستثمر الحقيقي مثلها مثل العقار الصناعي والسياحي، أن تنتعش وتسير في مسارها التنموي الحقيقي، كون الاستثمار في ظل الفساد كان من الصعب أن يعطي ثماره ونصل إلى اقتصاد مزدهر وصناعة صلبة لها مكانتها في الأسواق الداخلية والخارجية، كون الرشوة والعراقيل البيروقراطية كانت بالمرصاد للعديد من المشاريع الهادفة، التي كان يفترض تجسيدها واستفادة الاقتصاد والموارد البشرية العاملة منها، خاصة أن الجزائر خلال العشرية المنصرمة، كانت تتمتع باحتياطي صرف ووفرة مالية تسمح لها بالإقلاع الاقتصادي الصحيح والقوي، الذي يقفز بها إلى مصاف الدول الناشئة، وحتى تتمكن من بناء صناعة قوية تحررها تدريجيا من التبعية النفطية.
إذا محاربة الفساد لايجب أن تقتصر فقط على معاقبة المتورطين فيه بل كذلك من الضروري أن تشمل عملية استرجاع الأموال المنهوبة من أموال مودعة في بنوك أجنبية وأملاك عقارية فخمة داخل وخارج الوطن، ومن المهم أن تسري عملية معاقبة كل من ثبت ضلوعه في الفساد أوخرق القوانين، مستغلا في ذلك نفوذ وظيفته خطوة بخطوة مع مساعي استرجاع ما نهب من أموال الشعب، ولعل المنظومة المالية قادرة على التحرك للكشف عن قائمة من كانوا يضخمون الفواتير ويحولون أموالا بالعملة الصعبة بعدة طرق ملتوية. وبدوره مجلس المحاسبة يجب أن يباشر دوره في التدقيق في الحسابات وغربلة كل ما اقترف من تجاوزات مالية في المؤسسات الاقتصادية أوما تسبب في نخر الاقتصاد الوطني.