الجيش السباق في الاستجابة للمطالب الشعبية قبل اي جهة أخرى
اخلاقيـــات المهنـة تفرض الابتعـــاد عن الدعايـــــــة والترويج
اوضح الدكتور سليمان أعراج أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 ،بان الالتزام بالإطار الدستوري هو تأكيد على عقلنة وترشيد السلوك العام للمحافظة، على ضمان بقاء العمل من اجل الدولة وليس العكس ، وفي السياق ذاته تحدث اعراج على تلك الاصوات التي تطالب بالمجلس التأسيسي، قائلا انه من خلال المعطيات الميدانية اتضح اليوم أنهم ثلة صغيرة تمثل نفسها وايديولوجيتها ورؤية ضيقة كثيرا لا تمثل ولا تسع كل الجزائريين، كما ان هذه المجموعة تعلم ان فرص نجاحها في فرض خيار المجلس التأسيسي ضئيلة ان لم اقل منعدمة، لكنها تستعمل هذه الورقة من اجل الضغط والتشويش على الخيارات العامة ، كما تحدث أعراج عن نقاط عدة نكتشفها في الحوار
- «الشعب»: في اخر تصريح للقيادة العليا للجيش أكدت ان التمسك بالإطار الدستوري هو الضمان الأساسي للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها ،كيف تقرؤون هذا التمسك ؟
د. سليمان أعراج : ان الدولة العصرية هي دولة المؤسسات، والتمسك بالدستور هو عنوان اساسي للحفاظ على كيان الدولة واستمراريتها، وهو توجه عقلاني وايجابي يجسد مفاهيم اساسية ورئيسة من بينها أهمية التشبع بثقافة الدولة، الاخلاص والولاء للدولة الوطن، والوفاء لرسالة الشهداء.
زيادة على ذلك فان التأكيد على أهمية الالتزام بالاطار الدستوري هو تأكيد على عقلنة وترشيد السلوك العام الذي يحافظ على ضمان بقاء العمل من اجل الدولة وليس ألعكس كما ان التمسك بالإطار الدستوري يجسد خيارا عاما يجنب الجزائر الدخول في اية انزلاقات او القفز نحو المجهول، فلا يمكن معالجة أخطاء بخطأ آخر، والتمسك بالاطار الدستوري هو ما يصنع الفرق بين من تعدى على الدولة والمصلحة العامة، وبين من يعمل على صيانة استقرار الدولة وضمان المصلحة العامة التي يحدد مفهومها الدستور.
اذن التمسك بالدستور هو عنوان لهدف اساسي هو : تجسيد الاصلاح والتغيير في اطار ضمان استمرارية مفهوم الدولة، وفيه تأكيد على انه لا يمكن اختزال الدولة في أشخاص وأن الاخطاء يتحملها الاشخاص وليس الدولة.
- لماذا تدعوا القيادة العليا للجيش الى التنصيب العاجل ، للهيئة الوطنية المستقلة لتحضير وتنظيم ومراقبة الانتخابات الرئاسية ، كأولوية قصوى في مسار الحوار الوطني ، فيما تطالب بعض الاصوات بالمجلس الانتقالي او التأسيسي على حد قولهم ؟
تنصيب الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات هو عنوان لتركيز الجهود وتوحيد الرؤى وتجسيد لأحد أهم الاجراءات العملية التي تخرجنا من دائرة الشعارات وبيع الكلام الموجه للاستهلاك الى مستوى العمل من اجل الصالح العام، وفيها قطع للطريق على كل من يريد المتاجرة بقضايا الشعب ومستقبل الدولة لصالحه ولتحقيق مزايا وأطماع تعكس تعطش هذه المجموعات الصغيرة للسلطة، وأن هدفها ليس مصلحة الشعب، بل استعمال الارادة الشعبية كمطية لتحقيق مآربهم الشخصية والدفاع عن مصالح حلفائهم في الخارج.
كما أن اصوات المجلس التأسيسي و من خلال المعطيات الميدانية اتضح اليوم أنهم ثلة صغيرة تمثل نفسها وايديولوجيتها ورؤية ضيقة كثيرا لا تمثل ولا تسع كل الجزائريين، كما ان هذه المجموعة تعلم ان فرص نجاحها في فرض خيار المجلس التأسيسي ضئيلة ان لم اقل منعدمة، لكنها تستعمل هذه الورقة من اجل الضغط والتشويش على الخيارات العامة بهدف ضمان مقعد لها في المشهد السياسي وضمان مصالحها، وضمان تواجد العناصر الممثلة لها.
- دعت القيادة العليا للجيش وسائل الإعلام الوطنية إلى عدم الوقوع في مغالطات أعداء الوطن الى أي مدى يمكن ان تؤثر هذه الوسائل في تغيير مسار العمل بالإطار الدستوري ؟
كنا نتحدث عن مساعي شخصية وفئوية، تسعى لفرض نفسها ومنطقها على الخيار العام الذي يجسد ويحمي المصلحة العامة، وقلنا أن هذه الفئات هي نفسها من تتحدث عن التفاوض بدل الحوار، والتعيين بدل الانتخاب، وتروج لمنطق المظلومية بدل مفهوم المواطنة ، وتقدم نفسها على انها ضحية ممارسات اقصائية ، وانها تمتلك تصورات وحلولا على ما يبدوا أنها وهمية ، وهو ما يجعلها كما قلت تؤدي دور الضحية رغم انها كانت شريكة ولو بصفة غير مباشرة ومستفيدة من واقع النظام السابق.
وهنا ظهر دور الاعلام ، أو بعض الابواق التي كانت منصات للترويج للأفكار والمغالطات، أين لاحظنا انه ومنذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري كانت فيه ممارسات سلبية فيها الكثير من التحامل والكثير من الانتقائية في التعامل مع الأشخاص والأفكار ، والانزلاقات في بعض الاحيان، ودعني أقول أنني لاحظت بعض التحيز في المعالجة الاعلامية والكثير من التضخيم والتهويل الذي مارسته وسائل إعلام وطنية وأجنبية، في صورة تسعى ليس لنقل الحقيقة وتنوير الرأي العام، بل وكأنها تقول أن الفرصة مواتية لقلب ألأوضاع لا أدري ان كان ذلك بفعل عنصر المفاجئة الذي صنعه الحراك الشعبي والذي لم يكن متوقعا لدى وسائل الاعلام بزخمه وسلميته، أو قلة التجربة في ظل تغطيات ساخنة وأخرى محرضة مارستها بعض وسائل الاعلام الأجنبية ، لكن تصاعد خطاب العقل والعقلانية وتجليه يوما بعد يوم ساعد على ظهور الحقائق وجعل الكثير من وسائل الاعلام اليوم تعيد ضبط بوصلتها و تأدية دورها في مرافقة الحراك الشعبي وفي نشر الوعي بالحفاظ على السلمية وفي تنوير الرأي العام لمواجهة النشاط الموازي الذي تقوم به بعض المجموعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
لتأتي دعوة الفريق نائب وزير الدفاع الوطني لوسائل الاعلام بالتحلي بالإيجابية وذلك ايمانا بالدور الذي تؤديه وإقرارا بأهميتها ومكانتها في ظل هذه الفترة ألحساسة، فدور الاعلام مهم وبقائه على نهج الموضوعية والحياد بعيدا عن التحيز وممارسة الدعاية والترويج هو قضية تستوجبها وتفرضها اخلاقيات المهنة قبل ان تستوجبها حساسية الأزمة الحالية ، لذلك اقول أن الاعلام في الجزائر يجب أن يكون ويجسد صوت الوطن.
- بعض الأطراف يزعجها أمن الجزائر وحتى استقرارها ، ما يجعلها عرضة للطامعين والمغامرين ، وتملك القيادة العليا للجيش معلومات مؤكدة حول مخططات معادية، سبق وأن حذرت منها ومن مخاطرها وتهديداتها ، ماهي الطريقة التي تراها كفيلة بفضح هذه السيناريوهات وكشف اصحابها ؟ وهل الظرف الراهن مناسب لذلك ؟
الحقيقة وجب قولها، وهي أن دور الجيش الجزائري ممثلا في قيادته قدم درسا للجميع في الداخل والخارج حول مفهوم الوفاء والاخلاص وحماية الوطن، وبرهن ميدانيا عن قدرته في ان يجسد خاصيته ومميزاته التي تعكس امتداده الشعبي وعمق الرابطة جبش –أمة، وان قيادة الجيش كانت السباقة الى الاستجابة للمطالب الشعبية قبل اي جهة أخرى، وبالتالي هناك عمل جبار تقوم به مختلف مصالح الجيش الوطني الشعبي وتسهر عليه قيادة اركان الجيش،
اعتقد ان الظرفية الحالية تستوجب العمل في صمت من اجل الوطن، لضمان خروج امن من الازمة من جهة ولمواصلة تفكيك شبكة المتربصين بالجزائر من جهة اخرى، واعتقد ان تطورات الاحداث في ظل تأطير قوي من قبل قيادة الجيش الوطني الشعبي والجهد الجبار الذي يقوم به جهاز العدالة كفيل بغربلة وتصفية المشهد العام من كل الفاسدين والمفسدين والمتربصين وإذناب العصابة
- تبني الحوار يعد السبيل الأمثل لتقريب وجهات النظر والوصول بالبلاد إلى بـر الأمان ماهي وسائل نجاحه ؟
صناعة وصياغة مشروع توافق وطني، والاتفاق حول التصور الذي يمكن او يجب ان تكون عليه طريقة الاستثمار في الضمانات المقدمة لتجسيد الارادة الشعبية ، انطلاقا من الهيئة الوطنية العليا لتنظيم ومراقبة الانتخابات، وأهم التعديلات الواجب توفرها في قانون الانتخابات ، والاتفاق حول كيفية المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتجند لإنجاحها وانتاج رئيس يمثل ويجسد الارادة الشعبية، وأهم الخطوط العريضة التي يجب ان يراعيها مشروع ورشات الاصلاح التي سيعمل الرئيس القادم على فتحها الى جانب مواصلة مكافحة الفساد، لكن يجب ان نفهم أن الاصلاح لا يعني تعطيل اجهزة وهياكل الدولة تعطيلا كليان بل يجب ان يكون اصلاحا من الداخل للمنظومة وللسياسات و للذهنيات.
اضافة الى ذلك فالدور قائم على مختلف الفواعل المجتمعية المساهمة في انجاح الحوار من خلال تقديم تصورات ومبادرات مدروسة في شكل عرائض يتم تصنيفها من قبل اللجنة في اطار التحضير لندوة وطنية جامعة، لان رهان اللجنة مرتبط بمخرجات الندوة الوطنية الجامعة.
- وصفت القيادة العليا للجيش الاقليات الرافضة للمبادرات المقدمة على انها مرتبطة بالعصابة، من خلال رفعها لشعارات مغرضة ونداءات مشبوهة تقلل من اهمية ما تحقق من انجازات سواء على المستويين القضائي او السياسي، ماهي غايات هذه الاطراف ؟
في هذا السياق تجدر الاشارة الى الحملة المغرضة المرفوقة بشعارات سلبية تصب في خانة التشويش والتشكيك ورفض كل شيء، دون تقديم وجهة نظر مقبولة أو بدائل منطقية تجمع ولا تفرق، من اجل ذلك فإن تتبع حركة ومسار تكوين هذه الشعارات نجدها تشكل امتدادا لمشروع العصابة واذنابها، ومنطق تلك الشعارات لا يختلف عن منطق العصابة التي تلاعبت بالدولة ومؤسساتها، ورفع شعارات سلبية هو جزء من هدف اطالة عمر الأزمة والدفع نحو الاحتقان، فلا يوجد مبرر الى غاية الان يدعوا الى رفع شعارات سلبية او رفض كل شيء، من اجل ذلك يمكن القول ان التحامل على المؤسسة العسكرية هو جزء من مسعى هدفه الوصول الى تقييد أو تحييد دور الجيش، كما ان رفع شعار العصيان المدني هو محاولة من اذرع العصابة لإطلاق بالون اختبار لقياس الجو العام ولمعرفة امتداد شعاراتها من اجل تحديد أو تجديد نهجها، فيمكن القول أن هناك محاولات للانتقال الى خطة أخرى الهدف منها دائما هو استهداف استقرار الجزائر، وخلط الاوراق.
مرافقة الجيش الوطني الشعبي للعدالة والمطالبة بفتح جميع الملفات دعوة تتضمن اعلان نية وارادة قوية تعكس ضرورة مكافحة الفساد واجتثاثه من مفاصل الدولة وفيه تأكيد على مسعى إعادة الانضباط والصرامة و هيبة الدولة وهو اكثر من ضرورة اليوم لتصحيح الأخطاء وإعادة مسار البناء للسكة الصحيحة، و موقف الجيش يعد ضمانة رئيسية وأساسية لمباشرة الإجراءات في جو من الطمئنينة والاستقرار
- ماهو تعليقكم عن ماتم تناوله حول «سجناء الرأي» ؟
الترويج لقضية سجناء الرأي، مجرد ادعاءات ومغالطات ومن يطرح هذه الأفكار يحاول الهروب إلى الأمام، ودعني اقول ان من يروج لمثل هذه الطروحات هم نفس المجموعات الصغيرة التي كانت تقول ان الوقت غير مناسب لمحاسبة الفاسدين وروجت لمفاهيم بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع على غرار وصفهم لتحرك القضاء بالعدالة الانتقالية الانتقائية و عدالة الهاتف وغيرها من الشعارات والمغالطات الفضفاضة، من أجل ذلك يمكن القول أن من يشكك في العدالة فهو متورط بشكل مباشر أو غير مباشر في قضايا الفساد أو ان مصالحه تتناقض مع قيام العدالة بدورها على اكمل وجه.