تكاد تكون أيام الصيف الرطبة وبالًا على البشر نظرًا إلى قسوة الظروف المناخية التي تسود خلالها. فالرطوبة، أو كمية الرطوبة في الهواء، يمكن أن تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، فتغدو عملية تبخر العرق من جسم الإنسان أكثر بطئًا. كما أن الهواء الساخن ودرجات الحرارة المرتفعة يمكن أن يشكلا خطرًا محتملًا على صحة أجسادنا. ولكي نكون قادرين على فهم التأثيرات السلبية للرطوبة على صحتنا، لا بد أولًا من فهم الآلية التي تنظم الحرارة الداخلية لجسم الإنسان. تعد الخلايا العصبية الموجودة في منطقة تحت المهاد (الوطاء) داخل الدماغ هي المسؤولة عن هذه العملية؛ فعندما ترتفع درجة حرارة الجسم ارتفاعًا كبيرًا، ترسل تلك الخلايا إشارات عصبية إلى الغدد العرقية كي تفرز العرق إلى خارج الجسم. وبعدها يتبخر ذلك العرق مما يؤدي بدوره إلى تبريد أجسامنا. ولكن عندما ترتفع نسبة الرطوبة في الهواء فوق الحد الطبيعي، كما هو الحال في المناطق ذات المناخ الرطب، عندها لا تسير تلك العملية على ما يرام، ولا يتبخر العرق خارج أجسامنا، مما يعني ارتفاع درجة حرارتها الداخلية. وهكذا حتى تنخفض حرارة الجسم لا بد من بذل طاقة أكبر، مما يقود إلى الإفراط في التعرق، وزيادة معدل الدورة الدموية، وزيادة عملية التنفس. وينعكس هذا كله سلبًا على صحة الجسم، فالتعرق المفرط قد يسبب نقصًا في السوائل والمواد الكيميائية التي يحتاجها جسدنا لتأدية وظائفه بصورة جيدة.
للرطوبة تأثيرات سلبية عديدة على صحة الإنسان؛ فدرجة حرارة الهواء في ظل الجو الرطب تكون أعلى من الدرجة المسجلة، ما يؤدي إلى شعور المرء بالخمول وانخفاض مستوى الطاقة في جسمه. كما أن الارتفاع المفرط في درجات الحرارة يؤثر على طريقة تأدية الجسم لوظائفه الحيوية، مما يؤثر على صحتنا ويجعلنا عرضة لعدد كبير من المخاطر الصحية أهمها: الإصابة بالجفاف أو الإعياء، والمعاناة من حالات الإغماء، وتشنج عضلات الجسم، فضلًا عن خطر الإصابة بضربات الشمس أو الإعياء الحراري. فإذا عانى الإنسان من أعراض الصداع أو الارتباك أو التقيؤ، عندها لا بد من طلب المساعدة الطبية فورًا، فهي تشير إلى إصابته بضربة الشمس. من جهة أخرى، تحتوي المفاصل في جسم الإنسان على أعصاب حسية تسمى مستقبلات الضغط ، وهي تستجيب للتغيرات الحاصلة في الطقس. فعندما يتغير الطقس، يتغير ضغط الهواء بدوره، وبالتالي يستجيب الجسم وفقًا لذلك. على سبيل المثال، ينخفض الضغط الجوي إذا كان الطقس ممطرًا ورطبًا، مما يؤدي إلى توسع الأوتار والأربطة والعضلات. ونتيجة لهذا الأمر تستجيب مستقبلات الضغط في أجسادنا، وتحاول مساعدة الجهاز العصبي المركزي في عملية تنظيم مقاومة الأوعية الدموية وتقلصات القلب. وهكذا فإن الأشخاص الذين كانوا يعانون سابقًا من آلام المفاصل أو العضلات، ستتفاقم حالتهم سوءًا نتيجة توسع الأوتار والأربطة والعضلات. ولا تقف تأثيرات الرطوبة عند هذا الحد، فهي تضطلع بدور كبير في ارتفاع لزوجة الدم داخل الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط في الأوعية الدموية، وإجبار القلب على بذل جهد إضافي لضخّ الدم إلى جميع أنحاء الجسم. كما أن الرطوبة تتسبب في تحوّل شعر الإنسان ليغدو مجعدًا ويفقد نعومته. أخيرًا، لتجنب التأثيرات السلبية الناجمة عن الرطوبة، يجب على المرء شرب كميات كبيرة من السوائل، واللجوء إلى الأماكن ذات الحرارة المنخفضة أثناء الطقس الرطب. والمقصود بذلك هو العثور على غرف مكيفة والبقاء فيها مؤقتًا، وخصوصًا إذا كان الشخص أو رفاقه من المعرضين للإصابة بإحدى الحالات المذكورة في الأعلى (الأشخاص المعرضون لخطر أكبر هم كبار السن والأطفال). وأخيرًا يجب الاتصال بالطوارئ فورًا وطلب الرعاية ا